الثلاثاء 16 أبريل 2024 11:16 صـ 7 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

وفاة التنظيم الدولى

كل يوم يمضى تقترب جماعة الإخوان المسلمين من مصيرها المحتوم للتفكك والزوال، وقد تجاوز الأمر الجماعة الأم فى مصر لتجد كل الجماعات الأخرى فى تونس وفلسطين وليبيا واليمن وتركيا وسوريا أمام سؤال محورى: هل الأفضل لها هو إعلان وفاة التنظيم الدولى الذى بات بأفعال الجماعة الأم فى مصر موصوماً بالإرهاب فى دول عديدة؟ أم الاستمرار ومواجهة المخاطر الخطيرة لاستمرار هذا التنظيم الدولى؟

ثم يطرح السؤال الأبرز نفسه: وماذا عن جماعة الإخوان فى مصر هل أصبحت إلى زوال بغير رجعة أم ستقاوم موتها قدر المستطاع؟ ثم هل سيستمر الشباب على تبعيته وقد تكشف له أن اشتراكاته تذهب للاستثمار فى أوروبا فى مصانع خمور وملاه ليلية وبيع وإنتاج ملابس داخلية للنساء؟

هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها فى السطور التالية:

فى البداية نشير إلى أن التنظيم الدولى للإخوان أصيب فى مقتل من النتائج التى ترتبت على 30 يونيو وأطاحت بمرسى والجماعة من السلطة وساهمت فى هدم بنيان التنظيم الذى صار أغلبية أعضائه ما بين سجين وهارب خارج مصر وانهارت امبراطوريته المالية التى اقامها على مدى عشرات السنوات وبالفعل عقد التنظيم الدولى عدة اجتماعات أول هذه الاجتماعات كان فى إسطنبول بتركيا فى  يوليو 2013 تحت عنوان "العالم فى ظل الانقلاب على إرادة الشعوب"، والثانى فى لاهور بباكستان 25 سبتمبر 2013 والذى جاء عقب حكم محكمة الأمور المستعجلة بعابدين، بحظر أنشطة الإخوان المسلمين وأى مؤسسة متفرعة منها أو تابعة لها أو منشأة بأموالها أو تتلقى منها أيًا من أنواع الدعم، مع  التحفظ على أموال الجماعة وتشكيل لجنة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء لإدارتها.

حيل المؤسسين

المعلومات التى تكشفت عقب وصول الإخوان للسلطة ثم عزلهم  اوضحت أن مجلس الشورى العام الذى يتألف من ثلاثين عضوًا على الأقل، يمثلون التنظيمات الإخوانية المعتمدة فى مختلف الأقطار- يعقد جلساته مرة كل عام، فى أى مدينة يتيسر اجتماعه فيها من مدن العالم العربى والإسلامى، ومن أكثر الأماكن التى اجتمع فيها مكة أو المدينة تحت مظلة العمرة، كما سبق عقد اجتماعاته فى تركيا، وبيروت، وعمان.

ومن أهم القيادات الإخوانية التى لعبت دورًا بارزًا ورئيسًا لتأسيس التنظيم الدولى للجماعة، المرشد الخامس للجماعة "مصطفى مشهور"، والذى يعد الأب الروحى للتنظيم الدولى للجماعة، حيث عمل على توسيع شبكة الإخوان خارج مصر، لتضم التنظيمات الإخوانية المعتمدة فى العالم العربى والإسلامى وخارجه، بل امتدت تلك العلاقات لتشمل تنظيمات إسلامية أخرى لا تخضع تنظيميًا لقيادة الجماعة وإنما كانت متوافقة معها فى المنهج كالجماعة الإسلامية فى باكستان والحزب الإسلامى فى ماليزيا، كما عمل  بمشاركة عدد من القيادات أمثال كمال السنانيرى وأحمد الملط على جمع خيوط كل التنظيمات الإخوانية المنتشرة فى العالم لاسيما العالم العربى وساعدهم فى ذلك مواسم الحج.

وخلال فترة التسعينيات، شهد التنظيم الدولى للإخوان خلافًا سياسيًا وفقهيًا بين أعضائه، حول أسلوب التعامل تجاه الغزو العراقى للكويت، الأمر الذى أدى إلى انشقاق إخوان الكويت عن التنظيم لكن تم إعادة اللحمة لاحقاً وبدأ التنظيم الاخطبوبى منتشياً بما حققه واعتقد أنه قد اقترب من السيطرة الكاملة على السلطة فى مصر وتونس وسوريا وليبيا واليمن غير أن الضربة التى حدثت للجماعة فى مصر قادت التنظيم لحالة من التقزم تتجلى انعكاساتها فى بدء أول خيوط تفكيك التنظيم الدولى للإخوان الذى يضم كلا من:

 حركة النهضة فى تونس، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإخوان الأردن والإخوان فى سوريا والسودان وإخوان الكويت وجمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعى، التى تعد واجهة الإخوان المسلمين فى الإمارات ثم الإخوان فى عدد من دول أوربا مثل ألمانيا وبلجيكا وهولندا ثم بريطانيا التى يعد مكنب الإخوان بلندن من ابرز معالمها ثم فرنسا وايطاليا كما يعد الوجود الابرز فى أمريكا حيث يتواجد الإخوان فى 35 ولاية امريكية.

أسباب التفكيك

يرجع كثير من المصادر التى تحدثت معها عملية تفكيك التنظيم باعتبارها محاولة انقاذ لجماعة صارت موصومة بالإرهاب ولم يعد بمقدور الفروع التى نجحت فى البقاء مثل اخوان تونس وغيرها الاستمرار تحت عباءة الجماعة الأم المنهارة فى مصر وبالتالى الأمر برمته محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من جماعة فى خطر وبحسب مصادر موثوقة فإن كل فروع الإخوان خارج مصر حصلوا على ضوء أخضر بالانفصال الذى يراه متخصصون فى دراسة هذه الجماعة بأنه مرحلى ومؤقت ومرتبط بالظرف الحالى الذى تمر به الجماعة وقد عبر عن هذا قيادة إخوانية بارزة فى الخارج بقوله:

 “لا بأس” من خطوات أى فرع للتنظيم طالما تخدم الأهداف العامة للأوطان، فى إشارة إلى حركة حماس، ووثيقتها السياسية الجديدة،  التى صدرت دون أى ذكر لارتباط بالتنظيم الأم فى مصر، على غير ميثاقها الأول عام 1988، وتبعها تأكيد الرئيس السابق لمكتبها السياسى، خالد مشعل، فى تصريحات صحفية أن حماس تنظيم مستقل وان ارتبطت فكريا بتيار الإخوان.

الخطوة الأبرز

ويجب ألا ننسى أن خطوة حركة حماس للتأكيد على استقلاليتها عن الإخوان، كانت سبقتها أخرى مماثلة فى يناير، من اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، الذى يوصف بأنه الجناح الأوروبى للجماعة، وأسسه كثير من رموزها بالخارج.

والأمر ذاته وقع أيضا فى سبتمبر 2016، من محمد اليدومى، رئيس حزب الإصلاح اليمنى المحسوب على الإخوان باليمن، وقبل هؤلاء جميعا زعيم حزب النهضة التونسى راشد الغنوشى الذى اعتاد فى الأعوام الاخيرة أن يؤكد عدم تبعية الحركة تنظيميا للإخوان فى مصر، وهو امر يفسره الخبراء بأنه استسلام إخوانى للأمر الواقع فى محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من جماعة انهارت فى وفنرة وجيزة بعد أن استقر بناؤها اكثر من ثمانين عاماً.

موضوعات متعلقة