بين الولاء لأوروبا وضغوط موسكو: الغاز يشعل أزمة استراتيجية في قلب القارة الأوروبية
تتعمّق أزمة الطاقة الأوروبية من بوابة سلوفاكيا، بعد إبرام حكومة براتيسلافا اتفاقًا جديدًا مع موسكو لتوريد الغاز عبر خط "ترك ستريم" الروسي رغم خطة الاتحاد الأوروبي لوقف وارداته من موسكو بحلول 2027. هذا التحوّل أثار اتهامات من بروكسل تُوصف فيها السلوكيات السلوفاكية بـ "خيانة لخط الطاقة المشترك"، في وقت تعم الاحتجاجات شوارع البلاد، بين مناصرين للتقرّب من روسيا وبين مدافعين عن الولاء للمشروع الأوروبي.
ويُنظر إلى هذا الاتفاق كإشارة واضحة على ضعف تماسك الاتحاد الأوروبي أمام النفوذ الروسي المتجدّد. فبعد انتهاء عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا في بداية عام 2025، لجأت سلوفاكيا إلى خطوط بديلة عبر تركيا والمجر، مستغنية جزئيًا عن التزام الاتحاد بخطة التخلص التدريجي من الغاز الروسي. وشدد رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيكو، على أن شروط المفوضية الأوروبية بهذا الشكل "غير مقبولة"، محذرًا من ارتفاع رسوم العبور وأعباء مالية إضافية إذا أُرغِمت بلاده على قطع العلاقة مع الغاز الروسي
هذه الخطوة تُظهر أن روسيا ما زالت تمتلك ورقة استراتيجية قوية، وقادرة على استخدام الغاز كعنصر نفوذ اقتصادي وسياسي داخل الاتحاد. من جهة أخرى، تكشف سلوفاكيا هشاشة خطة الاتحاد الأوروبي للتخلي عن الغاز الروسي، خاصة عندما تتصادم الأهداف الأوروبية مع مصالح بعض الدول الأعضاء، ما أعاق تمرير عقوبات على موسكو بعد رفض سلوفاكيا تقديم ضمانات بعدم تعرضها لأضرار اقتصادية جسيمة
كما يشعر جزء من الشعب السلوفاكي بأن بلده مضطر للاختيار بين الاستقلال الطاقوي والانضمام لأوروبا، ما يخلق انقسامات حول المخاطرة الاقتصادية بالانحياز لأوروبا أو الهوية و ضمان أسعار منخفضة للطاقة عبر روسيا
في هذا السياق، أكد الخبير في النفط والطاقة الدكتور ممدوح سلامة،: أن"أوروبا تواجه معضلة استراتيجية بالغة، ليس فقط أمن الطاقة، بل كيف تتخلص من تورطها مع روسيا دون أن تُجرّ شعوبها إلى أزمات اقتصادية خانقه"
أصبحت أزمة الغاز في سلوفاكيا ليست مجرد مسألة طاقة، بل معركة سياسية وجيو‑استراتيجية داخل الاتحاد الأوروبي يمسّ فيها نفوذ موسكو تماسك التكتّل، وقد تشكل نقطة محورية في إعادة رسم خطوط التوازن بين أوروبا وروسيا.


.jpg)

.png)














.jpg)


.jpg)
.jpg)
