سباق تسلح صاروخي بين واشنطن وموسكو وبكين
حروب السماء تشتعل بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.. ومخاوف دولية من حرب باردة جديدة
في عالم يقف على حافة الانفجار، انتقل سباق التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا والصين من الأرض نحو السماء، لتشكل من خلاله مرحلة جديدة من الحرب الباردة، حربا، أصبحت فيها الصواريخ الباليستية والكروز والفرط صوتية مفاتيح النفوذ العالمي، وأدوات الصراع الخفي بين القوى العظمى.
الصواريخ الباليستية
تعد الصواريخ الباليستية العمود الفقري لميزان الردع النووي للأقطاب الثلاثة، إذ تنطلق بسرعة خارقة إلى خارج الغلاف الجوي، لتعود بعد دقائق حاملة رؤوسا قادرة على محو مدن بأكملها.
وتعمل الصواريخ الباليستية بالوقود السائل أو بالوقود الصلب، وتعتمد هذه الصواريخ على مسار قوسي منحني لتوصيل الرأس المتفجر إلى الهدف وتحلق على ارتفاعات أعلى وتصطدم بالأرض بسرعات عالية بسبب قوة الجاذبية.
ويمكن إطلاقها من صوامع تحت الأرض أو غواصات تحت الماء، بعد الإطلاق، تخرج هذه الصواريخ أولاً من الغلاف الجوي للأرض، ثم تسقط نحو الهدف تحت تأثير الجاذبية وقد تم تصميم لتنفيذ الهجمات أو الضربات بعيدة المدى.
وتستطيع الصواريخ الباليستية حمل متفجرات تقليدية، أو ذخائر كيميائية، أو بيولوجية، أو نووية، ويمكنها الوصول إلى سرعة 5 ماخ أو 5 أضعاف سرعة الصوت، التي تقدر بنحو 6174 كيلومترات في الساعة، ويبلغ مداها الأدنى حوالي 1000 كيلومتر.
صواريخ الكروز
أما صواريخ الكروز، فهي أكثر دهاء وهدوءا، تطير على ارتفاعات منخفضة، وتتسلل بهدوء، وتضرب أهدافها بدقة قاتلة دون سابق إنذار، ويمكن إطلاقها من منصات أرضية أو جوية أو بحرية، وأسلوب عملها قريب من الطائرة، لكن قلة من هذه الصواريخ تتخطى سرعتها سرعة الصوت.
وتحلق هذه الصواريخ داخل الغلاف الجوي على ارتفاع منخفض مما يصعب على الرادار اكتشافها، ويمكن أن تتجنب من الرادار عبر الالتفاف حول التضاريس مما يصعب اعتراضها، كما أن بعض من هذه الصواريخ قد يحمل رأساً نوويا.
وتُعد صواريخ كروز من أخطر الأسلحة لتدمير الأهداف قصيرة المدى، حيث يمكنها الضرب من مسافة 200 إلى 1000 كيلومتر، وتُستخدم أيضا لتدمير السفن الحربية المعادية في البحر، ويمكنها إطلاق أسلحة تقليدية ونووية.
ومن أبرز الأنواع المعروفة من صواريخ كروز صاروخ "توماهوك" الأمريكي و"كاليبر" الروسي، والتي تعد من أخطر الصواريخ الجوالة في العالم.
الصواريخ فرط صوتية
أخطر ما أنتجه سباق التسلح في العقد الأخير هي الصواريخ الفرط صوتية، والتي تمزق حدود الزمن، إذ تفوق سرعتها سرعة الصوت بأضعاف، ولا يمكن لأي نظام دفاعي معروف اعتراضها.
وتعتبر تقنية الصواريخ فرط صوتية معقدة للغاية، لذلك لا يمتلك هذه الصواريخ سوى عدد قليل من دول العالم، إذ تتميز بأنها يمكنها أن تحلق على ارتفاعات منخفضة مقارنة بالصواريخ الباليستية، كما تمتلك الصواريخ فرط الصوتية القدرة على المراوغة التي تتيح لها اختراق الدفاعات الجوية بسهولة، وتعيق تتبعها.
ويصل مدى الصواريخ الفرط صوتية إلى 5000 كيلومتر يمكن إطلاقها من الطائرات المقاتلة، كما يمكنها حمل رؤوس حربية تقليدية أو نووية، وبفضل سرعتها، يمكنها تجنب أنظمة الدفاع لمختلفة وبالطبع أجهزة الرادار.
وتكمن خطورة هذه الصواريخ في قدرتها على الوصول للهدف بسرعة كبيرة والمناورة، وتترك أمام الخصم وقتا محدودا لإدراك أنه يتعرض للهجوم، ونظرا لسرعتها، فإنها تتمتع بقوة تدميرية هائلة بالاعتماد على طاقتها الحركية، إذ إن ارتطام صاروخ بلا حشوة بسرعة 9 ماخ يولد طاقة تدميرية تعادل 3 أطنان من مادة "تي إن تي".
سباق تسلح صاروخي
وتحاول الولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها العسكري بمشروعاتها "دارك إيجل" و"جلوبال سترايك"، في مواجهة روسيا التي تتفاخر بصواريخها "أفانجارد" و"كينجال"، وتعلن أن لا درع في العالم قادرة على صدها، أما الصين، فقد دخلت السباق بقوة، تطور صواريخ قادرة على إصابة أهدافها بدقة عبر آلاف الكيلومترات، في رسالة واضحة للعالم مفادها أن موازين القوى لم تعد كما كانت.
ورغم محاولات التهدئة والدعوات إلى ضبط التسلح، فإن سباق الصواريخ اليوم لا يقل خطرا عن سباق التسلح النووي، فكل تجربة إطلاق جديدة تشعل نار القلق في دول العالم، وتزيد من احتمالات المواجهة.
خبراء عسكريون يتحدثون لـ "النهار"
العقيد متقاعد بالجيش الأمريكي إيريك روجو، أكد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عمل على تغيير منهجية الجيش من حالة الدفاع لحالة الحرب وهو ما ظهر في تغيير اسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى وزارة الحرب، مايعني أن هناك توجه جديد في السياسات العسكرية الأمريكية في التعامل مع التحديات التي تواجه واشنطن والتي من ضمنها روسيا والصين.
وكشف في تصريحات خاصة لـ "النهار" أن الولايات المتحدة تمتلك برنامج صاروخي هو الأقوى على مستوى العالم قادر على الوصول إلى أي هدف ويعمل على تحقيق الردع الأمريكي، لكنه أكد في ذات الوقت أن روسيا والصين تمتلكان برامج صواريخ قوية هي الأيضا لا تقل كفاءة عن البرامج الصاروخية الأمريكية.
في ذات السياق، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سيد غنيم أن سبتق التسلح الصاروخي بين الولايات المتحدة والصين وروسيا لم يكن وليد اللحظة ، بل منذ عقود مضت، لكن ما شهده العالم من متغيرات خلال العقد الأخير خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ومنطقتي المحيطين الهندي والهادئ، ساهم في تسريع وتيرة هذا السباق.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "النهار" أن روسيا والصين تمتلكان برامج صاروخية جيدة وتقوم بتزويد الدول الحليفة لها بهذه الصواريخ في رسائل سياسية غير مباشرة للولايات المتحدة، وهو ما ظهر في الحالة الإيرانية والفنزويلية، مشددا على أن الصواريخ هي خطر صامت يهدد العالم وربما يدفعه نحو حرب عالمية جديدة.
في هذا المشهد المشتعل، تبقى الصواريخ الباليستية والكروز والفرط صوتية أكثر من مجرد أسلحة، إنها مرآة لمرحلة جديدة بين أقطاب متعددة، وفي ظل هذا السباق المحموم ، يقف العالم متوجسا، يعلم أن خطأ واحدا في هذا التوازن الهش.. قد يؤدي إلى شرارة لحرب عالمية جديدة.


.jpg)

.png)














.jpg)


.jpg)
.jpg)
