النهار
الأربعاء 1 أكتوبر 2025 07:42 مـ 8 ربيع آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
حملة لرفع إشغالات الطريق بحي ثان المحلة الكبرى جامعة المنصورة الأهلية الأولى على مستوى الجامعات الأهلية في الأنشطة الطلابية قطع غيار السيارات بتجارية الإسكندرية تناقش خطة العمل المستقبلية في ظل الوضع الراهن أمال ماهر للإفتتاح وصابر الرباعي وسوما في الختام.. أنطلاق مهرجان الموسيقى العربية ال33 بمشاركة كوكبة من النجوم ”شراكة مجتمعية مستدامة” شعار 57357 في اليوم العالمي للسياحة البنك المركزي المصري يستضيف الدورة التاسعة من مؤتمر البنوك المركزية الأورومتوسطية بالقاهرة الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن السبت الجدول الزمني لانتخابات مجلس النواب 300 جنيه للمادة.. حبس شاب عامين وغرامة 100 ألف جنيه باع إجابات امتحانات الثانوية العامة على فيس بوك في قنا جامعة المنصورة تحصد الجائزة الذهبية في مسابقة ”أفضل جامعة في الأنشطة الطلابية” نائب محافظ الدقهلية يعقد اجتماعا لمناقشة واستعراض موقف تنفيذ مشروعات الخطة الاستثمارية ”العدل ”يعقد اجتماعا لدعم سياسة التحول الرقمي وتقديم الخدمات المميكنة عبر المراكز التكنولوجية البابا تواضروس الثاني يزور معهد القديس ديديموس للمرتلين بدير المُحرق العامر بأسيوط

د. حمادة الزويدي يكتب: أمسك عليك لسانك

د .حمادة الزويدي  عالم بالأزهر الشريف
د .حمادة الزويدي عالم بالأزهر الشريف

مما لا شك فيه ان للكلمة أهميتها في حياة الفرد والمجتمع وهي من أهم أسباب نجاة الإنسان وهلاكه في الدنيا والآخرة لذا ضرب لها الله المثل في القران الكريم فقال ا﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) الآيات من سورة إبراهيم

ليتنا نتعلم خطورة ما ننطق به ونستهين به ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة حديث رقم٦٤٧٨ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ. فهذا الذي نحسبه هينا وهو عند الله عظيم

وهكذا تتجلى القيم الأخلاقية للكلمة في أروع صورها على لسان الجناب النبوي في قوله( من رضوان الله) وفي قوله (من سخط الله) وكأن من رضى الله عنه لا يقول إلا ما يرضيه سبحانه وأن الكلام السيئ ناتج من غضب الله على العبد.

وإذا نظرنا إلى حياة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدناهم ينشغلون بعيوبهم وبما ينجيهم من أهوال يوم القيامة ويسألون عن ذلك رسول الله صلى الله عليه

فهذا عقبة بن عامر رضي الله عنه يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالا عن النجاة في الدنيا والآخرة يقول قلت يا رسول الله ما النجاة فقال( قلتُ يا رسولَ اللهِ ما النَّجاةُ قال أمسِكْ عليكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتِكَ )أخرجه الترمذي في سننه بسند حسن برقم 2406 والإمساك هنا ليس على إطلاقه لأن الكلمة الطيبة وكلمة الحق والخير يستحب النطق بها لا الإمساك لأنه صلى الله عليه وسلم قال في جزء من حديث آخر ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)

يظن بعض الناس أن بعض الكلام من اللمم أي صغائر الذنوب لا يحاسب عليه الإنسان ولا يعذب به بين يدي الله ونحن نرجو من الله ذلك لكن الأدلة والنصوص على خلاف هذا الظن ففي الصحيحين من حديث ابن عباس قال (مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحَائِطٍ مِن حِيطَانِ المَدِينَةِ، أوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ في قُبُورِهِمَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ ثُمَّ قالَ: بَلَى، كانَ أحَدُهُما لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ، وكانَ الآخَرُ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ. ثُمَّ دَعَا بجَرِيدَةٍ، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ علَى كُلِّ قَبْرٍ منهما كِسْرَةً، فقِيلَ له: يا رَسولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هذا؟ قالَ: لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عنْهما ما لَمْ تَيْبَسَا أوْ: إلى أنْ يَيْبَسَا.)، وكذا حديث امرأة دخلت النار في هرة حبستها، وكذا حديث التي كانت تأذي جيرانها قال صلى الله عليه وسلم هي في النار .

ومن شنائع الظنون والتي يغفل عنها كثير من الناس أنهم يظنون في فعلهم للطاعة محوا لما اقترفوه من معصية ويستدلون على ذلك بقوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات )وهذاحق لكنهم نسوا أن السيئات أيضا تذهبن الحسنات وتفنيها فقد كشف النبي صلى الله عليه وسلم عن مشهد من مشاهد الآخرة فيه القصاص العادل الذي تؤخذ فيه الحسنات حتى تنتهي ثم يؤخذ من سيئات الناس ويضاف الى سيئات المقترفين للذنوب والغيبة والنميمة حين سأل أصحابه صلى الله عليه وسلم فقال (أتَدرونَ ما المُفلِسُ ؟قالوا من لا درهم له ولا متاع فقال إنَّ المُفلسَ من أُمَّتي مَن يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ ، وزكاةٍ ، ويأتي وقد شتَم هذا ، وقذَفَ هذا ، وأكلَ مالَ هذا ، وسفكَ دمَ هذا ، وضربَ هذا ، فيُعْطَى هذا من حَسناتِه ، وهذا من حسناتِه ، فإن فَنِيَتْ حَسناتُه قبلَ أن يُقضَى ما عليهِ ، أُخِذَ من خطاياهم ، فطُرِحَتْ عليهِ ، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ ) صحيح مسلم عن أبي هريرة برقم ٢٥٨١ فحافظوا على الحسنات لاتضيعوها

إن المؤمن الحق لو علم ما في هذا الحديث من معاني ووعاها لطفق يطوف على الناس في بيوتهم ومشاغلهم يطلب منهم السماح عما إغتابهم فيه في الدنيا وأيا كانت ردو أفعالهم فهي مما لا شك فيه أنها أهون عليهم من قصاص الآخرة الذي يقضى فيه بالحسنات والسيئات إذا أن حسنة تدخل الجنة وسيئة تدخل النار وتتبدل مشاعر الناس التي كانت في الدنيا بمشاعر أخرى كما تبدل الأرض غير الأرض والسماوات.

ولنا في رسول الله أسوة حسنة حيث كان لا يحب أن يسمع عن أحد أو عن نفسه ما يكرهه أو يكرهه في الناس فقد أخرج الترمذي في سننه برقم ٣٨٩٦. من حديث بن مسعود قال خرجَ عليْنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقال: ألا لا يبلغَنَّ أحدٌ مِنكم عن أحدٍ من أصحابي شيئًا؛ فإنِّي أحبُّ أن أخرجَ إليهم وأنا سليمُ الصدرِ. قال: فأتاهُ مالٌ فقسمَهُ، فسمعْتُ رجلانِ يقولانِ: إن هذه لقِسمةٌ لا يريدُ اللهَ بها ولا الدارَ الآخرةَ! ففهِمْتُ قولَهما ثم أتيْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقلت: يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ قلْتَ: لا يُبلغُني أحدٌ عن أحدٍ من أصحابي شيئًا، فإنِّي أحبُّ أن أخرجَ إليهم وأنا سليمُ الصدرِ، وإنِّي سمعْتُ فلانًا وفلانًا يقولانِ كذا وكذا، قال : فاحمرَّ وجهُهُ وقال: دعْنا مِنكَ، فقد أُوذيَ موسى –عليْهِ السلامُ– بأكثرَ من هذا فصبرَ. وللحديث شواهد كثيرة تدل على التطبيق العملي في ضبط النفس واللسان.

فعلى الإنسان أن يراقب ربه في قوله وفعله وأن يذكر دائماً قوله تعالى ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وأنه معروض عليه قوله يوم القيامة في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحدا. والله تعالى أعلم .

موضوعات متعلقة