“بإيدي المليانة تعب.. علمت ولادي” ..أم جمال تحصد الحقول بحكاية وجهها الشمس ويدها الأرض
“أنا إسمي أم جمال، من النوبارية في محافظة البحيرة..بشتغل في حصاد الزراعات من أكتر من 20 سنة، من قبل ما يكون عندي شعر أبيض..شغل صعب؟ أيوه، بس كله بيهون لما أشوف ولادي بيتعلموا وبيكبروا قدامي.” هكذا بدأت “أم جمال” حديثها مع " جريدة النهار" وهي ترتدي جلبابًا بسيطًا ملطّخًا بتراب الحقل، ووجهها تحكيه الشمس قبل الكلمات، امرأة خمسينية، لا تعرف الكلل، تتوجه مع خيوط الفجر الأولى إلى الحقول الزراعية، حيث تنتظرها العنب والبرتقال والطماطم والزيتون.. وكل ما تجود به الأرض، لتحصده بيديها المملوءتين بالتعب، والكرامة.
“بشتغل عشان علم ولادي”، تقول أم جمال: “يومي بيبدأ من قبل طلوع الشمس، بصحى أصلي الفجر، أجهز شوية عيش وجبنة وأخرج على الحقل، اليوم باليومية، يعني اللي أشتغله آكله، بس عمري ما خيّبت أمل أولادي، علّمتهم لحد الجامعة، والحمد لله كلهم كبروا وبقوا رجالة وبنات يعتمد عليهم، لم يكن التعليم في متناول اليد، لكن أم جمال آمنت أن البنت والولد لازم يتعلموا عشان يعيشوا حياة أكرم من اللي هي عاشتها.
“التراب غالي بس الحلال أغلى” تشير "أم جمال" بيديها المشقّقتين من العمل الشاق وتقول: “التراب دا أنا أكلت من ريحته سنين، بس عمره ما كان ذل، التعب في الحلال عز. عمري ما مدّيت إيدي لحد، ولا خلّيت حد يحس إني محتاجة..أنا بشتغل عشان أكسب لقمة حلال، وأساعد جوزي في مصاريف البيت.”
وتابعت عاملة الزراعة: زوجي يعمل في أعمال حرة، والموسم هو اللي يتحكم في رزقنا، ولذلك كان لابد أن أكون سنده الحقيقي، لا بالكلام، بل بالعرق.
“كل موسم وله وجعه”
تتنقل أم جمال بين المواسم المختلفة: “البرتقال واليوسفي في الشتاء، والعنب في الصيف، والطماطم والزيتون في مواسمهم.. وكل موسم وله وجعه. بس خلاص، جسمي اتعود، وقلبي اتعلّم يرضى، عملها لا يقتصر فقط على الجني، بل أحيانًا في التعبئة والتحميل، وكل ذلك تحت أشعة الشمس الحارقة أو البرد القارس.
“نفسي في تأمين ومعاش”
تتمنى أم جمال أن يكون لليوميات العاملات مثلها نظرة من الدولة: “أنا مش بطلب حاجة كبيرة، بس نفسي لما أعجز ألاقي قرش أعيش منه. إحنا شغالين من غير تأمين ولا معاش، ولو وقعت يوم.. يبقى اليوم راح عليا أنا والبيت.”
واختتمت "أم جمال" قائلة: “التعب مش عيب.. العيب إنك تستسلم..أنا ست فلاحة، ورأس مالي إيدي، وربنا، تعبت كتير، بس عمري ما ندمت، كنت عايزة أغيّر مستقبل أولادي، والحمد لله قدرت"، ورغم قسوة الأيام وشقاء المهنة، إلا أن أم جمال ترى أن التعب لا يُخجل، بل يرفع الرأس.





.jpg)

.png)


.jpg)


.jpg)
.jpg)
