ذهب أخضر في أرض الرمال: حكاية حصاد ثمرة الجنة ”الزيتون” في البحيرة
لونه الأخضر على الشجر يتناغم مع الرمال الصفراء وسط الصحراء، لوحة فنية ربانية لخيرات الأرض صنعها الخالق بمحافظة البحيرة، ثمار مباركة أقسم بها الله عزوجل في كتابه العزيز ولهذا يطلق عليها “ثمار الجنة".
في قلب الصحراء الغربية، حيث تتعانق الشمس مع الرمال، تنبض الحياة كل خريف في منطقتي النوبارية و وادي النطرون، بمحافظة البحيرة ،حين تحين لحظة قطاف ثمرة طال انتظارها، إنها حكاية الزيتون المصري، الذي لا يُثمر فقط على أغصان الشجر، بل يثمر ذهبًا أخضر يُصدّر إلى العالم.
البداية منذ 40 عامًا
التقت عدسة "النهار" مع مُزارع الزيتون محمد عوض، قائلاً: لم تكن زراعة الزيتون حديثة عهد بهذه الأرض، فقبل أكثر من أربعة عقود، بدأت أولى شتلات الزيتون تُغرس في تربتها الرملية النقية، واليوم، تحولت النوبارية إلى واحدة من أهم مناطق إنتاج الزيتون في مصر، بل وفي الشرق الأوسط كله.
"الزيتونة دي مش مجرد شجرة… دي كأنها فرد من العيلة، بنستناها تكبر، وتطرح، ونفرح بخيرها كل سنة…بتحب اللي يخدمها… واللي يصبر عليها، تكافئه دهب” هكذا يصف "عوض" الزيتون وهو مبتسما بموسم حصاده، مشيراً إلى أن شجرة الزيتون ليست ككل الأشجار، فهي معمّرة، يتراوح عمرها بين 400 إلى 1500 سنة، وتُزرع مرة واحدة فقط في العمر، حيث تبدأ القصة بشتلة صغيرة، لا يتجاوز عمرها عامًا واحدًا، تُزرع بعناية بين يناير ومنتصف مارس، وبعد 3 إلى 4 سنوات تبدأ ببشائر الإنتاج.
وأضاف مزارع الزيتون: مع حلول الخريف، يتحول الحقل إلى خلية نحل، المزارعون يجتمعون منذ الفجر، يحملون المفارش والسلال، و يتم جني الزيتون يدويًا، حبة بحبة، في مشهد يعكس تراثًا زراعيًا عريقًا، حيث تُفرش المفارش تحت الأشجار لتسقط عليها الثمار الناضجة، ثم تُجمع بعناية، و يبلغ متوسط إنتاج الشجرة الواحدة ما بين 50 إلى 70 كيلو جرامًا، وتختلف كمية الإنتاج حسب العوامل المناخية واهتمام الفلاح بالأرض.
من الحقل إلى العالم
وأكمل "محمد عوض" مصر لا تحصد الزيتون فحسب، بل تصدّره إلى العالم، فهي ثاني أكبر دولة في العالم في تصدير الزيتون بعد إسبانيا، وتُرسل إنتاجها إلى دول الخليج، والاتحاد الأوروبي، وشرق آسيا، و في عام 2024 وحده، بلغت صادرات مصر من الزيتون 226 مليون دولار، منها 40 مليون دولار من الزيتون المخلل، بينما يباع كيلو الزيتون في السوق المحلي بين 40 و50 جنيهًا، ويصل سعر كيلو زيت الزيتون الخام إلى نحو 800 جنيه، ما يعكس القيمة الكبيرة لهذه الصناعة.
مشروع المئة مليون شجرة
على مدار العقود، زرعت مصر أكثر من 60 مليون شجرة زيتون، لكن الطموح لم يتوقف عند هذا الحد، إذ تسعى الدولة إلى الوصول إلى 100 مليون شجرة، في خطة طموحة لتعزيز الاكتفاء الذاتي وزيادة التصدير.
أنواع زيتون بالنكهة المصرية
واستطرد "محمد" أرض مصر تثمر بأنواع متعددة من الزيتون، تختلف في مذاقها واستخداماتها، أبرزها:
التفاحي، العجيزي، العزيزي، بيكوال، دولسي، مانزينلا، كابوسي، قبرصي، وكروناكي.
كل نوع يحمل طابعًا فريدًا، ويستخدم إما للتخليل أو لاستخراج الزيت أو حتى للأكل الطازج.
واختتم محمد عوض، قائلا: الزيتون في النوبارية ليس مجرد محصول، بل رمز لصبر الفلاح، وكرم الأرض، ومع كل موسم حصاد، تتجدد الحكاية…حكاية شجرة زرعت في الرمل، فأثمرت خيرًا يعبر البحار.





.jpg)

.png)


.jpg)


.jpg)
.jpg)
