شعبان خليفة يكتب : خليفة عمر خليفة  سيرة مقاتل من رواد العمل الشعبى

حقيقة يعرفها كل من اقترب من خليفة عمر خليفة – رحمه الله – تتجسد فى كونه شخصيةً فريدةً فى العمل الشعبى ، فقد كان – رحمه الله - موهوباً بالفطرة المطعمة بالعلم ، والمعرفة فى اكتساب الأصدقاء ، والمعارف ..و التأثير فى محيطه فضلاً عن كونه من مقاتلى حرب أكتوبر 1973 ، لقد كان إجتماعياً من طرازٍ فريد ، ففى كل مناسبة إجتماعية فى أى مكان بأبوتيج ، والقرى التابعة لها هو موجود... موجودٌ فى الأفراح والأتْراح لا كمشارك بل كواحد من أهل الفرح ، أو التَرَح يفرحُ لفرح هذا ، و يحزن لحزن ذاك ، وذلك بإتساع دائرة مركز أبوتيج و القرى الـ 12 التابعة له وهى دكران – الزرابى - دوينة - المسعودى - النخيلة - باقور - الفليو - أبو الحارث - البلايزة- الشيخ راجح - الأقادمة - الزَيَرَة.

فى كل بلد لخليفة عمر أصدقاء .. ، وكل المنازل منازله .. واثقاً من نفسه كان يمضى نحو هدفه ..متدرجاً فى هذا المجال حتى ترأس المجلس المحلى الشعبى لمركز أبوتيج لعدة سنوات .. و قدم لأهل القرى فى أبوتيج العديد من الخدمات فى مجال الماء و الكهرباء و غيرهما .. ينادى هذا بخالى وذاك بعمى وكلهم ينادية يا عم الاستاذ خليفة أو يا خال خليفة .. حب متبادل شاهدته بعينى حتى من أطفال عائلة على حنفى بالنخلية بعد واقعة اقتحام الجزيرة ، و كنا فى زيارة للعضو البرلمانى الأقدم والابرز عزت محروس ..فأسرع الأطفال و الكبار نحوه يسلمون عليه ، وهو يسأل عن أحوالهم فيردون الحمد لله و يناشدهم الصبر و العمل .

بالطبع لم يكن يتأخد من العمل الشعبى مهنته فقد كان مأمور ضرائب عقارية يؤدى عمله كل يوم من الصباح وحتى الساعة الثانية عصراً ، ثم يبدأ رحلة العمل الشعبى فتظنه رجلاً لا ينام ..

حرب أكتوبر

ربما من المعروف للكثيرين من أهل ابوتيج أن خليفة عمر خليفة – رحمه الله – من مقاتلى حرب أكتوبر 1973 ، و مثل معظم مقاتلى هذه الحرب وهم كثر فى بلدتنا ما أن عادوا من الحرب حتى التزموا الصمت التام ..قد تستطيع بالكاد أن تأخذ من أحدهم عبارة عابرة عن الحرب ، و قد تحدثت للأستاذ خليفة عمر خليفة وهو ابن عم شقيق لى بمثابة الأخ و الأب – رحمه الله – فقلت له : أنت كنت ضمن قوات الصاعقة فى الجيش المصرى فى حرب أكتوبر 73 لم أسمع منك أبداً عن حكايات الحرب فرد باختصار " أنت قلت فرد فى قوات الصاعقة ضمن الجيش المصرى .. يعنى مش فرد فى خناقه دا عمل كبير جماعى يذوب فى الفرد مهما كان عمله أو دوره .. الحرب جيش كامل و أسلحة متكاملة منظومة يعنى خليفة و أى خليفة فيها ترس نفذ دوره بكل ما استطاع و انتصرنا و الحمد لله "

مأمور ضرائب

بعد الحرب عمل خليفة عمر خليفة ماموراً للضرائب العقارية فى مصلحة الضرائب بأبوتيج حيث أنه خريج المعهد العالى للصيارفة و قد كنت شاهداً على وقائع عديدة بينه و بين والده عمر خليفة رحمه الله حيث يحضر البسطاء من المزارعين من القرى المجاورة " الزرابى و أبوخرص و البلايزة و غيرهم " فيستقبلهم عمى عمر ، وقد ورث خليفة طباعه الشعبية منه فقد كان يردد كثيراً أن البلد اللى لك فيه صاحب زين هى بلدك ... فاسمعه وكنت يومئذٍ فى المرحلة الإبتدائية يردد بعد أن يسمع من الحضور كلمة واحد وهى " مقضية " ثم يتبعها بأذن الله ..

من الوقائع التى تحضرنى و اتذكرها جيداً أن خليفة قال لوالده " أن هو بيسدد مديونيات الناس دى من مرتبه و أن مرتبه بيخلص احياناً تانى يوم فى الشهر .. فرد والده مش مشكله الناس دى أول ما هيكون معاها فلوس هتسدد على طول و لما يخلص المرتب قولى و أنا سداد .

لا اعتقد أننى شاهدت عملاء للضرائب يحبون مأمور ضرائب على هذا النحو لم ينفذ طوال عمله أى حجز على أى مزارع أو مدين للضرائب كان يسدد و كانت الناس تخجل و ما أن يتوفر لها المبلغ حتى تسارع بالسداد ، ولم تكن المبالغ المستحقة على المزارعين كصريبة اطيان كبيرة ، لكن أوضاع الناس فى السبعينات كان قاسية و لهذا لم يكن تفجر مظاهرات 77 سوى انعكاس لأوضاع الناس و ليس انتفاضة حرامية كما احبت أن تروج السلطة وقتها

ضد الإرهاب

الدور الذى لا يعرفه إلا أعداد محدوده لخليفة عمر خليفة كان فى المشاركة الشعبية ضد الإرهاب ،فقليل جداً من يعرفون أن الإرهاب فى مطلع التسعينيات ، وقد توحش اراد أن يتخد من الجبل الغربى المحازى لقريتى دكران والزرابى و الممتد من أسيوط المدينة وحتى مركز الغنايم موطناً له .. و لكى يغطى الأمن هذه المساحة الشاسعة يحتاج لآلاف من القوات و هى غير عليمة بهذه الجبال ومصاعبها ، فكان البديل هو العون الشعبى المسلح بأسلحة مرخصة كانت تسير دوريات ليلية و كمائن ليلية و على اتصال بأجهزة الأمن و نجحت فى ضبط عشرات الحالات وقتها ..

و أذكر أننى كنت فى زيارة للبلد فى عيد رمضان فى أحدى السنوات و فى ليلة والوقفة ابلغنى الراحل الجميل نائب مجلس الشعب ابن قرية النخيلة أحمد عمار عقب الإفطار أن مسئول الجهاز يريد فقط يسلم عليا و كنت وقتها انشر حلقات ضد الإرهاب و ذهبت مع أحمد عمار و خليفة عمر و المستشار القانونى بقطاع البترول حالياً و المحامى وقتها كامل خليفة ليلاً والتقينا الرجل و ذكر فى مآثر هذا الدور الشعبى فى مواجهة الإرهاب الكثير من الفضل فى مواجهته .. و بالطبع ليس كل ما يُعرف يقال فى ملف كهذا .

لقطة مهمة

كان الأستاذ خليفة عمر خليفة كرئيس للمجلس المحلى الشعبى على إطلاع بحكم العمل على تقارير مهمة و كان أحياناً يرى أن هناك ملف معين يجب أن يتم طرحة فى الصحافة حيث أن الجهات التنفيذية تمطل و تتكاسل فى التعامل معه رغم خطورته و أذكر أن أرسل لى عدة ملفات فى هذا الصدد .. ابرزها تلوث المياه فرغم أن ابوتيج يمر بها نهر النيل بطول كبير للغاية إلا أن محطات المياة كانت عبارة عن آبار يتك سحب المياة منها مع تكاسل فى المعالجة فارتفعت أملاح الماغنسيوم و الزنك والمنجيز على نحو خطير فأرسل لى التقارير كامله و قمنا بنشرها ، وكان التحرك الفورى من المسئولين حيث لم تكن الإدارة المركزية تتجاهل ما تنشره الصحف كتلك التى ترهلت بعد يناير 2011 و التى لا يزال الأمل كبيراً فى ان تستعيد عافيتها .. كما أرسل لى فساد طريق أبوتيج –دكران و الذى تكسر قبل تسليمه رسمياً نظراً لتلاعب الشركة المنفذة .. ، وملفات أخرى لا تكفى هذه السطور لسردها

ملف المصالحات

ملف المصالحات واحداً من أخطر الملفات التى شارك الأستاذ خليفة عمر خليفة فى تحريكها حيث تم توجيه دعوه لى عن طريقه والراحل أحمد عمار لحضور صلح و كتبت تقريراً صحفياً آثار وقتها ضجة كبيرة بعد أن اتصلت وزارة الداخلية بمدير أمن أسيوط طالبة المضى فى هذا الملف لإنهاء الخصومات الثأرية بين العائلات و قد استدعى الأمر أخذه فجراً لمديرية أمن أسيوط و لم يعرف لماذا هو مطلوب إلا أمام مدير الأمن الذى قال له إن ابنك عمل لنا ربكه فأخبرة أننى ابن عمه و ليس أبنه ، و جرى على اثر ذلك تشكيل لجان المصالحات و التى اتسعت دائراتها ، ودورها على نحو كبير و قامت بدور مهم و عظيم فى تحجيم واحد من أخطر الملفات فى مصر .

رحم الله خليفة عمر خليفة ، و غفر له وجعل الجنه نزله ...وكل أمواتنا و من سبقونا بالإيمان ... اللهم آمين .