النهار
الأربعاء 29 أكتوبر 2025 08:23 مـ 7 جمادى أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
النيابة الإدارية تجري معاينة لموقع حادث إندلاع حريق بأحد المخابز بمدينة أسوان رئيس جامعة المنصورة يستقبل وفدَ الاتحاد الأفروآسيوي لتسليم جائزة ”الأكاديمي الأكثر تأثيرًا” لعميد كلية السياحة والفنادق محافظ الدقهلية في جولة بشوارع مدينة المنصورة: - تكثيف أعمال رفع الإشغالات بالشارع العام أكلوا كشري.. إصابة 5 أشخاص باشتباه حالة تسمم غذائي في قنا الصحة العالمية: مقتل 460 شخصا في مستشفي بمدينة الفاشر السودانية بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها وزيرة التضامن الاجتماعي ومحافظ جنوب سيناء يتفقدان القرية التراثية بمدينة شرم الشيخ بلومبرج تكشف موعد ومكان لقاء ترامب مع أوربان الكنيست الصهيوني يوافق علي مشروع قانون فصل المستشارة القانونية المناهضة لنيتنياهو الذهب يلمع من جديد.. ارتفاع الأسعار عالميًا ومحليًا قبل قرارات الفيدرالي الأمريكي مصطفى قمر يطرح ”اللي كبرناه” أولى أغاني ألبومه الجديد ”قمر 25” ..فيديو وزيرة التضامن تتفقد جناح معرض ”ديارنا للحرف اليدوية والتراثية” بمطار شرم الشيخ الدولي مؤسسة المصريين لدعم مؤسسات الدولة تختتم احتفالها بذكرى انتصارات أكتوبر بتكريم عدد من أبطال الحرب و الدبلوماسيين تقديرا لعطاءاتهم

مقالات

شعبان خليفة يكتب : تجفيف منابع القلق

شعبان خليفة
شعبان خليفة

تحدثت فى مقال سابق فى هذه المساحة، وفى هذا المكان، عن القلق الاجتماعى المرضى وأعراضه الجسدية وما يرافقه من متاعب غايتها هروب المريض من المتاعب النفسية التى يتعرض لها واستبدالها بمتاعب جسدية، فقد يتقبل الإنسان أن يوصف قلبه بالمريض أو أنه يشعر بالصداع لكنه لا يتقبل وصمه بالفاشل لأن المرض الجسدى أهون مما يحدثه الإحساس بالفشل أو الشعور بالذنب داخل نفس الشخص الذى يعانى من القلق.

التعافى يحدث عندما ينتبه الإنسان لحالته ويتم الوصول لجذور القلق ومسبباته وهناك أنواع يمكن للشخص المريض أن يصل إليها بنفسه ويتعافى سريعًا، وهناك أنواع أخرى تحتاح لمساعدة الطبيب والمتخصص فى العلاج والدعم النفسى، من أمثلة النوع الأول القلق من رئيس العمل أو من زميل أو حتى الحموات للمتزوجين - وطبعًا مش كل الحموات- أما النوع الثانى فإنه يتجسد فى المعاناة التى يتعرض لها الطفل فى مراحل التعليم الأولى سواء حدث ذلك عن طريق المدرسة أو البيت أو تحالف الاثنان لإحداثه وهى المأساة التى تصل قمتها فى وصم الطفل بأنه مش فالح لا فى التعليم ولا فى أى حاجة عبر عبارة مدمرة اسمها "إنت مش هتفلح فى أى شىء فى الحياة".. هى كلمات تقال ويمضى قائلها كأنه لم يفعل شيئًا بينما تتجذر فى أعماق الطفل، وإن لم ننتبه لذلك يمتد أثرها معه طوال الحياة لما تركته خلفها من معاناة ودمار.

وإذا كنا فى ملف الإرهاب نتحدث عن أن أى مواجهة تفشل إن لم يتم تجفيف منابعه واقتلاع جذوره، فإن القلق كذلك يتطلب علاجه والوصول لمنابعه وتجفيفها، خاصة الجذور التى قد تكون تكونت فى الطفولة، وهى للأسف أمور تجرى بصورة روتينية سواء عن طريق الأسرة أو المدرسة دون أن ننتبه لخطرها.

ومثلها هذه الأحكام السلبية والظالمة التى تصدر عن بعض الناس تجاه الآخرين خاصة الأطفال لأنها أسلحة فتاكة تحطم الثقة وتدمر وتعوق الطاقات والقدرات وهى بمثابة سجن للنفس البشرية له عواقبه الوخيمة، فالقلق المرضى دون جدال مصدر للتعاسة إذا تم تجاهله أو عدم الانتباه إليه والتعامل معه ومن شأنه إذا لم يتم مواجهته خاصة ذلك المكبوت طويلًا فى اللاشعور قد يجعل الإنسان غير صالحٍ للحياة ولا الحياة صالحة له، وإذا كان القليل من القلق مفيدًا فإن الكثير منه قاتل ومدمر.. وإذا كان الله هو الودود المحب لعباده الغفار لكل الذنوب فإنه للأسف نعطى صورة لله وعز وجل تتجاهل هذا الجانب وتركز على الخطاب المجهز للأشرار، ما يجعل الأطفال غير المكلفين بعد بأنهم هم الأشرار الذين سيلقى بهم الله فى النار.

وإذا كان العطار لا يصلح ما أفسده الدهر فإن الدعم الطبى والمجتمعى الواعى خاصة الأسرى يصلح ما أفسده معلم غير مؤهل أو أسرة أخطأت القيام بدورها.

مطلوب لصالح هذا الوطن ومستقبله وبشدة مدرس مؤهل وأسرة واعية إذا كنا نريد المستقبل، فالطفل هو النواة الأولى لشجرة قوية طيبة أو شجرة ضعيفة فاسدة، وإن لم نحرص عليها بالتنشئة السليمة ووقف مسلسل الرعب الدينى والأخلاقى لأطفالنا، والذى لا مبرر له، ودائمًا شغال دون سبب أو ضرورة، فسوف نخسر الحاضر والمستقبل معًا.