”خنجر إسرائيل”.. كتاب مُهمل يوثق خطط الكيان في سوريا ولبنان

أجرى صحفي هندي يدعى "ر.ك. كارانجيا" حوارا مع وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي موشى ديان، ثم أصدر الصحفي كتابا ضمنه الحوار بأسم «خنجر إسرائيل» لم يُعير الكتاب الأنتباه الا عند حدوث نكسة 1967، حيث تم ترجمته للعربية، بل وحمل مقدمة بتوقيع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر نفسه، ثم أعيد نشره في سورية عام 2005. تضمن الكتاب وقتها وثائق مهمة لم يؤخذ بعين الأعتبار، منها وجود خطة اسرائيلية لتقسيم العراق إلى 3 دويلات: كردية في الشمال، وعربية ذات اغلبية سنية في الوسط، وشيعية تلحق بايران بالجنوب. لم يكتف المخطط الصهيوني عند هذا الحد، بل سعى المخطط لتقسيم سورية الى 3 دول ايضا: درزية وعلوية وسنية، وايضاُ تحويل لبنان الى دويلتين شيعية في الجنوب ومارونية في الشمال. وعندما سأل الصحفي الهندي موشى ديان عن كشفه لمثل هذه الخطط كان رده: لا تخف فالعرب لا يقرأون!
فيما يلى أبرز ما جاء بالكتاب..
يرى المؤلف بأن التصور الهندي للصراع العربي الأسرائيلي كان على عكس ما هو حقيقة، فكانت الهند ترى انه تنافس اقتصادي ديني، ولكن حرب السويس أظهرت عكس ذلك. فيقول المؤلف على لسان جمال عبدالناصر: لقد ذهب المعتدون الى حد استبدال أسماء الأماكن والجزر التي اغتصبوها في غزة وسيناء وأطلقوا عليها اسماء جديدة تماشياً مع احلام الصهيونية.
ثم يعرض المؤلف بعد ذلك الخطة الأستراتيجية للجيس الأسرائيلي لعام 1956 – 1959 مترجمة عن الأصل العبري: "ان موقف الغرب سيكون بوجه الإجمال حيادياً، ما ان راعينا مصالح فرنسا في سوريا، واجراء تفاهم مع بريطانيا بحصوص مصالحها في مصر والاردن، اما الولايات المتحدة الامريكية فان موقفها سيكون أكثر تعقيداُ.. علينا ان نستغل جميع امكانياتنا لدى شتات اليهود لشل حركة الكتلة الشرقية في الامم المتحدة"
من اهم تلك الاهداف: - تقوية الصراع الداخلي بين الدول العربية. – الرغبة في اثارة حرب اسرائيلية عربية بهدف انشاء الحلم الدفاعي الأقليمي المطلوب. – منع الدول الغربية بالتدخل في شئون الشرق الاوسط. اي ان وجود اسرائيل سيكون بمثابة ذراع لدول الغربية في ادارة شئون الشرق الاوسط، اي باعتبارها دول صاحبة زعامة (وهو ما يؤكده حالياً الصحفي ايلي كوهين اليهودي اللبناني عبر منصات التواصل الاجتماعي)
القواعد العسكرية في الشرق الأوسط هدفها الاساسي حماية مصالح امريكا واوروبا الاساسية، لحماية وسحب البترول وايضاً تشكيل قوة مقابلة للأتحاد السوفيتي (روسيا الحالية)، امريكا تعلق امال اقل على قناة السويس بالنسبة لبريطانيا، اما تركيا فسيتم اعتبارها القاعدة الامامية ومركز للأسطول السادس الامريكي في البحر المتوسط.
الجدير بالذكر ان تلك الخطط الدفاعية هي في الطور الاول من مراحل التنفيذ، حيث ان تركيا وايران والعراق وافغنستان وباكستنا ليسوا في وضع يمكنهم من تقديم مساعدة كافية، لذا فان من مصلحة امريكا الأصطدام الأسرائيلي العربي.
حيث أن إهتمام امريكا يعود لمصلحة البترول ومنع الانتشار النفوذ الروسي في تلك المناطق.
فرنسا تعتقد بان توسع الجامعة العربية يعرضها لمخاطر، لذا فأن اتجاهها السياسي يختلف نوعاً ما عن امريكا حيث تحتفظ بعلاقات ودية مع لبنان لتحتفظ بالتأييد العربي لمصالحها، وتدعم في نفس الوقت اسرائيل في صراعها ضد الجامعة العربية!
"بما ان الغرب يتمتع بأكثرية في الامم المتحدة فأنه يمكن الأفتراض بأن اية اعمال عدوانية تشن بتشجيع من الغرب لن توقفها الأمم المتحدة ما لم تظهر بوادر النصر للعرب.. فمن المعقول الأفتراض بأن الأمم المتحدة لن توقف الحرب قبل ان تحرز اسرائيل نصراً حاسماً"
"ولما كان من غير المحتمل ان توقف الحرب بإيعاز من الامم المتحدة الا بعد ان تكون اسرائيل قد ربحت بعذ المغانم الأقليمية وقبل ان يتسنى للعرب شن هجوم معاكس، فان الضرورة تقتضي من البدء بإدارة العمليات العسكرية ضد المناطق المعادية مستغلين إلى ابعد الحدود مزية المفاجأة"
من ضمن الأستراتيجية ايضاٌ: ان يتحقق هدفان اساسيان اولهما؛ اكتساب منطقة لا غنى عنها في وقت الحرب، ثانيهما؛ اكتساب منطقة تفي بجميع حاجياتنا.
"لن يتسنى للأقطار العربية ان تجابه اسرائيل بمقاومة عظمى الا اذا كانت متحدة" لذا تسعى اسرائيل من خلال الغرب اثارة الخلافات الداخلية وتعزيز القوات المعادية لمصر في الأقطار العربية الاخرى.
يرى المؤلف ان استسلام الأقطار العربية لن يكون الا بعد هزمية الجيوش وبالتالي سيمكنها من احتلال العواصم والسعي الماكر بين السكان بخلق اختلافات ونزاعات بكافة اشكالها.
"ان الحرب لا يجب ان تستمر اكثر من ثلاث اشهر على الاكثر.. وعلى الجيش الأسرائيلي ان يضع خطة لأنهاء الحرب في تلك الفترة".
كما ان الأستراتيجية توضح ان قسماً كبيراً من السكان يعمل عملاً غير منتج لذا على الشعب ان يتكيف دائماً حسب متطلبات الحرب دائماً، ويستعرض المؤلف بعض الارقام والاحصائيات بشأن اقتصاد الحرب الأسرائيلي والذي يعتمد بالكلية على الغرب بشكل عام، حتى في السلاح.
المصاعب التي قد تجابهها اسرائيل خلال الحرب: - حظر الشحن: لذا تستغل اسرائيل العلاقات مع الدول الغربية للتزويد بالمؤن من امريكا عبر فرنسا. فرض الحصار: فيمكن لمصر فرض الحصار لذا فينبغي ان تستمر الحرب لثلاث اشهر على الأكثر، بعد تأمين الحاجات الأساسية في المخازن لتستوفي الحاجات لبضعة اشهر اضافية.
ويوضح المؤلف الخطر الأكبر الذي يهدد اسرائيل هو خطر الطائرات لذا فأن اقامة المخازن والملاجئ امر اساسي لابد منه.
"حوالي 40% من المهاجرين الجدد مستواهم العلمي في الحضيض وحالتهم الصحية في الاغلب سيئة كما يعيقون تقدم الدولة"
"من المحتمل ان يشكل السكان العرب في بعض الاماكن كالجليل مثلاً خطراً على تحصيناتنا لذا فيجب اخلاء تلك المناطق من السكان وان يضعوا تحت مراقبة دقيقة خاصة"!
"ان مثر هي اقوى خصومنا وقد ينتج عن تعطيل مصر رفض الأقطار العربية الأخرى الأستمرار في الحرب. واحتلال شبه جزيرة سيناء حتى قناة السويس سيرفع الحصار البحري مما يساعد على عزل الأسطول المصري عن القناة ويفتح بوابة البحر الأحمر امامنا"
ويعرض المؤلف الخطة الأسرائيلية للحرب المتمثلة في قطع الأمدادات الطرق والأتصالات في شبه جزيرة سيناء حتى يسهل لهم احتلال سيناء وتقوية ذراعهم في صحراء النقب، كما يتم استخدام نفس الأستراتيجية في العراق والأردن ايضاً. وبما ان الموارد الأقتصادية من البترول لا تكفي فيجب احتلال صيدا لما بها من وفرة في البترول الذي يحتاجونه اثاء الحرب.
يوضح المؤلف: "ان الغاية من الحرب بين اسرائيل والعرب هي لتبديل خط الحدود القائم وان احتلال الأراضي التي تدعيها اسرائيل سيحسن حال بلادهم الأقتصادية والسياسية"
"ان متطلبات دفاعنا تجعل من الضروري الأستيلاء على غزة حيث ستمكننا من اغتصاب القطاع الجنوبة لشبه جزيرة سيناء وتامين منفذ من ايلات"
"لتقويض الوحدة العربية يجب اتخاذ الأجراءات لأنشاء دول جديدة في اراضي الأقطار العربية: درزية في منطقة الصحراء وجبل تدمر، شيعية في لبنان، مارونية في جبال لبنان، علوية من اللاذقية حتى الحدود التركية، كردية شمالي الغراق، دولة استقلال مدني للأقباط..
"ان خلاص اسرائيل من الخطر العربي يعني توطيد سيادتها على العالم العربي ويمكن تحقيق ذلك بضم بعض المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية وبتكوين دول جديدة في الشرق الاوسط."
"واذا قررنا البدء بحرب وقائية فأننا سنضطر لأسباب سياسية الى الأستفزاز واثارة اشتباك مسلح وبذلك نبرهن على انه لم يكن هناك عمل عدواني من جانبنا"
الكتاب يعتبر توثيق تاريخي لحقبة تاريخية مؤثرة في تاريخ الصراع في الشرق الأوسط، ويوضح أسبابه الإمبرايالية والكولونية بالنسبة لدولة الأحتلال والولايات المتحدة وبعض دول أوروبا نتيجة لمصالحها في المنطقة.