كيف سعت إسرائيل لتحقيق مكاسب سياسية من أحداث سوريا؟

خلال الأيام القليلة الماضية، شهدت سوريا أحداثاً تؤكد دخولها في تحوّل خطير، وحرب أهلية لا تُحمد نتائجها، الأمر الذي استغلته إسرائيل شكلاً ومضموناً لتحقيق مكاسب وأهداف سياسية، بعضها مُستجدة وليدة اللحظة، وأخرى مذكورة في ذاكرتها منذ سنوات مضت، فمن المؤكد أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة عبرت عن تحول الجبهة السورية تدريجيًا إلى إحدى الجبهات الرئيسية بالنسبة لإسرائيل، كما تكشف هذه المعطيات عن أن إسرائيل تحولت مع الوقت منذ الإطاحة ببشار الأسد إلى أحد أهم الفاعلين الخارجيين في الملف السوري، ويبدو أن الحسابات الإسرائيلية في هذا الملف تستند حاليًا إلى مجموعة من الاعتبارات الرئيسية:
محمد فوزي، باحث بوحدة الدراسات العربية والإقليمي بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، قدّم تفسيراً لكل هذه الدلالات، موضحاً أن طبيعة التدخل الإسرائيلي تمكن في عدد من المحاور، أولها الحيلولة دون إعادة بناء الدولة السورية، إذ تستند الرؤية الإسرائيلية إلى المتغيرات الأخيرة في سوريا إلى نظرة تقوم على مبدأ «الفرصة» بمعنى أن هذه المتغيرات تمثل فرصة تاريخية بالنسبة لإسرائيل، بقدر ما تفرض من تحديات عليها.
وفق «فوزي» يبدو أن إسرائيل تتبنى مقاربة تقوم على أنه كلما طال أمد الأزمات في سوريا، زاد ذلك من تفكك الدولة، وأضعف سوريا بشكل أكبر، وأضعف قدرتها على الدخول في أي لحظة من اللحظات في مواجهة نظامية مع إسرائيل، أيضًا تسعى إسرائيل إلى خلق حالة من العجز لدى الإدارة السورية الجديدة على مستوى إعادة بناء مؤسسات الدولة، تخديمًا على الهدف نفسه. ويبدو أن إسرائيل تسعى إلى استنساخ نموذج الصومال في سوريا، بمعنى استمرار الحرب بلا نهاية منظورة، وصولًا إلى فوضى كبيرة، واستمرار تموضع سوريا في نطاق «الدول الفاشلة».
ضمن طبيعة التدخل، بحسب الباحث محمد فوزي، تعزيز فكرة «سايكس بيكو» جديد في سوريا، فإن خطط تقسيم سوريا هي أطروحات إسرائيلية قديمة متجددة، وخلقت الظروف الأخيرة في سوريا والمتغيرات التي أعقبت الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، فرصًا كبيرة بالنسبة لإسرائيل لتحقيق هذا الهدف، ويبدو أن الرؤية الإسرائيلية المطروحة في هذا الصدد تتمثل في دولة سورية مقسمة على أسس عرقية وإثنية، بمعنى تقسيم سوريا إلى أربعة أقاليم رئيسية:
-إقليم علوي في منطقة الساحل وباتجاه دمشق
- إقليم سني في الشمال وبعض مناطق الجنوب
- إقليم كردي في الشمال الشرقي
- إقليم درزي – إسرائيلي في الجنوب
وبحسب «فوزي» فإن ذلك هو سيناريو سيضمن لإسرائيل العديد من المكاسب، خصوصًا وأنه يعزز من التموضع الإسرائيلي في سوريا، كما أنه سيخلق أقاليم ضعيفة وليس لديها القدرة على مواجهة إسرائيل أو فرض أي تهديدات ضدها، فضلًا عن أنه سيضمن لإسرائيل بناء علاقات قوية مع بعض الأطراف السورية. على اعتبار أن إسرائيل سوف توظيف ورقة الدعم الاقتصادي لهذه الأطراف، فضلًا عن ورقة الدعم العسكري والاعتراف الدولي.