الجمعة 17 مايو 2024 01:28 مـ 9 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

محمد أنور السادات يكتب: لاتهدموا مصر

محمد انور السادات
محمد انور السادات

لا تستحق مصر منا صورتها التي أصبحت عليها الآن ، فقد أصبح المناخ العام المصري يعكس حالة من الحزن والآسي الشديدين علي ما بنيناه من آمال وما حلمنا به وتطلعنا إليه ، بعكس ما يدور الآن علي أرض هذا الوطن العزيز.


تشهد الساحة المصرية الآن أحداثاً عديدة تصف بدقة حالة التخبط السياسي والفوضي والارتباك والهشاشة التي أصبحت تسود المشهد السياسي المصري الحالي ، إلي جانب التشكيك الواضح الذي يسيطرعلي معظم الأطراف الفاعلة ناهيك عن الانفلات الأمني الذي أصبح كالطوفان لا يفرق بين شيخ وطفل ، ولا بين قاضٍ وبلطجي ، وأوشكت مصرأن تكون غابة لا يسترد فيها الحق إلا بالقوة.


افتقدنا ترتيب أولوياتنا ، وأصبح كل منا يسعي وفق عقله وأهوائه واحتياجاته وحده، وغابت روح الثورة التي جمعتنا سوياً تحت لواء وهدف واحد " مسلمين وأقباط " ، ونسينا أن المرحلة التي نمر بها الآن تستدعي التلاحم والتكاتف ولم الشمل.


أصبحنا نصحو وننام علي مشاهد دموية وأحداث وفوضي وشغب واعتداء وعنف ونفوس وأرواح تضيع دماءهم دون ذنب ، ومستشفيات مغلقة ومهددة ومرضي يدفعون الثمن ، ووصل بنا الأمرإلي أننا أصبحنا نخاف أن نستمع إلي التليفزيون أو الراديو أو نقرأ صحيفة حتي لا نصطدم بمثل هذه الكوارث شبه اليومية.


وعلي ما يبدو أننا فهمنا الحرية بمعني خاطئ ولم ندرك أن خيطاً رفيعاً يفصل بين الحرية وتهديد هيبة الدولة وسيادة القانون، بالقدر الذي يردع اللصوص والمخربين والبلطجية والخارجين علي القانون بالدرجة الأولي ، لأن هؤلاء وأمثالهم هم أكثر المستفيدين من انهيار مؤسسات الدولة وغياب القانون.


إن هيبة الدولة تعني هيبة مؤسساتها وسلطاتها القضائية وأجهزتها الأمنية والرقابية داخلياً وخارجياً ، وإن تعريضها للخطر سوف يؤدي بنا إلي فوضي وتخريب واشتباكات وسب وقذف وتجريح وتحريض، وسوف تموت لغة الحوار وحق الاختلاف ، وتتقطع بيننا الصلات والروابط الإنسانية والوطنية.


إن خروجنا من أزمتنا الحالية يحتم علينا أن ننحي حاجاتنا الشخصية ونتكاتف من أجل المصلحة الوطنية ، إلي أن تسترد مصر قوتها وعافيتها ومكانتها ، وطبيعي سوف تنتقل مصر من مرحلة التغيير إلي مرحلة التعميروالبناء ، وإن مصرالآن تمر بأخطر مرحلة في تاريخها فإما أن ننهض بها وإلا فلا نلومن إلا أنفسنا.