بعد حوادث العنف في المدارس...كيف نحمى أولادنا؟ خبراء التعليم والصحة النفسية يقدمون الوصايا والنصائح
خبراء التعليم والصحة النفسية: غياب تفعيل لائحة الانضباط المدرسي بشكل صحيح...ونحتاج حملات توعية مستمرة للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور.
أولياء الأمور: حوادث "العنف في المدارس" تدق ناقوس الخطر...وتحتاج وقفة
نقيب المعلمين: النقابة تضع على رأس أولوياتها الدفاع عن حقوق المعلمين وصون كرامتهم
وزارة التعليم: تطبيق لائحة "التحفيز التربوي والانضباط المدرسي" بكل حزم من أول يوم دراسي.
وسط أجواء مبهجة وانضباط، انطلق العام الدراسي 2025/2026، ولم ينتهِ الأسبوع الدراسي الأول حتى أصابت فرحته وبهجته حوادث عنف وتحرش داخل أسوار المدارس، لم تقتصر على الطلبة بل وصلت إلى بعض المعلمين، تعددت الحالات ما بين تعدي الطلبة على بعضهم أو تعدي بعض المعلمين على الطلبة أو تجرؤ بعض الطلبة وأولياء أمورهم بالتضرب والسب على المعلمين، وآخرها، اعتداء طالب على معلم، ومزق ملابسه بإحدى مدارس القليوبية، ومعلم يعتدي على طالب بمدرسة بالفيوم، ومدير مدرسة يتحرش بطالبة في شبين القناطر، هل ستتوقف سلسلة حوادث العنف والتحرش في المدارس؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة.
"النهار" تحقق، وتسلط الضوء على ظاهرة العنف في المدارس التي استفحلت خلال العام الماضي وبداية العام الحالي، خاصة مع ارتفاح نسب حضور الطلاب في المدارس، سألنا خبراء التعليم وعلم النفس وبعض المسئولين عن أسباب هذه الظاهرة، وكيفية القضاء عليها، كما رصدنا قرارات وزارة التربية والتعليم في التصدي بقوة لوقف تلك الظاهرة التي تهدد استقرار العملية التعليمة.
من أسباب العنف في المدارس...خبير تربوي يؤكد: غياب تفعيل لائحة الانضباط المدرسي بشكل صحيح

الدكتور عاصم حجازي الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي
في هذا السياق، قال الدكتور عاصم حجازي الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي المساعد بجامعة القاهرة، إن ظاهرة العنف المدرسي لها العديد من الأسباب، على رأسها الانفلات الأخلاقي وغياب القدوة الحسنة، وغياب الأهداف الإيجابية لدى الطلاب وشعورهم بالإحباط نتيجة عدم انضباط العملية التعليمية على أرض الواقع ونتيجة للعديد من القرارات التي تضيف أعباء على الطلاب والمعلمين دون مبرر تربوي.
وأضاف الخبير التربوي لـ «النهار» أنه ما ينبغي التركيز عليه هو الأسباب ذات الصلة بالمدرسة، ومنها عدم كفاية المعلمين من حيث الأعداد، والتي تعاني من عجز متراكم مع تأخير تسليم معلمي الحصة إلى ما بعد بداية الدراسة.
وتابع «حجازي»: "الاستعانة بمعلمي الحصة دون تعيينهم بشكل رسمي يمثل سببًا آخر من أسباب العنف حيث إنهم يخشون اتخاذ إجراءات صارمة مع الطلاب خوفّا من الاستغناء عنهم بعد ذلك، وبالتالي يتعامل معظمهم بخوف مع أي مشكلة مما يؤدي إلى تجرؤ الطلاب عليهم وعلى المعلمين الأساسيين وفقا لمبدأ التشابه.
وأوضح أنه هناك سبب آخر يتعلق بالمعلمين، وهو قصور في تدريبهم على مهارات إدارة الصف، وتعديل السلوك أو بمعنى أشمل قصور في الإعداد المهني للمعلمين، بجانب أسباب أخرى تتعلق بغياب الأنشطة وفقدان المدرسة لدورها التربوي وجاذبيتها بالنسبة للطلاب وغياب دور الأخصائي النفسي والاجتماعي.
واختتم الدكتور عاصم حجازي مؤكدًا أن السبب الأكثر وضوحًا هو غياب تفعيل لائحة الانضباط المدرسي بشكل صحيح، ومن هنا ينبغي أن نطالب بتحويل هذه اللائحة إلى قانون ويشمل عقوبات متنوعة على الطالب وولي الأمر حتى يكون أكثر ردعًا.
للقضاء على العنف المدرسي...استشاري نفسي وأسري: حملات توعية مستمرة للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور

الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري
ومن جانبها، أكدت الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن، استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري، أن ظاهرة العنف المدرسي تُعد من أخطر الظواهر الاجتماعية التي أخذت تتفاقم مؤخرًا في مختلف المجتمعات العربية والدولية، وقد أدى تفاقم هذه الظاهرة لمزيد من التأثيرات السلبية على الصحة النفسية والعقلية للطالب.
وأضافت "عبدالرحمن" في تصريحات خاصة لـ "النهار" أن مشكلة العنف المدرسي تأخذ أشكالًا متنوعة كالعنف الجسدي، واللفظى، والنفسي مما يؤثر على نفسية الطالب ويعوق من تحصيله الأكاديمي، ويضعف من رغبته في الذهاب إلى المدرسة، فقد أثبتت الدراسات العلمية أن التعرض للعنف المدرسي يتسبب في الكثير من المشاكل النفسية والعقلية للطلاب ومن أبرزها: ضعف التحصيل الدراسي، تدني الاستحقاق الذاتي، الاكتئاب والقلق والتوتر، ضعف المهارات الاجتماعية، زيادة معدلات الغياب المدرسي، ضعف الشخصية.
وتابعت: "لعلاج هذه الظاهرة الاجتماعية يجب علينا معرفة الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى العنف المدرسي بين الطلاب، من أهمها: العنف الأسري، ضعف الرقابة التعليمية، وعدم وجود حدود واضحة يتعامل من خلالها الطلاب داخل المدرسة، التفرقة بين الأبناء، افتقار الطالب للقدرة على التعبير عن النفس وحل الخلافات وإدارة الغضب بالطرق المقبولة اجتماعيًا، تجعله يلجأ للعنف كوسيلة للتعبير عن الغضب، مشاهد العنف والبلطجة والقتل التي أصبحت محتوى إعلامي رائج على مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية أو ما يسمى بالتريند مما يزيد من رغبة الطالب على تقليد هذه السلوكيات الغير الأخلاقية".
وللتصدي لهذه الظاهرة، قدمت الدكتورة ريهام عبدالرحمن الـ "روشتة" التالية: الحرص على أن تكون هناك حملات توعية وتثقيف مستمرة للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور ضد ظاهرة العنف المدرسي، والعمل على غرس القيم الإيجابية واحترام الآخر بداخلهم، ضرورة أن تكون هناك بيئة تعليمية آمنة تقوم على الدعم النفسي المستمر للطلاب، وتتبنى قوانين صارمة في مكافحة العنف المدرسي، تدريب الطلاب من خلال تنظيم ورش عمل مستمرة لتعزيز الثقة بالنفس، والتواصل الفعال، والإنصات الجيد، وغرس قيم التعاون، ومهارات التفاوض والإقناع لتنشئة جيل قادر على حل النزاعات بطرق أخلاقية، تقديم الدعم النفسي والصحى لضحايا العنف والتنمر والاهتمام بهم، تدريب الطلاب على التنفيس الانفعالي للتعبير عن المشاعر السلبية بداخلهم من خلال الأنشطة الإيجابية داخل المدرسة.
وأكملت الخبيرة الأسرية والنفسية، مؤكدة على ضرورة إعادة النظر في شروط اختيار المعلمين، فالعملية التعليمية لا تقوم فقط على المؤهل الأكاديمي للمعلم، ولكنها عملية شاملة تشمل الجانب النفسي والعقلي والتربوي معًا، وبالتالي لابد من توفير معلمين يهتمون بالجانب النفسي للطالب ولديهم القدرة على احتوائه.
واختتمت الدكتورة ريهام عبدالرحمن حديثها مؤكدة على دور الأسرة الذي يعد من أهم الأدوار في الحد من ظاهرة العنف المدرسي باعتبارها البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل، وبالتالي يجب على كل أسرة البعد عن مدمرات التربية، وهي المقارنات الدائمة بين الأبناء وغيرهم من الأطفال، عدم تجاهل مشاعر الأبناء أو احتوائهم في أوقات الغضب، والتي ينشأ عنها طفل عدواني لا يعبأ بمشاعر الآخرين، بجانب ضرورة حل المشاكل الزوجية والأسرية بعيدًا عن الأبناء وتجنب اتباع أسلوب التحكم والسيطرة، فالطفل بطبيعته يقلد الآخرين، غرس الوازع الديني في نفوس الأبناء وأهمية احترام الآخرين والشعور بهم، تدريب الطفل على أسلوب حل المشكلات وإدارة الغضب من خلال ممارسة الرياضة، والتنفس العميق، والوضوء، والصلاة في أوقاتها وممارسة الأنشطة الفنية التي تهذب الأخلاق وتسمو بالنفس.
أولياء أمور مصر: حوادث "العنف في المدارس" تدق ناقوس الخطر...وتحتاج وقفة

داليا الحزاوي الخبيرة الأسرية ومؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر
بينما ترى داليا الحزاوي، الخبيرة الأسرية ومؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، أنّ حوادث العنف في المدارس، على الرغم من كونها حوادث فردية إلا أنها تدق ناقوس الخطر وتتطلب اتخاذ إجراءات حازمة، وأشارت إلى ضرورة إعادة النظر في معايير تعيين المعلمين، بحيث لا تقتصر على الكفاءة المهنية فقط، بل يجب أن تشمل أيضًا جوانب نفسية وأخلاقية، وذلك بعد الواقعة المؤسفة في مدينة شبين القناطر والمتعلقة بقيام مدير إحدى المدارس بالتحرش بأحد الطالبات.
وأضافت «الحزاوي» لـ «النهار» أنه يجب أن يكون هناك وقفة جادة ضد العنف في المدارس، والاهتمام بتفعيل لائحة الانضباط المدرسية بكل حزم بدون تهاون مع تغليظ العقوبات بها بالاضافة إلي تفعيل الأنشطة المدرسية والرياضية لإخراج طاقات الطلاب وتعزيز القيم الأخلاقية.
وتابعت: "عودة الدور الفعال للأخصائي الاجتماعي لتعديل السلوكيات غير المنضبطة والتواصل مع الأسر لمعالجة الخلل أمر ضروري، وأهمية تركيب كاميرات في المدارس لرصد أي تجاوزات والاهتمام بالإشراف اليومي لضمان سلامة الطلاب في المدرسة.
وأكدت «الحزاوي» على ضرورة قيام الأسرة بدورها في متابعة أبنائها، مشيرة إلى الانشغال بتوفير الجانب المادي فقط دون الاهتمام بالدور التربوي والرقابي والتوجيهي سبب في سوء سلوكيات الأبناء.
أشادت الخبيرة الأسرية بالإجراءات السريعة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم للتعامل مع واقعة الاعتداء على معلم، مؤكدة أن هذه القرارات تعكس حرص الوزارة على صون مكانة المعلم وحماية العملية التعليمية وأيضًا درس وعبرة لكل طالب أو ولي أمر يفكر في استخدام العنف في التعامل قائلة: «من أمن العقاب أساء الأدب».
واختتمت «الحزاوي»: ضرورة تبني وزارة التربية والتعليم خطة علاجية لظاهرة العنف في المدارس، بالتعاون مع الأسرة والمؤسسات غير الحكومية والجامع والكنيسة لبناء جيل مسلح بالعلم والتربية.
من أول يوم دراسي..."التعليم": تطبيق لائحة التحفيز التربوي والانضباط المدرسي بكل حزم وجدية

محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني
وجه محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، مديري المديريات والإدارات التعليمية، ومديري المدارس، بتطبيق لائحة التحفيز التربوي والانضباط المدرسي بكل حزم وجدية، منذ اليوم الأول للعام الدراسي 2025/2026 ، من أجل تحقيق بيئة تعليمية قائمة على النظام والالتزام.
وزارة التعليم: فصل الطالب المعتدي على أستاذه لمدة عام دراسي
في واقعة تعدي طالب على معلم بمدرسة عبد المجيد عامر الثانوية المشتركة بمحافظة القليوبية، أعلنت وزارة التربية والتعليم، أنه تم تشكيل لجنة من الوزارة للتحقيق في الواقعة وتم اتخاذ القرارات التالية:
أولا: فصل الطالب لمدة عام دراسي كامل، ثانيا: إحالة واقعة اعتداء ولي الأمر علي وكيل ومدير المدرسة للنيابة العامة باتهامات اقتحام المدرسة عنوة والاعتداء علي الوكيل والمديرة بالسب والقذف بمقر عملهم، ثالثا: متابعة التصرف الجنائي في المحضر المحرر بمعرفة المدرس المعتدى عليه
وشددت وزارة التعليم على أنها لن تتهاون مع أي واقعة تمس كرامة وهيبة المعلم، مؤكدة أن المدرسة مكان للتربية قبل التعليم، وأن الاعتداء على أعضاء هيئة التدريس جريمة لن تمر دون عقاب.
"الزناتي": النقابة تضع على رأس أولوياتها الدفاع عن حقوق المعلمين وصون كرامتهم

خلف الزناتي، نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب
ومن جانبه، ثمّن خلف الزناتي، نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب، الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم في التعامل مع واقعة الاعتداء المؤسفة التي شهدتها مدرسة عبد المجيد عامر الثانوية المشتركة بالقليوبية، مؤكدًا أن تلك القرارات تعكس حرص الوزارة على صون مكانة المعلم وحماية العملية التعليمية من أي محاولات للنيل من هيبتها.
وقال خلف الزناتي إن النقابة العامة للمهن التعليمية تضع على رأس أولوياتها الدفاع عن حقوق المعلمين وصون كرامتهم، مشيداً في الوقت ذاته بموقف محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم، الذي اتسم بالحزم والسرعة في اتخاذ الإجراءات، بما يحقق الانضباط ويعيد الثقة إلى الميدان التعليمي.
واختتمت النقابة بيانها بالتأكيد على استمرارها في دعم جهود الوزارة الرامية إلى ترسيخ الانضباط داخل المدارس وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومحترمة لأبنائنا الطلاب ومعلمينا الأجلاء.


.jpg)















.jpg)


.jpg)

.jpg)
