لبنان وبوادر قيادة فاعلة للإصلاح الاقتصادي

يقف لبنان عند مفترق طرق في إعادة بناء دولة سيّدة ،بعيدا عن دوامة الميليشيات التي جعلت منه ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية بعد أن عانى طويلاً من الجمود السياسي والانهيار الاقتصادي.
ومع أداء جوزيف عون اليمين الدستورية رئيسًا للجمهورية وتعيين نواف سلام رئيسًا للوزراء، تدخل البلاد مرحلة جديدة تحمل وعودًا بالإصلاح والمساءلة وسيادة الدولة.
أكد الرئيس عون، وهو ضابط عسكري محترف تحول إلى رجل دولة، على استعادة سلطة الدولة اللبنانية على الأمن والسياسة الخارجية. وترمز رئاسته إلى التزام بالوحدة الوطنية فوق المصالح الطائفية، وهي رسالة تلقى صدىً قويًا في بلدٍ مزقته عقود من الانقسامات السياسية.
وسارع رئيس الوزراء سلام، وهو قاضٍ مرموق ودبلوماسي سابق، إلى تشكيل حكومة تكنوقراط تُركز على الاستقرار الاقتصادي والإصلاح القضائي وإعادة بناء الثقة مع المانحين الدوليين. وتجعله خلفيته في الأمم المتحدة وسمعته بالاستقلالية شخصيةً موثوقةً في الداخل والخارج.
عمل عون وسلام معًا على إثبات إمكانية حكم لبنان بمسؤولية. وتشمل المبادرات المبكرة دعم مهمة الجيش اللبناني في فرض سيطرته على الأسلحة خارج سلطة الدولة، وإطلاق تدابير لمكافحة الفساد، وفتح قنوات مع الشركاء الدوليين لتحقيق الانتعاش الاقتصادي. وبينما لا تزال التحديات هائلة، فإن تركيز عون على السيادة وتركيز سلام على الإصلاح قد منح الكثير من اللبنانيين شعورًا متجددًا بالتفاؤل الحذر: بأن الدولة قد تبدأ أخيرًا في العمل لصالح مواطنيها، لا لخدمة أجندات حزبية أو خارجية.
فقد نجحت الجهود التي بذلها الرئيس اللبناني في منع اشتعال جلسة مجلس الوزراء المقررة، الجمعة المقبل، والمخصصة لمناقشة خطة قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الحالي.
وتداعيات أطلق شرارة جدل داخلي لبناني حول مستقبل الدولة فالأمن اللبناني يحاول استعادة زمام المبادرة، مستفيدا من مناخ سياسي جديد يرى أن تحرير الدولة من سطوة الميليشيات بات ضرورة وطنية.