مأزق النظام في صراع الوزير والمثقفين

وصلت أزمة وزارة الثقافة الي ذروتها فهاجم المثقفون الوزير المجهول بعنف واعتصموا بمكتبه مطالبين برحيله في حين دافعت عنه جماعة الإخوان بكل أدواتها وإعلامها وبتدوينات كبار رموزها علي "توتير " الوزير الذي يلقبه المثقفون بـ" الإخواني " الجديد " علاء عبدالعزيز " كان قد اتخذ عدة قرارات بإقالة عدد كبير من رؤساء قطاعات وزارة الثقافة وهو ما استنكره العديد من الفنانين والمثقفين الذين عبروا عن رفضهم لمثل هذه القرارات التي من شأنها " أخونة " وزارة الثقافة وتهديد الهوية المصرية الثقافية وهو ما جعل أعداد كبيرة تعتصم داخل وزارة الثقافة مطالبين برحيل الوزير والوزير رد بمشاركة الجماعة في مظاهرة لنصرة القدس متحصنا بالتيارات الدينية في مواجهة هجمة المثقفين ولا تزال الأزمة تتصاعد .." النهار" رصدت الأزمة وحاورت اطرافها والتفاصيل في السطور التالية :-
بداية الأزمة كانت مع تعيين الوزير " علاء عبدالعزيز " في التشكيل الوزاري الاخير لمجلس الوزراء لتولي حقيبة وزارة " الثقافة " وهو ما اثار جدلا واسعـا في الوسط الثقافي حيث أن العديد من المثقفين والفنانين لا يعلموا اي شيء عن هذا الاسم وكل ما توافر عنه من معلومات أنه وزير " كتب مقال يتيم في جريدة حزب الجماعة وربما ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين أو من خلاياها النائمة وسريعا بدء الوزير الجديد في ممارسة مهام عمله فقام علي الفور بإنهاء انتداب د . " أحمد مجاهد " رئيس الهيئة العامة للكتاب وهو القرار الذي تسبب في اعتصام عدد كبير من العاملين داخل وزارة الثقافة والتظاهر ضده وكان رد فعل الوزير علي تلك التظاهرات بأن " مجاهد " ينتهي انتدابه في 27 مايو وحفاظا علي أموال الشعب قررت إنهاء إنتدابه لان " مجاهد " يتقاضي 24 الف جنيه وهو مبلغ كبير جدا .
" سي دي " الوزير
وقد أغضب هذا القرار العديد من المثقفين والادباء مما جعلهم يوقعون علي بيان يرفض إقالة " مجاهد " من منصبه ومن هؤلاء الشاعر " سيد حجاب " ومحمد هاشم واسامة عفيفي وجمال القصاص .
وواصل عدد من القيادات في وزارة الثقافة اعتراضهم علي قرار الوزير مما ترتب عليه قيام.
د . سامح مهران " رئيس أكاديمية الفنون " بعقد مؤتمر بالاكاديمية تحت عنوان " ضد العدوان علي الثقافة المصرية " وقال " مهران " في المؤتمر بأن الوزير " علاء عبدالعزيز " فاشل أكاديميا ولا يصلح لمنصب وزير ثقافة مصر وأكد علي انه قدم " سي دي " للنيابة الادارية يحتوي علي ادانة للوزير الجديد .
وكان رد فعل " الوزير " بلاغ للنائب العام ضد " مهران " يتهمه فيه بالتعدي علي شرفه واصدار شائعات ضده للحط من سمعته .
اقالات متواصلة
واصل الوزير الجديد عمليات الإقالة لقادة قطاعات الثقافة ورغم تأكيده علي عدم وجود تصفية حسابات داخل وزارة الثقافة الا انه قرر انهاء انتداب د. " صلاح مليجي " من رئاسة قطاع الفنون وتعيين د . " ناهد رستم " بدلا منه وقد علق علي ذلك القرار بأن " المليجي " خالف قرار الوزير وعرض أعمال قد تم استبعادها في المعرض العام للفنون واستمر الوزير في سياساته وتحت بند ضخ دماء جديدة داخل الوزارة قرر الوزير انهاء عمل د . " إيناس عبدالدايم " من رئاسة دار الاوبرا وهو القرار الذي أغضب جميع الفنانين والمثقفين وجعلهم يدخلون في اعتصام مفتوح داخل وزارة الثقافة وأقتحام مكتب الوزير وكان رد فعل الوزير إقالة جميع العاملين داخل مكتبه لسماحهم بدخول المعتصمين والمتظاهرين اليه .
وقد علق الروائي " يوسف القعيد " علي ذلك القرار بأن الوزير الجديد لا يملك خبرة لإدارة وزارة الثقافة وانه جاء لتنفيذ أجندة خاصة من مكتب الارشاد تهدف الي تهمييش وتسييس وزارة الثقافة .
الغاء عرض " اوبرا عايدة "
وفي ظاهرة هي الاولي من نوعها علي مدار " 140 " عام تلغي ادارة " اوبرا عايدة " العرض الذي تقدمه بعد ان اعتصم الفنانين علي قرار انهاء انتداب " ايناس عبدالدايم " ووسط غضب فني وثقافي خرج الفنان الزعيم " عادل امام " عن صمته وقال " انه يرفض تماما قرارات وزير الثقافة الجديد " لما تمثله من عبث وهرج غير مسبوق وطالب الزعيم بالكشف عن المسئول باختيار هذا الوزير وأكد تضامنه مع د " إيناس عبدالدايم " ومن جانبه قال الشاعر والروائي الكبير " بهاء طاهر " أن وزير الثقافة الجديد يحمل المشروع الإخواني للقضاء علي الثقافة المصرية وعلي الرغم من جميع قراراته الخاطئة الا انه قد نجح في توحيد صفوف جميع المثقفين والكتاب والادباء في مصر لمناهضته ورفضه وهو الشيء الإيجابي الوحيد من تواجده داخل الوزارة ومن قراراته وتصرفاته .
من جانبه قال د . " جابر عصفور " وزير الثقافة الاسبق أن ما يحدث داخل وزارة الثقافة يعد بمثابة " المهزلة " ومحاولة ممنهجة ومستمرة من اجل " أخونة الدولة " وأعرب " عصفور " عن شكه بأن يستجيب النظام لغضب المثقفين والفنانين وإقالة الوزير ولكنه متأكد من عدم إلحاق الضرر و " الاخونة " لمثقفي مصر وذلك بعد أن تم توحيدهم ضد العدو الجامح " الاخوان المسلمين " .
في نفس السياق قال الفنان " محمد صبحي " أنه عرض عليه تولي حقيبة وزارة الثقافة ورفض بسبب وجود قامات ثقافية كبيرة في مصر وأنه مستاء بشدة من قرارات الوزير " علاء عبدالعزيز " التي لا تهدف الا لتأجيج الفتن واشعالها بين قيادات وزارة الثقافة وكان يجب علي رئيس الحكومة اختيار وزير الثقافة من داخل الفنانين والمثقفين بدلا من أختيار اشخاص أصحاب مصالح وأجندات حزبية واضحة .
من جانبه قال المخرج " خالد يوسف " أنه معتصم مع الفنانين والمثقفين والادباء والشعراء والعاملين بوزارة الثقافة حتي يتم إقالة الوزير الجديد من منصبه والغاء كافة القرارات التي صدرت منه ضد عدد كبير من القيادات وأكد " يوسف " أن الأزمة داخل الوزارة لن تنتهي إلا بإقالة الوزير الاخواني ومشروعه غير قابل للتنفيذ لانه سيهدم أجيالا قادمة من هويتها الثقافية وهو ما يهدف اليه الإخوان في سياسة حكمهم .
وفي سياق أخر قالت " الجماعة الاسلامية " انها تراقب بقلق عميق الحملة الشرسة التي يتعرض اليها وزير الثقافة " علاء عبدالعزيز " من جانب بعض الشيوعيين والماركسيين تلاميذ " فاروق حسني " خادم نظام ثقافة مبارك وهي تعلن عن تأييدها الكامل لكل قرارات الوزير الاخيرة والتي وصفتها بالتطهيرية وطالبت الوزير بالكشف امام الرأي العام المصري عن اسباب جميع القرارات التي اتخذها في الفترة الاخيرة.
الجدير بالذكر أن الوزير قد طلب من " هشام فرج " مسئول الأمن بالوزارة شفويا لقاء المعتصمين ضد قراراته وانه يريد الجلوس معهم للتفاوض ووضع حلول لتلك الأزمة ولكن العاملين اشترطوا عليه قبل الجلوس معهم الي الرجوع في جميع قراراته بالإقالة وطرد كل مندوبي " الحرية والعدالة " من مكتبه وتغيير عدة قيادات داخل مكتب الوزير وهو الطلب الذي قوبل بالرفض من قبل الوزير وأكد انه لن يتراجع عن قرار واحد قد اتخذه لتدخل هذه الازمة قرابة الشهر منذ توليه مهامه وحلفه اليمين امام رئيس الجمهورية في 7 مايو الماضي بعد تغيير وزاري طال عدة وزارات .