الإثنين 6 مايو 2024 05:25 صـ 27 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: الأقصى يفضح العرب

الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

لا شك أن مسيرة الأعلام الصهيونية، وقيام المتطرفين الإسرائيليين بدخول باحات الأقصى، والتأكيد على الهوية اليهودية للقدس واعتبارها عاصمة تاريخية وأبدية لإسرائيل، وأن الفلسطينيين يمثلون احتلالًا للأراضى اليهودية، وقيام نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، بقيادة المظاهرات للوصول إلى باب العمود- كل هذا هو فضح علنى وتحدٍ للإرادة العربية، التى هرولت فى الفترة الأخيرة للتطبيع مع الكيان الصهيونى، بعدما كانت اتفاقية كامب ديفيد هى الطلقة الأخيرة فى ظهر القضية الفلسطينية.

إن صمت الحكومات العربية عما يجرى من استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلى كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة فى محاولات قتل وإبادة الشعب الفلسطينى فى القدس والضفة وحيفا وجنين وكل الأراضى الفلسطينية المحتلة- هو دليل قاطع على أن المخطط الصهيونى يسير فى اتجاه الحلم اليهودى من النيل للفرات، وأن الحلم قائم ومستمر.

وعلى الشعب الفلسطينى أن يعى ويفهم أنه ليس هناك دعم عربى لمواجهة هذا التطرف الإسرائيلى الذى ضرب بكل القواعد والمواثيق الدولية عرض الحائط، ويجرى بسرعة الصاروخ لإنفاذ دولة إسرائيل بعيدًا عن إنفاذ القانون الدولى الذى أصبح فى خبر كان، لأن الفيتو الأمريكى يمثل الحماية الحقيقية للكيان الصهيونى سواء فى نهبه فلسطين أو فى المواجهة مع إيران.. فإذا اعترفت إيران بالكيان الصهيونى الغاصب ستكون هى الحليف الاستراتيجى لأمريكا وإسرائيل، ولأن المعادلة تعتمد على لغة المصالح بعيدًا عن لغة المبادئ والقوانين، فإن الحكومات العربية ستدفع ثمنًا لهذا التراخى واللامبالاة فى مواجهة المخطط الإسرائيلى.

والرهان الآن على المشروع الشعبى العربى الذى يعمل على دعم مقاومة الشعب الفلسطينى- وليس على منظمة التحرير أو حماس- لاستعادة الأقصى، بوازع روحى ودينى وليس بوازع سياسى.. فالاعتماد على الشعوب العربية هو ورقة الإنقاذ الأخيرة للمسجد الأقصى، التى ستفضح بعض الأنظمة العربية التى استباحت وأباحت فى السر والعلن هذا التمدد الصهيونى فى فلسطين والعالم العربى، من خلال محاولات تصوير المشهد الإقليمى بأن إسرائيل حليف للعالم العربى ضد إيران العدو الاستراتيجى، وهذه مجرد محاولة لفرض مشروع كونداليزا رايس (الشرق الأوسط الجديد) وإحياء المشروع الطائفى لإثارة النزاع بين السنة والشيعة، وهو فى الأساس خلاف سياسى.

فانتبهوا يا عرب واستغلوا شهادة واسشتهاد شيرين أبو عاقلة التى وحدت الشعب الفلسطينى بعدما فشلت كل الفصائل الفلسطينية على مدار عشرات السنوات أن تتحد فى مواجهة المد الصهيونى.

فهل ستؤثر محاولات تهويد المسجد الأقصى وباحاته فى إحياء المخزون الروحى والدينى المتبقى، وتحدث انتفاضة حقيقية تكون خلاصًا من هذا الاحتلال الإسرائيلى أم أنها ستكون الرصاصة الأخيرة فى جسد الشعب الفلسطينى وإعادة تغيير ملامح ومشاهد وتاريخ المسجد الإبراهيمى ليكون هيكل سليمان على الطريقة اليهودية للأبد؟ عندها سيدفع الجميع فاتورة ضياع المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين.

وإن عاجلًا أو آجلًا ستكون مصر هى العمود الفقرى لانتفاضة عربية لإنقاذ الأقصى، بحكم التاريخ والجغرافيا السياسية، لأن مصر لن تقبل تدنيس وتهويد المسجد الأقصى.

فانتبهوا أيها الشعوب العربية قبل فوات الزمان وضياع المكان، فهذه هى الفرصة الاستثنائية الأخيرة لكى نستعيد المسجد الأقصى والأراضى الفلسطينية رغم أنف الفيتو الأمريكى والتحالفات والمتغيرات العالمية.