النهار
الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 01:07 مـ 10 رجب 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مدينة مصر تتلقى 13.9 مليار جنيه مقدما.. هل تواجه الشركة تحديات في التسليم؟ برج الدلو في 2026: عام التجديد والفرص المهنية والعاطفية أزمة القيد تفتح باب عودة حسام أشرف للزمالك فى يناير راموس يقترب من العودة إلى أوروبا عبر بوابة نيس الفرنسي شيخ صوفية الصين عبد الرؤوف اليماني الحسني يسهم بدور بارز في تعزيز التعايش والحوار بين القوميات تامر حسني: حياتك محدودة بدقات القلب فلا تضيعها على ما لا يستحق مفاجأة للعزاب وخبر سار للمرتبطين.. توقعات برج الحوت لعام 2026 وزير الخارجية الصيني يدين صفقة الأسلحة الأميركية لتايوان من قلب العريش.. وزير الثقافة يطلق «بيت السرد» والمنصة الرقمية لأندية الأدب ويعلن عامًا ثقافيًا كاملًا في شمال سيناء جلاكسو سميثكلاين تعلن توزيع أرباح نقدية بقيمة 1 جنيه للسهم إطلاق مسابقة التأليف المسرحي لمسرح الطفل والعرائس.. «توت عنخ آمون» بطلًا للنصوص بدء الجلسة الرابعة لقضية رمضان صبحي وسط إجراءات أمنية مشددة بشبرا الخيمة

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: أرض الصــــومـــال وأرض الميــعــاد

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

يوم الجمعة 26 ديسمبر 2025 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الاعتراف الرسمى بأرض الصومال دولة «مستقلة ذات سيادة»؛ لتكون إسرائيل بذلك أول دولة تعترف بهذا الإقليم كدولة مستقلة.
ووقع نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلى جدعون ساعر، ورئيس أرض الصومال عبدالرحمن محمد عبدالله، إعلانًا مشتركًا بالاعتراف المتبادل.
وقد جاء إعلان نتنياهو الاعتراف بأرض الصومال الانفصالية، وكأنه يذكِّر بأرض الميعاد الإسرائيلية (من النيل للفرات) ليضاف إليها (من النيل للفرات وأرض الصومال)، ونحن نؤكد أن أرض الصومال جزء لا يتجزأ من الأراضى الصومالية، وهذا الأمر فجّر الموقف عربيًّا وإفريقيًّا وعالميًّا، فخرجت 21 دولة لتؤكد أن هذا الاعتراف الإسرائيلي يفجّر أيضًا منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وخصوصًا أن هذا الانفصال تم منذ عام 1991 لتكون إسرائيل هي الدولة الوحيدة التى اعترفت بأرض الصومال حتى الآن، والمثير للدهشة والاستغراب هو أن الإمارات باركت هذه الخطوة، والحقيقة أنه لا يمكن أن يكون ما يجري في اليمن الجنوبي في حضرموت والمهرة بمعزل عما يجري في الصومال!
الموقف خطير لأن هذه المنطقة سيكون بها قواعد عسكرية إسرائيلية وستصبح مقرًّا للعمليات الاستخباراتية تحت شماعة مواجهة الحوثيين في اليمن وتأمين مرور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
كما أن هذا الاعتراف يمثل خطوة سياسية ذات دلالة خطيرة وزلزال سياسي أخطر، فلماذا (أرض الصومال) التى احتلتها بريطانيا سابقًا بالذات؟ فـ(الصومال لاند) أعلنت انفصالها منذ عام 1991 وها هي تتحول إلى (مسمار جحا) في المنطقة العربية ومنطقة البحر الأحمر.
والتساؤل: لماذا لم تتحرك الدول العربية وجامعتها، وتركت الموقف معلقًا ولم يكن هناك قدرة حقيقية لاحتواء الموقف وتركوا هذا الانفصال حتى تحرك نتنياهو لاستغلال الفرصة ودخل من النافذة وقام بتحدى العالم والعرب ووجه صفعة استخباراتية، فالعيون الإسرائيلية لم تغب عن هذه المنطقة الإستراتيجية وقال اليمين المتطرف إن (أرض الصومال ستغير قواعد اللعبة)؟!
نحن الآن أمام تغيرات جيوسياسية وأمنية خطيرة، والسؤال: لماذا نحن دائمًا رد فعل للحدث ولا نمتلك المبادرة؟ بل للأسف الشديد جاءت (موضة التطبيع) وفتحت شهية اليمين الإسرائيلى المتطرف للاعتراف بأرض الصومال لتمنح إثيوبيا قبلة الحياة في التمركز البحري حتى يكون لها منفذ على البحر الأحمر، فأصبحت مواجهة إسرائيل الآن – بعد الاعتراف بأرض الصومال- مع الحوثيين على بعد 250 كيلو مترًا فقط، وللأسف الشديد فإن هذه المنطقة تتحكم في قلب البحر الأحمر ومضيق باب المندب فالبعد الأمني هو الهاجس الذي يحرك إسرائيل، والأخطر أن تكون أرض الميعاد (أرض الصومال) هي المحطة القادمة واللهو الخفي لتهجير أهل غزة (طواعية) من خلال الإغراءات ليتم الحلم الإسرائيلي بالربط بين أرض الصومال وأرض الميعاد، لأن ما بعد الاعتراف هو الأخطر، حيث سيكون الثمن بيع الأراضي الصومالية المنفصلة لإسرائيل؛ مما يهدد أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، وهو البحر الأحمر، كما يهدد ساحل عدن وباب المندب وستكون البداية بموانئ ومطارات وقواعد عسكرية إسرائيلية جديدة، فساحل أرض الصومال يمتد لأكثر من 400 كليومتر، والقواعد العسكرية في هذه الأرض تتحكم في الملاحة بالبحر الأحمر، وتمنح صاحبها نفوذًا عسكريًا ونفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا في مواجهة التواجد التركي في دولة الصومال، فتركيا لها وجود اقتصادي كبير وقواعد عسكرية هناك.
والأخطر أن هذه القواعد العسكرية الإسرائيلية المتوقع تفعيلها قريبًا ستكون قريبة من القواعد العسكرية الأمريكية في جيبوتي، فالبحر الأحمر في خطر حقيقي يهدد الدول العربية، وخاصة مصر والسعودية والسودان.
وقد حذرت من قبل من الجنون الإسرائيلى التوسعى وأنه لن يتوقف إلا بالردع العربى الكامل، وها هو الخطر ينتقل من النيل إلى الفرات ليصبح من النهر إلى البحر، ولهذا أحذر من آثار اعتراف الكيان المحتل بإقليم أرض الصومال كدولة لأنه بعد الحرب الأخيرة في غزة والضفة ولبنان وإيران يريد الكيان المجرم ابتلاع المنطقة ولن يتوقف التمدد الإسرائيلى على منطقة الشرق الأوسط فقط، ولكنه وصل القرن الإفريقي من خلال مؤامرة «أرض الصومال»، فالصومال لاند هدف صهيونى كما هو هدف إثيوبى.
وقد وجدت إسرائيل فى هذه المنطقة النّقطة الضعيفة في المنطقة وتعبث فى هذه المنطقة مع إثيوبيا منذ أن انفصلت الصومال لاند عن الصومال الأم سنة 1991، ولكن لم يتم الاعتراف بها دوليًّا، وهنا تأتى خطورة الاعتراف الصهيونى، فقد قدّم نتنياهو هدية وقبلة الحياة لهؤلاء الانفصاليين، ولذلك رحّبت أرض الصومال باعتراف إسرائيل وتريد أن تستثمره لمزيد من الاعتراف بمساعدة نتنياهو الذي يحاول إقناع ترامب بالاعتراف بهذا الانفصال لخدمة المخطط الإسرائيلى.
فنتنياهو يريد التمدّد إستراتيجيًا في هذه المنطقة؛ لينفّذ، كما قلت، مخطط تهجير الفلسطينيين، خاصة الغزاويين إلى أرض الصومال، وتوجد رسائل من هذه الجمهورية للكيان الصهيوني توافق فيها على استقبال غزاويين، وبالتالي فإنّ أرض الصومال بهذا التّوجه تهدّد المنطقة بأسرها، ولهذا عبرت مصر عن غضبها ورفضها هذه الجريمة ومعها المملكة العربية السّعودية، وقد عبرت مصر رسميًا وبصراحة عن أن هذا التطور محاولة صهيونية لمحاصرتها، وهو نفس الأمر بالنسبة للسعودية حيث تسعى إسرائيل للسيطرة والتحكم فى البحر الأحمر فى منطقة القرن الإفريقى.
ولابد أن تتحرك دول أخرى لمواجهة هذه المؤامرة مثل تركيا وإيران؛ لأن هذا التوسع يستهدفهما أيضًا. فهذا التوسع الصهيونى لأن جمهورية أرض الصومال تطل على بحر العرب وتطلّ أيضًا على خليج عدن، ومن المعلوم أنّه يوجد حضور إيراني في هذه المنطقة من خلال الحوثيين، ومن هنا فإنّ المسألة تشمل عددًا كبيرًا من الدّول منها دول عربية ودول غير عربيّة، والأمر يمتدّ ليشمل قوى دولية مثل روسيا التي بدورها معنية بهذه المنطقة ولها حضور في السودان مثلًا، والولايات المتحدة الأمريكية التي هي أيضًا معنية، والصين التى تتواجد بحضور اقتصادي قوي وقواعد عسكرية كبيرة في جيبوتي، بالإضافة إلى القوى الإفريقية مثل كينيا وإثيوبيا فنحن أمام خطر يهدد السلام والأمن الدولى العالمى وليس الإقليمى فقط، وهناك تهديد لإفريقيا بأسرها لأن الاعتراف بالحركات الانفصالية والميليشيات المسلحة يحول 53 دولة إفريقية إلى 530 دولة.
ومصر أكثر من يدرك هذا الخطر؛ ولهذا لم أستغرب التحرك العاجل للخارجية المصرية؛ حيث طالبت فور هذا الاعتراف الإسرائيلى بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الإفريقي لبحث الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال».
وقد أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي لنظرائه الأفارقة رفض مصر التام الاعتراف الإسرائيلي بما يسمى بأرض الصومال؛ باعتباره انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، ويقوّض أسس السلم والأمن الإقليمي والدولي، وبصفة خاصة في منطقة القرن الإفريقي.
وطالب عبد العاطي بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الإفريقي لتناول هذا التطور الخطير، وللتأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الصومالية ورفض الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

ونحن نحذر من تكرار هذا المشهد أيضًا في انفصال دارفور عن السودان؛ لتصبح الدولة الثالثة بعد جنوب السودان.
والتساؤل الذي ليس له إجابة: لماذا نحن –كعرب- نتحرك في الوقت الضائع في عالم ليس فيه احترام إلا للقوة؟