النهار
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 01:30 مـ 18 جمادى آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الصين: التساهل مع استفزازات قوى اليمين المتطرف في اليابان من شأنها إحياء شبح النزعة العسكرية مجدي سعد: مصر على أبواب طفرة فندقية بـ275 ألف وحدة جديدة خلال 5 سنوات ما يقارب مليار جنيه للإعلانات في 9 شهور.. هل تواجه «مدينة مصر» أزمة صورة أم أداء؟ وزير الدفاع يشهد مناقشة البحث الرئيسى للأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية بعثة البنك الدولي تزور وزارة الإسكان لمتابعة ملفات التعاون المشترك 721 مليون يورو على طاولة مباحثات الإسكان مع بنك الاستثمار الأوروبي وزير الإسكان يهنئ وزير الشباب والرياضة لاختياره رئيسًا للجنة الحكومية الدولية للتربية البدنية والرياضة بمنظمة اليونسكو معرض «الإسكندر الأكبر: العودة إلى مصر» بمكتبة الإسكندرية التأمين الصحي يتابع جاهزية مركز القسطرة وجراحات القلب بالغردقة إطلاق متجر HUAWEI AppGallery للعبة حرب الميكا: غزو الزومب الآن في الشرق الأوسط جيجابايت تطرح ماذربورد خشبية تجمع بين التصميم الطبيعي والتكنولوجيا المتقدمة ألقاه من أعلى كوبري بالنيل.. السجن 7 سنوات لعاطل قتل شاب غرقًا بسبب 1000 جنيه في قنا

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: فضيحة الحكومة والأحزاب فى الانتخابات

النائب أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
النائب أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

فضحت جولات الإعادة فى انتخابات «النواب» الأحزاب المصرية والحكومة في آن واحد وكشفت أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان محقًّا عندما أعلن أن هناك سقطات في الانتخابات وقال لهم «اتقوا الله أولًا».
إن ما جرى في انتخابات الإعادة أكد أن أحزاب الموالاة تنتمى لأحضان الحكومة واستطاعت أن تنفذ من القائمة الوطنية التى تمثل قائمة العار السياسي بكل المعايير وبكل المقاييس، وأن بعض قيادات هذه الأحزاب فقدوا شرعيتهم داخل أحزابهم لكل الشبهات السياسية والمال السياسي الذي ظهر جليًّا في انتخابات المرحلتين الأولى والثانية، ومن خلال الفضائح والفيديوهات عن التبرعات التى مست كل الأحزاب.. وما خفي كان أعظم.
فإذا كنا مقبلين على عام جديد، فيجب أن تكون هناك حكومة جديدة وأحزاب مختلفة بمعايير ومواصفات جديدة، وأن يُهدم المعبد لأن الانتخابات والمهازل البرلمانية (لطّت) الجميع، بعدما وصل عدد طعون المرحلة الثانية إلى 300 طعن منها 40 طعنًا تم تحويلها لمحكمة النقض، وما زالت محكمة القضاء الإداري تفصل في 257 طعنًا آخر.
ماذا تريدون من هذا الشعب؟ وماذا تريدون من رئيس الجمهورية الذي رفع يده عن الجميع وتحدث عن الصورة السيئة التى صُدِّرت للشعب المصري في الداخل والعالم في الخارج؟
أعتقد أنه ستكون هناك مفاجآت من العيار الثقيل لأنني أستشعر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لن يصمت بعد انتهاء هذه المهازل الانتخابية لأنها أسوأ انتخابات في تاريخ البشرية ولم تحدث حتى في البلاد الفاشلة جدًّا.
وأراهن أن قرارات رئيس الجمهورية ستكون انحيازًا للشعب والمواطن المصري وهذا ليس بجديد عليه.
فأعتقد أن انتخابات الإعادة كشفت الأحزاب التى حصلت في مراحل التزوير على أرقام فلكية، وبعد سقوطها الذريع لم تتعد أصواتها 5 آلاف صوت بدلًا من 65 ألف صوت، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على أن الشعب المصري في كل محافظات مصر يرفض هذه الأحزاب، وإذا تم عمل استبيان حقيقي فإنها لا وجود لها في ذاكرة المواطن أو الوطن.
فرئيس الجمهورية والشعب المصري كل ما يهمهم هو سمعة هذا الوطن، والمواطن يريد حكومة جديدة بمواصفات ومعايير جديدة قادرة على تصويب كل هذا الطوفان من الخطايا والأخطاء والفضائح، فالذي نعرفه أن الذي أفسد الحياة السياسية والاقتصادية لا يمكن أن يكون هو أداة إصلاح جديدة لها.
وهناك نقطة خطيرة وهامة ومفصلية وهي أن الأحزاب في مصر الآن التى يطلق عليها (أحزاب الموالاة) هي أحزاب صناعة حكومية وليس لها قاعدة جماهيرية ولا وجود لها في الشارع وبين الناس، بل جاءت من خلال اتفاقيات الغرف المغلقة بين الحكومة والأحزاب فيما يسمى اتفاقية شرف (سرقة مقاعد البرلمان) بعيدًا عن أصوات الشعب، وخرجت من عباءتها ما يسمى (القائمة الوطنية المغلقة) وهي ليست وطنية ولا مغلقة، ولكنها قائمة العار والفساد الحزبي والسياسي والإفساد لتاريخ مجلس النواب، وما خفي من اتفاقيات وتبرعات وأرقام تم دفعها للحصول على مقعد في البرلمان لتأمين المصالح كان أعظم، وليذهب المواطن للجحيم، وسمعة الوطن لا تعنيهم، فهذه القائمة (هي اتفاقية شرف اللصوص لسرقة البرلمان وسمعة الوطن).
هذه حلقة البداية والصدام بين طغيان الحكومة والإرادة الشعبية، فالعقل الجمعي للمصريين رفض هذه الوصاية الديكتاتورية من أحزاب الحكومة وتوابعها، فانكشف المستور وخرج الجميع عن صمته وأدبه السياسي لأن الفساد وصل لبيع وشراء البرلمان، وأصبح البرلمان كالبورصة يدفع فيه من يستطيع أن يحصل على سهم (مقعد) كرهان على ضياع الوطن أمام المرتزقة الجدد الذين لا نعرف من أين جاءوا بهذه الأموال والمليارات مجهولة المصدر، فمن أين لك هذا يا هذا أو يا هؤلاء؟
هذا نصب سياسي لم يحدث في تاريخ مصر قبل الثورة أو بعدها، فلم نر هذه المهازل الانتخابية على مر الأيام أو التاريخ الحديث أو القديم، وجاءت شبكات التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا لتفضح وتكشف المستور، والله لولا تدخل الرئيس السيسي لكانت هذه الانتخابات في إعلامهم الآن أفضل انتخابات، ولكن الصدمة السياسية لهؤلاء المدعين الجدد هي تدخل رئيس الجمهورية شخصيًّا لأنهم لم يتوقعوا هذا على الإطلاق، لأن الحكومة تدعى أن البلد بلدها والناس ليسوا في الذاكرة والبرلمان برلمانها والنواب نوابها والأحزاب أحزابها والقوائم قوائمها، والطلاق والانفصال البرلماني والانتخابي لا يهمها، لأن الدفاتر دفاترهم ومقاعد البرلمان هي مقاعد الحكومة (فمن ترضى عنه الحكومة تأتي به ومن يخرج عن قواعد اللعبة الحكومية يُحكم عليه بالإعدام البرلماني وعدم دخول مجلس النواب)، فهذا التزاوج غير الشرعي بين الحكومة والأحزاب محكوم عليه (بالبطلان البطلان يا ولدي) مثل (زواج عتريس من فؤادة باطل باطل) فالمولود البرلماني غير شرعي، وهذا الشعب العظيم لم ولن يكون عبيدًا للحكومة لأن المواطن المصري يعرف حقوقه وواجباته ومسئولياته ولن يفرط في حريته أو اختيار نوابه للبرلمان؛ لأنه مجلس الشعب وليس مجلس الحكومة والأحزاب.
دعونا نتحدث بصراحة، فالجميع يتحدث عن بطلان الانتخابات بطلانًا كاملًا إذا أصدرت محكمة النقض قرارًا ببطلان الدوائر أو بطلانها كلها، لما شابها من مخالفات دستورية، حتى إن المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات -وهذا مسجل وتم تقديمه للمحكمة- أكد عدم قيام القضاة والمستشارين بتقديم محاضر الفرز للمرشحين للتوقيع عليها.
النقطة الأكثر خطورة -وهي أمام محكمة النقض- كيف تبطل الانتخابات على المقاعد الفردية ولا تبطل في القائمة الوطنية عن نفس الدوائر؟ هذا العوار الدستوري والقانوني لا يمكن بحال من الأحوال أن يمر مرور الكرام، وإذا مر أعتقد أنه من صلاحيات رئيس الجمهورية أن يتدخل لحل هذه المهزلة، فمصر لن تستطيع أن تستكمل مسيرتها بنفس الأحزاب، وبالتالي لا بد من إعادة ترتيب المشهد السياسي والانتخابي بما يليق بمصر، حتى إذا أبطلت المحكمة الانتخابات لا نكررها بنفس الحكومة ونفس الأحزاب، فلنستبق الأمر حتى لا يتكرر المشهد العبثي والمهين لشعب مصر، بالإضافة إلى ضرورة تغيير قانون مباشرة الحقوق السياسية وأن تجرى الانتخابات بالقائمة النسبية، لأنه كما قال الدكتور علي الدين هلال (هناك حالة خوف أن يترتب على برلمان 2025 ما ترتب على برلمان 2010 مع أن التاريخ لا يكرر نفسه).
إن سمعة انتخابات برلمان 2025 أصابها شلل وقدر من العوار وضرر سياسي بالغ، والكارثة الكبرى أن هناك 5 أو 6 دول في العالم فقط هي التى تعمل بهذا النظام (القائمة المغلقة) ولا يصح أن تكون مصر من ضمنها، لأن الواقع يقول إن نظام القائمة المغلقة هو تعيينات على شكل انتخابات، وعندنا زاد عليها المال السياسي الذي أصبح فجًّا ووقحًا بينما كان قديمًا يتم على استحياء وفي الخفاء، والآن أصبح على الهواء ومفضوحًا أمام العالم وأمام الشعب المصري.
لقد أصبح تغيير النظام الانتخابي وخاصة نظام القائمة مطلبًا أساسيًّا، لا سيما أنهم رفضوها أثناء الحوار الوطني، وهو ما يعني أن النية كانت مبيتة لتوزيع الغنائم والمقاعد، كل حسب حجمه واتصاله بالحكومة، لأن الحكومة تريد نوابًا تحاسبهم ولا يحاسبونها، فالمقولة تقول (كم أذل القهر أعناق الرجال!) وهذا ما تفعله الحكومة مع الأحزاب.
الشعب ينتظر القرار.. سواء من محكمة النقض أو من المحكمة الدستورية العليا، والأهم من الرئيس عبد الفتاح السيسي صاحب الطلقة الأولى لهدم المعبد السياسي والبرلماني على رءوسهم، وأعتقد أنه هو الوحيد الذي سينهيها ببطلان هذه الانتخابات بما له من سلطات قانونية ودستورية كرئيس للدولة وحكم بين السلطات.

حفظ الله مصر
وشعبها العظيم
وقائدها وقواتها المسلحة
خير أجناد الأرض.