الثلاثاء 21 مايو 2024 03:56 مـ 13 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

عماد الدين أديب يكتب: «ازدراء الحوار»!

عماد الدين أديب- أرشيفية
عماد الدين أديب- أرشيفية

سوف يظل عقل شيخنا الجليل مكرم محمد أحمد دائم التوهج والاستنارة والقدرة على تقديم التحليل السياسى العميق بمزيج من الموضوعية والشجاعة.

أمس الأول، شاهدت حواراً ممتعاً للأستاذ مكرم على قناة «الفضائية المصرية» توقفت فيه أمام رأى أستاذنا فى مسألة ازدراء الأديان التى أصبحت سيفاً مسلطاً على رقاب العديد من المفكّرين.

بادئ ذى بدء، لا يوجد إنسان عاقل ينتمى إلى ديانة سماوية يعيش فى منطقة الشرق الأوسط يسعى عامداً متعمداً إلى ازدراء الأديان.

وما نبّهنا إليه الأستاذ مكرم هو أنه كلما سعى مفكر إلى تقديم تأويل لأى مسألة بعيدة عن الثوابت الشرعية بهدف خدمة العقل الإنسانى كى تواكب الرؤى العصر الذى تحياه، اتهمناه بأنه يزدرى الأديان ويخالف ما هو معلوم من الدين بالضرورة.

ولمح الأستاذ مكرم إلى الإشادة بالجهد الذى تبذله السيدة الفاضلة الدكتورة آمنة نصير من أجل عمل تعديل للمادتين المقيدتين فى الدستور الجديد اللتين تختصان بمسألة «ازدراء الأديان»، وأضاف أن هناك العديد من نواب البرلمان الحالى الذين يؤيدون هذا الجهد.

ومسألة «إعمال العقل» كانت وما زالت جوهر فكر مكرم محمد أحمد منذ أن تتلمذت على يده فى جريدة الأهرام عام 1975.

كان الأستاذ مكرم يومياً يجلس فى «كافيه» الدور الرابع للجريدة يرتشف فنجان قهوته عند الظهيرة قبل أن يعد للصفحة الأولى من الجريدة ويحدثنا عن «أهمية الحوار».

ولو قمنا بتحليل مضمون كل ما نطق به وكل ما كتبه الأستاذ مكرم فسوف نكتشف أنه «شرح ودفاع وتفسير لأهمية نشر فضيلة الحوار داخل المجتمع».

أثار الأستاذ مكرم هذه المسألة حينما بدأ الرئيس أنور السادات يفكر فى بناء حياة حزبية حقيقية فى صيف 1979، وبدأ يعود إليها بعد اغتياله وتولى الرئيس حسنى مبارك الحكم.

وعاد الأستاذ مكرم ليقود بنفسه فريقاً من الحوار مع الجماعات الإسلامية المتطرفة داخل السجون بهدف التوصل إلى فكر المراجعة والإصلاح.

ولولا عناية الله، لما أخطأت رصاصات التطرف والتكفير الأستاذ مكرم، رغم أنه كان يحمّل رأيه الحوار لا القتل!

يسمى الحوار بالإنجليزية «ديالوج» أى الحوار بين طرفين أو أكثر، أما عكسها فهو «المونولوج» أى حوار الفرد الواحد بلا مشاركة آخر بالرد.

رفض الحوار يعنى أن نعيش فى عصر «المونولوج» أى حوار الفرد بلا مشاركة أو ما يعرف فى فكر «حزب البعث» بمنطق «التلقين السياسى» الذى يصدر من أعلى إلى رؤوس وعقول الجميع، بمثابة الأوامر التى لا قبل لنا بمناقشة حرف واحد منها.

«وأى كلام» ليس هو الحوار الذى علمنا إياه الأستاذ مكرم، فالحوار المطلوب له شروط موضوعية، أهمها أن يكون قائماً على العقل والعلم واحترام حق الآخر فى الاختلاف فى ظل احترام مشروع دولة القانون.

وأهم ما فى مسألة ضرورة الحوار أن يتفق الجميع على احترام النتائج التى يتم التوصل إليها، وإلا أصبحت المسألة تمثيلية سخيفة وفيلم مصرى تراجيدى ينتهى بمشهد دموى - لا قدر الله.
نقلا عن الزميلة "الوطن"