النهار
الإثنين 28 يوليو 2025 10:39 صـ 2 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
لإنجازاته ونشاطه.. تجديد تكليف الدكتور عمرو مصطفى مديرا لمديرية الصحة بالمنوفية دون وقوع إصابات.. الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر علي حريق داخل مصنع كريازي بالعبور وزير السياحة والآثار يطلق أول منصة إلكترونية للتدريب في مجالي السياحة والآثار في مصر (EGTAP) محافظ القليوبية في جولة مفاجئة لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة مكتبة الإسكندرية تطلق النسخة الأولى من مؤتمر ”اختر كُليّتك” بالبحيرة نائب رئيس الصفاقسي: معلول اتم اتفاقه مع النادي 3 مواسم.. والمثلوثي رحب بالعودة وأبوابنا مفتوحة مولر يقترب من مغادرة بايرن ميونخ إلى فانكوفر رئيس كومو: اتفاقنا مع موراتا قائم ولكن ننتظر جالاتا سراي النني يشارك في خسارة الجزيرة أمام ألميريا مدرب بيراميدز يهاجم موعد مباراة وادي دجلة: اللعب في حرارة 45 “خطر داهم” على صحة اللاعبين كوكا ينضم إلى معسكر الاتفاق ويقترب من التوقيع الرسمي ”خانوا العشرة لإشباع رغباتهم”.. ضبط عاطلين لتعديهم علي صديقهم بالإكراه بشبين القناطر

تقارير ومتابعات

نهر النيل فى خطر

بعد فشل المفاوضات الأخيرة بشأن سد النهضة، ووصول المفاوضات الماراثونية التى لا طائل منها، لنقاط وهمية من التفاهم وبعد التصريحات المستفزة من الجانب الإثيوبى للصحف العالمية بشأن الانتهاء من «سد النهضة» فى أواخر 2017، أصبح الدور المصرى حائرا بين الحقوق التاريخية والأمر الواقع الذى فرضته اثيوبيا التى تكتسب كل يوم وقتا للانتهاء من مشروعها دون النظر لأية أخطار تصيب مصر التى تقع فى حيز الفقر المائى.

ووصف الدكتور ضياء القوصى، خبير المياه الدولى، الموقف الإثيوبى بالمراوغ والمماطل واستغلال الفرص وإطالة الوقت بهدف كسب الوقت حتى يتم الانتهاء من إنشاءات سد النهضة، خاصة أنه تم الانتهاء من 47% من حجم الإنشاءات للسد فى 5 سنوات.
واعتبر أن إرجاء الدراسات الفنية لمكتبين استشاريين دوليين للإشراف على المعايير والدراسات الفنية لتقييم الآثار الناجمة وخطورتها على الأمن المائى المصرى كان خطأ من البداية، كما أن انسحاب المكتب الهولندى وبقاء نظيره الفرنسى يصب فى صالح الجانب الإثيوبى خاصة أن المكتب الفرنسى له سابقة أعمال مع اثيوبيا لمدة 15 عاما، فى الوقت الذى سعت فيه مصر بكل جهودها لعدم انفراد المكتب الفرنسى بالدراسات كاملة للسد لضمان نوع من الحيادية وضمان حق مصر ولكنه انسحب، كما يرى أن تصريحات الوزير الأخيرة تكشف أن الملف يدار بطريقة سليمة ووعى من جانب المفاوض المصرى، والأفضل أن ننتظر ما يحدث فى الأيام القادمة.
أما الدكتور محمود أبوزيد، وزير الرى الأسبق، فوصف الجانب الإثيوبى بالمماطلة والمراوغة والتى لا تصل للحلول بهدف كسب وقت تراه اثيوبيا فى صالحها، لكنه طلب من الجانب المصرى الاجتهاد فى توفير الدراسات المطلوبة التى تكشف الآثار السلبية التى ستصيب مصر جراء استكمال السد، مشيرا إلى أنه تثار علامات استفهام كبرى حول انسحاب المكتب الهولندى وبقاء الفرنسى الذى له سابقة أعمال مع الجانب الإثيوبى.
كما نصح "أبوزيد" بالاستغناء عن المكاتب الدولية طالما لم تتوافر بها الحيادية تجاه الدولتين وأن تستكمل الدراسات التى بدأت منذ مارس الماضى، ويتم استئناف واستكمال الدراسات بالاعتماد على خبراء الدول الثلاث وهم من يحددون خطورة السد.
وأضاف "أبوزيد" أنه وصل حجم إنشاءات السد لأكثر من 50%، وأن إثيوبيا خالفت كل القواعد بين الدول وكل مبادئ القانون الدولى التى تم الاتفاق عليها مثل حسن الجوار والإخطار المسبق ومبدأ حسن النية، خاصة أن كل مفاوضات الجانب الإثيوبى كانت تنصب على عمل سد ذى سعة تخزينية لا تتخطى 14 مليار متر مكعب مياه، لتحدث ثورة 25 يناير وتستغل الظروف الداخلية للبلاد وتقوم بعمل سد سعته التخزينية تتخطى الـ 74 مليار متر مكعب، وأشار إلى أن القانون الدولى لن يكون فى صالحنا إلا بعد انتهاء المكاتب الاستشارية من تقديم وتقييم الآثار السلبية الناجمة عن تشغيل وملء السد.
أما سيناريوهات الحل فتعتمد على استمرار المفاوضات وأن تكون أولوية المفاوض المصرى تقليل السعة التخزينية المبالغ فيها التى تصل لـ 74 مليار متر مكعب وهى سعة لا تبرر بأنها بهدف التنمية أو توليد كهرباء التى يمكن إنتاجها بسعات تخزينية أقل بكثير، فضلا عن مطالبات الجانب الإثيوبى بتقصير فترة ملء السد التى تضر بمصر وأمنها المائى.
وأوضح أنه لا تكمن خطورة سد النهضة فيه فقط، لكن إذا ترك السد بهذه الطريقة فستكون البداية لعشرات السدود الأخرى لباقى دول المنبع بدعوى الحق فى التنمية دون النظر إلى حق مصر فى الحياة.
أما الجهات الممولة للسد فيظهر الوجه الأمريكى والإسرائيلى إلى جانب الدعم الصينى بكافة تقنيات الإنشاءات.
من جانبها قالت السفيرة منى عمر إن المفاوض المصرى وقع فى فخ المراوغة الإثيوبية وانساق وراء الإثيوبيين الذين دفعوا بالمفاوضات إلى الجوانب الفنية على حساب الحقوق التاريخية لمصر وهى عدم المساس بحصتها السنوية وفقا لاتفاقية 1959 والتى نصت على أن تصل حصة مصر لـ 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
وعلى المفاوض المصرى أن يركز كل جهوده على هذه الاتفاقيات وألا يقتصر الجانب الإثيوبى بالالتزام  بأمن مصر القومى المائى بمجرد تصريحات عابرة لوسائل الإعلام، ولكن يكون ذلك فى اتفاقيات دولية توقع عليها الدول الثلاث، وأمام المجتمع الدولى وعدم الاكتفاء بمجرد محادثات لا طائل منها.
وأضافت" منى" أن الملف يدار عبر اللجنة الدولية لمياه الأنهار المشكلة من "الخارجية والرى والمخابرات والتعاون الدولى" واللجنة تضم كل الخبراء ويتم التسيق فيما بينهم، وإذا كان من حق إثيوبيا أن تسعى لتحقيق مصالحها فهذا لا يعنى الإضرار بمصر وأمنها القومى.
خبراء القانون الدولى
من جانبه قال أيمن سلامة، أستاذ قانون دولى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن السياسة الإثيوبية التى تتبعها فى سائر المفاوضات بشأن سد النهضة عكست سوء النية فى تنفيذ التعهدات الدولية وتحديدا اتفاقية سد النهضة الموقعة فى الخرطوم فى شهر مارس 2015 وأيضا البيان المشترك الذى صدر عن الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الإثيويبى الذى صدر 2014 فى غنينا الاستوائية.
وأضاف "سلامة" أن اثيوبيا تعتقد باستنزافها للوقت أنها تدع مصر أمام الأمر الواقع حيث تنتهى من بناء السد ويصبح واقعا يتم فرضه على مصر، وهذا كله فى وجه نظر القانون الدولى محض افتراء وانتهاك صريح لاتفاقية سد النهضة حيث يلزم إثيوبيا بعدم "التشغيل والإدارة واستعمال السد" إلا بعد ورود التقارير الفنية من اللجان الاستشارية التى توافق عليها الدول الـثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا".
وفى نفس السياق يقول الدكتور مساعد عبدالعاطى، أستاذ القانون الدولى، إن المفاوضات انصبت فى مجملها على الأمور الفنية، والتى كان من المفترض أن تنصب منذ البدايات على الإطار القانونى الدولى باعتباره الذى يحكم إنشاء المشروع من الأساس ويحفظ  الحقوق المصرية التاريخية ويحدد حصتها السنوية التى لا يجوز بأى شكل من الأشكال الإضرار أو الانتقاص منها.
ونحج المفاوض الإثيوبى فى إدخال مصر فى مفاوضات ماراثونية غير محددة بشروط زمنية ولم يشترط المفاوض المصرى وقف عمليات البناء ولو مؤقتاً، واستطاعت إثيوبيا أن تتأرجح بنا من لجنة دولية فى 2012-2013، و لم تف بالزاماتها لدرجة أن أصدرت هذه اللجنة تقريرها بأن إثيوبيا لم تفِ بتقديم الدراسات الفنية المطلوبة بحجم الإنشاءات التى أجريت فى السد، مما أدى إلى  تعطل إصدار قرار اللجنة الدولية بتقديم النتائج والدراسات التى كان سيتم الاستفادة منها فى حالة وجود تحكيم دولى، وطلبت تشكيل لجنة دولية أخرى.
أما إعلان المبادئ الموقع فى الخرطوم فهو إعلان يحمل إطارا عاما للدول الثلاث بشأن سد النهضة تم صياغته وفقا لقانون التعاون الدولى ولم يتضمن تحفظ مصر على سعة التخزين للسد أو يضمن وقف الأعمال الإنشائية مؤقتا، ولا يخرج عن كونه إعلانا توجيهيا للدول الثلاث يحثها على الالتزام بمبدأ حسن الجوار وعدم الإضرار وتسوية المنازعات.
أما الحلول العاجلة فتتطلب عقد قمة على مستوى الـ 3دول طبقا لاتفاقية المبادئ مع طلب مصر وقف الأعمال والإنشاءات مؤقتا لحين انتهاء الدراسات الفنية، علاوة على المطالبة بتشكيل لجنة قومية تضم خبراء مصر فى كل التخصصات على غرار لجنة طابا لأن المشكلة لا تتوقف على اثيوبيا فقط، بل هناك اتفاقية عنتيبى التى تمثل خطرا وتحديا على على الأمن المائى المصرى، وتأتى أهمية اللجنة فى إنشاء مرجعية موحدة لإدارة الملف فى هذا التوقيت الحرج ومساعدة صانع القرار السياسى على اتخاذ القرارات الإيجابية انطلاقا من المصلحة القومية للبلاد فى ضوء معايير القانون الدولى.
واختتم "مساعد" بأن مصر قدمت الكثير من المبادرات التى تدل على حسن نيتها وهذا لا يمثل عامل ضعف بل يمكن استغلاله لصالح الجانب المصرى على المستوى الإقليمى.
ويجب على المسئولين أن يراعوا فى تصريحاتهم حقيقة الوضع للأزمة وأن تكون فى ضوء قواعد القانون الدولى الحاكمة للإنشاءات والسدود على الأنهار.
وأكد دكتور حسن وجيه، خبير التفاوض الدولى، أن الاستراتيجية التفاوضية حول سد النهضة لابد أن تتخذ الاطار السياسى ووضع الشخصيات الأكثر نضجا فى الحوار والبعد عن الاسلوب العدائى للوصول الى الحل الذى يناسب مصر وهو زيادة حصة مصر من مياه النيل الى 75 مليار متر مكعب وليس الحفاظ على الحصة الحالية، ولنجاح هذه المفاوضات لابد من دخول عناصر جديدة فى المفاوضات داخلية وخارجية ومتابعة ردود افعالهم جيدا حول هذه الشخصيات وثقتهم فى الحوار معهم، مؤكدا أن وجود شخصيات مثل بطرس بطرس غالى سيدعم المفاوضات جيدا ويكون له اثر ايجابى بالنسبة لردود افعالهم لأنهم يتكلمون عنه بكل خير ويحترمون دوره جيدا، مؤكدين دائما أنه الوحيد الذى يدعم افريقيا ومع حقها فى التنمية ويتحدث كقائد وأنه يدعم كل الحضارات لكنه افريقى فى المقام الاول. 
وأشار إلى أن مصر لديها الكثير من الخبراء ورجال الدولة لديهم ثقافة الحوار مثل غالى، وعلى الدولة أن تستغلهم فى المفاوضات لأن المشهد الذى يصدرونه دائما من خلال المفاوضات عن مصر منذ ايام السادات هو التكبر والتعالى من الدولة المصرية تجاه اثيوبيا والدول الافريقية، مؤكدا أن الدول الافريقية تهمها العلاقة أكثر من التفاوض فلابد من الثقافة الحوارية بوجود اشخاص دبلوماسيين حوارهم يؤكد التكامل الافريقى والحق فى النهضة والتنمية للجميع مشيرا لمتابعتهم الجيدة لوسائل اعلامنا وأساليبنا الهجومية فى الحوار من بعض المسئولين تجاههم وعرضها على الرأى العام مما يؤثر بالسلب علي المفاوضات وشدد على ضرورة الثبات الانفعالى والهدوء أنه تكون فوق الازمة حتى نصل الى تفكير ايجابى وعدم القلق وظهور الانفعالات من المسئولين فى وسائل الاعلام.
مخاوف مشروعة وتصرفات تاريخية غير لائقة
وأضاف "وجيه": هناك مخاوف مصرية مشروعة من بناء سد النهضة بالتأكيد لأن إثيوبيا بدأت تتكلم فى التوزيع العادل لمياه نهر النيل، وهذا يكون على حساب مصر من ناحية تدفق النهر وحاجتنا للتدفق المائى كما ان هذه المخاوف واضحة ومشروعة ومن حقك انك تعبر عنها ومن حقك تقول إنك لن تسمح انها تتحقق، ولكن كل هذا لابد ان يكون عن طريق التفاوض والادوات الكثيرة الدبلوماسية والكثيفة ومن مفهوم الادراك المتكامل وليس من وجهة نظرنا فقط أن اثيوبيا متخوفة كما تروج لنفسها عالميا أنك كقائد للمنطقة لا تراعيهم وأنك قطعت عنهم المياه المالحة عن طريق اريتريا ولا تؤيد حقهم فى النهضة أو التقدم وموضع السد أخذ بعدا وطنيا عاليا جدا لديهم كما أخذ مشروع السد العالى فى مصر وقت بنائه كما أنه يوجد قدر من العداء التاريخى لابد من تفكيكه لأن هناك تراكمات فى العلاقات من وقت حكم السادات عندما هدد بالقوة وسخر من رئيس وزراء اثيوبيا قائلا "هناك ولد اسمه مونجستو هضربه لو عمل حاجة فى النيل" وظهر مونجستو بعدها بزجاجة مليئة بالدماء وقال: هذا ما بيننا وبينهم حتى فتحت لهم الطريق لإبرام اتفاقات ومعاهدات مع خصومك. مضيفا أن اللغة التفاوضية لابد أن تؤكد لهم حقهم فى التنمية والتقدم وابراز أن فكرة بناء السد مخيفة لأنها بمثابة تحجيم كعمل حنفية تفتحها وتغلقها كما تشاء لكن لابد الا نظهر قلقنا بالانفعالات لأن هناك أكثر من اتجاه لتغيير الجيوبوليتكس للمنطقة أو الموقع الجغرافى وتأثيراته وهناك محاولة من الدول الكبرى والدول التى قد تلعب دورا معاديا لتغيير الاتجاه الجغرافى لإفريقيا من الشمال للجنوب لأهداف سياسية.
وأوضح ان الرئيس عبدالفتاح السيسى قلب الميزان لأنه تبنى وجهة نظر الواحد لواحد وذهب لهم الى البرلمان وأكد لهم على تحقيق اهدافهم دون المساس بحقوق جميع الاطراف، وبالتالى لابد من طرح القضية للتدويل وليس التدويل الرسمى من خلال حشد الدول، والخبراء الاجانب يؤيدون دور مصر فى ندوات ومؤتمرات ويسلط عليها الضوء اعلاميا لأن اثيوبيا تبين دائما للرأى العالمى انها المقهورة والمظلومة مما ادى لتعاطف دول كثيرة تجاهها بدليل اتفاقية عنتيبى والدولة التى ذهبت لها من وراء مصر وبعدها استضفناهم فى شرم الشيخ، مشددا على ضرورة كشف الموقف الاثيوبى فى كل جولة للرأى العام الدولى للترويج دوليا للموضوع.