الخميس 28 مارس 2024 10:29 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
محكمة العدل الدولية :المجاعة التي تحدثها إسرائيل في غزة ”كابوس إنساني بالفعل ” اكاديمية السباحة بالغردقة تواصل تدريبات التأهل لعبور المانش تكريم 115 من النشء حفظة القرأن الكريم بمركز شباب نجير رئيس جامعة بنها يتفقد الخدمة الطبية بالمستشفى الجامعى رفع 450 طن مخلفات بلديه و 120طن اتربه و100 طن مخلفات صلبه بالدقهلية زيارة وفد السفارة الفرنسية بالقاهرة لجامعة المنصورة لبحث سبل التعاون سائحو جدة يستمتعون بالسحور المميز والفعاليات الاستثنائية «آي صاغة»: استقرار نسبي في أسعار الذهب بالأسواق المحلية والأوقية تكسر القمة السابقة لها المداح 4 الحلقة 19 - صقر و3 يمامات.. حمادة هلال يبدأ رحلة البحث عن إرث جده العسومي : يثمن مواقف موسكو الداعمة للقضية الفلسطينية، ويبحث سبل تعزيز ومأسسة العلاقات البرلمانية العربية الروسية برلماني: مبادرة الحكومة لخفض أسعار السلع خطوة إيجابية لدعم المواطن وتلبية احتياجاته اليومية أبو الغيط : غياب الأفق السياسي سيحبط أي جهود لجلب الاستقرار في غزة

رئيس التحرير

أخيرا عاد جيش العرب

أصبح المطلب الشعبى من المحيط إلى الخليج بإنشاء جيش للعرب قادر على حل الأزمات والانقسامات ويكون مدافعا عن الهوية العربية وسيادة الدول ومؤسساتها وأن تذوب الحدود العربية وتصبح تجمع ولا تفرق، حتى لا يتمكن الطامعون والغزاة الجدد من محاولة تفكيك العالم العربى من خلال استخدام مفردات جديدة على واقعنا وشعوبنا وهى النعرات الطائفية والمذهبية للقضاء على الهوية العربية التى أصبحت تمثل صمام أمان  للمنطقة فى هذا العالم الذى يتغير كل ساعة.

لذلك كانت القراءة الأولية لأحداث القمة العربية أنها توحدت وأسقطت حاجز الحساسية وعدم الثقة والقُطرية فى كثير من الملفات العربية والأزمات، فلذلك نجحت مصر لأول مرة فى احتواء كل الدول العربية بكل توجهاتها وأهدافها، لتجعلها تصب فى خندق واحد هو خندق الجيش العربى الموحد تحت قيادة عربية بغض النظر عن الاسم أو المكان، ويجب علينا أن ننتبه إلى أن الغزو الإيرانى قادم من كل الاتجاهات وخاصة بعد توقيع اتفاقية الإطار خلال الساعات المقبلة، التى تعطى لإيران الضوء الأخضر للعبث فى البحر الأحمر وباب المندب، ومحاصرة وتهديد أمن واستقرار السعودية، الداعم والحليف الأول لمصر.

ودعونا نتساءل عن الدور الخفى والمحورى الذى لعبه جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة فى صنعاء وإصراره بل وذهابه إلى صعدة للحوثيين وإعطائهم الضوء الأخضر للمشاركة فى الحوار الوطنى والسيطرة على صنعاء ومفاصل الدولة ودار الرئاسة وهذا لا يمكن أن يأتى من فراغ إلا من خلال ترتيب متفق عليه ومثلث الشر "الحوثيين - على عبد الله صالح - الإيرانيين".

ولا يمكن لأى مراقب أو محلل أن يترك التصريح الخطير الذى أدلى به مستشار الرئيس الإيرانى روحانى قبل أسبوعين بأن الإمبراطورية الفارسية عادت بقوة وعاصمتها بغداد، بمعنى أن بغداد التى كانت البوابة الشرقية للأمن القومى العربى أصبحت فى يد الإيرانيين والفارسيين.

ولكن لعب الإيرانيون على وتر شهوة السلطة مع على عبدالله صالح، هذا "الحاوي" السياسى الذى هو فى الأصل صناعة خليجية، ورعاية سعودية أنقذته من الموت بعد أن تم حرقه من خلال ثورة الشعب اليمنى فى 2011، وأعطته حماية لوجيستية بعدم الاقتراب منه أو أولاده أو رجاله.

وكان المقابل هو التحالف مع الأعداء لإسقاط اليمن إلى الحرب الأهلية والفوضى.

ولأن ما لا يدركه الآخرون أن التركيبة اليمنية هى فى الأساس "قبلية" فإنها ترفض أى تدخل خارجى حتى لو كان عربيا، ولكن للأسف الشديد تركنا اليمن منذ فترة طويلة يسقط فى يد الحوثيين ورجال عبد الله صالح إلى أن جاءت العاصفة لتحاول أن توقف المد الفارسى فى منطقة باب المندب التى تمثل7 بالمائة من التجارة العالمية وشريان الحياة لقناة السويس التى تمثل الرئة الجديدة لمستقبل مصر المقابل.

فلذلك كان بعيدا عن الأقوال والكلمات والشعارات أن تستيقظ الجامعة العربية فى وجود رجل جاءت به المقادير ليقود سفينة الجامعة العربية والتصدى للأزمات العربية التى كادت تغرق فى بئر الانقسامات والخلافات ليوحد البوصلة والاتجاه ويكون القرار العربى الذى طال انتظاره من الشعب بإنشاء قوة عسكرية عربية بدلا من استدعاء الأمريكان والغرب الذين كانوا سببا وقاسما مشتركا فيما يجرى فى عالمنا العربى وخاصة فى ليبيا وسوريا والعراق.

وكان السيسى هو صاحب الضربة الأولى لاستدعاء القوة العربية من خلال فكرته بإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة موجها صفعة للأمريكان والإخوان واليهود والأتراك أن مصر العرب متيقظة لكل المخططات التى تحاول أن تضرب عجلة الاستقرار والتنمية فى مصر، فلذلك كانت أحداث اليمن والتعنت فى رفع الحظر عن السلاح للجيش الليبى، وظهرت قواعد اللعبة أثناء الجلسة المغلقة الختامية للقمة العربية بشرم الشيخ، عندما اعترض وزير خارجية قطر خالد العطية قائلا بدهاء واستعطاف: كلنا أخطأنا فى حق ليبيا واعتقدنا أنه بمجرد سقوط القذافى ستنتهى الأزمة، وأننا نعرف أن 50% من أبناء الشعب الليبى لا يوافقون على رفع الحظر لأن يقوى طرف على طرف آخر.

وكان ذكاء السيسى الذى يقود سفينة العرب فى شرم الشيخ بأن أعطى الكلمة لرئيس الوفد الليبي"رئيس مجلس النواب عقيلة صالح"  الذى لقن وزير خارجية تميم  درسا، موضحا أمام القمة بأن هناك توافقا بين الشعب الليبى والجيش ولا يوجد طرف ثالث إلا الإخوان "ميليشيات فجر ليبيا" الذى تدعمه قطر.

وكشف قائلا: إننا شعب قبلى ليس لدينا أجندات مثل الآخرين، مطالبا بضرورة رفع الحظر عن السلاح للجيش الوطنى الليبى، وصفقت القاعة وتم رفض المطلب القطرى الذى تحفظ بشكل كامل على مجمل القرار الخاص بليبيا.

ولذلك أصبحت هناك أصوات تطالب بسرعة التدخل العربى فى عاصفة العرب الجديدة فى الملف الليبى الذى سيمثل نقلة حقيقية فى الواقع العربى الجديد وتحقيق مطالب الشعب الليبى الحر الأبى، ناهيك عن ضرورة التوافق السياسى على عودة مقعد سوريا فى الجامعة العربية لتعود سوريا الدولة والحكومة والشعب إلى الحضن العربى وانتشالها من المستنقع الإيرانى ومواجهة ميليشيات داعش والنصرة التى أتى بها الأمريكان لمحاولة إسقاط وتفتيت سوريا وتحويلها إلى دويلات، فهل يعقل أن بلاد الشام التى صدرت الثقافة والمعرفة والعلماء والفقهاء والموسيقى والصحافة إلى العالم العربى يعيش أكثر من 4 ملايين من أهلها لاجئين فى دول الجوار ....هذه إهانة للعرب والأمة العربية والجامعة العربية، فلذلك يجب أن تتوافق مصر والسعودية رغم الاختلافات فى هذا الملف الشائك وأن تفوت الفرصة على قطر إحدى الأدوات الأمريكية فى المنطقة، وأن نتناسى مرحليا وجود بشار الأسد وأن نحافظ على وحدة التراب السورى والبقية الباقية من الدولة السورية ، لأننا كلنا متهمون بالتقصير فى حق الشعب السورى الأصيل.

وأعجبنى ما قاله أبو مازن عندما طالب القمة العربية أن يكون هناك رمز لها وأعتقد أن السيسى هو المرشح الأول لهذا الدور لكى يذهب إلى الكونجرس الأمريكى والاتحاد الأوروبى وكل المنظمات الدولية الفاعلة ليوضح الرؤية العربية والحقائق بعيدا عن إعلام الإخوان والأمريكان الذى يقلب الحقائق ويشوه الوقائع لحساب أجندتها ومصالحها الخاصة وأمن إسرائيل أولا وأخيرا .

والشيء اللافت فى قضية إنشاء قوة عسكرية عربية هو عودة السودان إلى الحضن العربى بعد أن كادت تختطف من قبل إيران، وهو ما أعلن عنه الرئيس عمر البشير عنه بوضوح ولعبت مصر والسعودية دورا كبيرا فى عودة السودان إلى الحاضنة العربية.

ولا شك أن الدور القومى والعروبى الذى لعبه الملك عبد الله بن الحسين العاهل الأردنى فى دعمه اللامحدود لإنشاء القوة العسكرية والحفاظ على الأمن القومى العربى والمشاركة الفعالة فى عاصفة الحزم وكذلك فى ضربه لأوكار داعش فى العراق وسوريا بعد اغتيال معاذ الكساسبة هذه الدور أصبح حديث الشارع الأردنى ويحظى بدعم الشارع العربى، بالإضافة إلى موقف المغرب ومشاركته العسكرية واستضافته للقمة المقبلة 2016 سيكون نقطة تحول جديدة وإضافة فى المعادلة العربية، وكذلك الدور اللوجيستى الذى ستلعبه الجزائر التى ستكون داعما لإنشاء القوة العسكرية فى إطار ما يسمح به دستورها.

ولذلك أعتقد أن العراق سيعود ليندمج فى هذه القوة لكن هو له معطياته وأسبابه ومشاوراته فى الوقت الراهن لكن لابد أن تعود بغداد إلى الحضن العربى فهى عاصمة الثقافة والمعرفة والتراث والآثار وبلد العلماء وهى المتضرر الأكبر من التفكك العربى ومؤامرات إيران والأمريكان.

ولا يخفى على أحد الدور المحورى الذى يقوم به أمير دولة الكويت فى الدعم العسكرى فهو بخبرته وحنكته ودبلوماسيته استطاع أن يفك كثيرا من الخلافات والإسهامات سواء داخل البيت الخليجى أو الجامعة العربية، ولا يمكن أن ننسى دور الفارس القادم وهو محمد بن زايد هذا الرجل الذى كان لاعبا رئيسيا فى إعادة القوة العسكرية العربية للعمل مرة أخرى.

وختاما استطاع خادم الحرمين أن يوجه سهامه إلى كل المشككين والمدعين بأن موقف السعودية بعد وفاة الملك عبد الله سيتغير تجاه مصر والقضايا العربية وهاهى عاصفة السعودية تعصف بالمتآمرين والمتشككين والإيرانيين والإخوان المسلمين ليتم أكبر تحالف عسكرى فى تاريخ العرب فى العصر الحديث حول قضية محورية وهى اليمن السعيد التى تحكى أسطورتها بلقيس بأنها ستعود رغم أنف الحوثيين والإيرانيين وعلى عبد الله صالح، وهاهى السعودية تفاجئ القمة العربية بحضور عبد ربه منصور هادى إلى شرم الشيخ لتستقبله مصر والرئيس السيسى الذى عبر أن شرعية هادى مستمدة من الشعب اليمنى وهاهى الأيام والأقدار تجعلان نعيش ميلاد زمن جديد للجامعة العربية وهو إنشاء الجيش العربى ليكون نواة جديدة لتحقيق الاستقرار الحقيقى للشعوب وشباب العالم العربى الذى ضاق بالأقوال وغياب الأفعال.