«محمد جبريل.. مشروع حياة» يوثق سيرة أديب استثنائي في احتفاء مؤتمر أدباء مصر بدورته السابعة والثلاثين

في إطار احتفاء مؤتمر أدباء مصر بشخصية دورته السابعة والثلاثين، صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان كتاب «محمد جبريل.. مشروع حياة»، من تأليف الكاتب والناقد محمد عبد الحافظ ناصف، وذلك ضمن إصدارات المؤتمر العام لأدباء مصر لعام 2025، الذي تقرر انطلاق فعالياته خلال الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر الجاري بمحافظة شمال سيناء، حاملاً اسم الأديب والروائي الكبير الراحل محمد جبريل.

ويأتي إصدار الكتاب بوصفه تحية ثقافية ومعرفية رفيعة لقامة أدبية تركت أثراً عميقاً في المشهد السردي المصري والعربي، حيث يمثل العمل وثيقة أدبية وإنسانية شاملة ترصد ملامح مشروع محمد جبريل الإبداعي، الذي امتد لعقود طويلة، قبل رحيله في يناير 2025، وتركه خلفه إرثاً ضخماً يضم أكثر من أربعين رواية، إلى جانب عشرات المجموعات القصصية والكتب النقدية والدراسات الفكرية.

وفي مقدمة الكتاب، يصف محمد عبد الحافظ ناصف الأديب الراحل بأنه كان «أباً لجيل كامل من المبدعين»، مشيراً إلى دوره المحوري في رعاية وتشجيع المواهب الشابة، سواء من خلال عمله الصحفي أو حضوره الثقافي المتواضع والإنساني، مؤكداً أن محمد جبريل لم يكن مجرد كاتب غزير الإنتاج، بل صاحب رؤية متكاملة ومشروع حياة قائم على الإخلاص للكتابة والوفاء لقيم الثقافة والمعرفة.

وينقسم الكتاب إلى أربعة فصول رئيسية، تتناول الركائز الأساسية في عالم محمد جبريل الإبداعي. ففي فصل «جبريل والتاريخ»، يتوقف المؤلف عند توظيفه الواعي للرواية التاريخية، التي لم يكن يعاملها كسرد للأحداث الماضية بقدر ما استخدمها كمرآة لإسقاطات الحاضر واستشراف المستقبل، كما يتجلى ذلك في أعمال بارزة مثل «قلعة الجبل» و«حلق وحيداً» التي تناولت سقوط غرناطة بوصفه رمزاً حضارياً وإنسانياً متجدداً.

أما فصل «جبريل والوطن»، فيرصد العلاقة العضوية التي ربطت الكاتب بمصر، وبالإسكندرية على وجه الخصوص، حيث احتلت المدينة وحي «بحري» مكانة خاصة في وجدانه وإبداعه، وخلدهما في رباعيته الروائية الشهيرة: «أبو العباس»، «البوصيري»، «ياقوت العرش»، و«علي تمراز»، التي تعد من أبرز العلامات في السرد المصري الحديث.

ويأتي فصل «جبريل والسيرة» ليتناول تداخل السيرة الذاتية مع العمل الروائي، متوقفاً عند روايته التسجيلية المؤثرة «مقصدي البوح لا الشكوى»، التي وثّق فيها رحلته الإنسانية مع المرض، كاشفاً عن شجاعة داخلية وصدق نادر في مواجهة الألم والوجود. بينما يركز الفصل الرابع «التجريب» على انحياز محمد جبريل الدائم للتجديد الفني، وكسر القوالب التقليدية للسرد، وسعيه المستمر لاكتشاف أشكال جديدة للكتابة دون التفريط في عمق الرؤية وصدق التجربة.

ويتضمن الكتاب باباً خاصاً بعنوان «شهادات ووثائق»، يضم حواراً إنسانياً مهماً مع الدكتورة زينب العسال، زوجة الكاتب الراحل، تكشف خلاله عن جوانب غير معروفة من حياته اليومية، وطقوسه في الكتابة، وفلسفته الهادئة في التعامل مع العالم، القائمة على «الاستغناء والإخلاص» بوصفهما جوهرين للحياة والإبداع. كما يشتمل الإصدار على ببليوجرافيا وافية توثق كامل أعمال محمد جبريل، إلى جانب الرسائل الجامعية التي تناولت أدبه، والدراسات والمقالات النقدية التي كُتبت عنه على مدار مسيرته.

ويُعقد المؤتمر العام لأدباء مصر هذا العام برئاسة الشاعر والسيناريست الدكتور مدحت العدل، وأمانة الشاعر عزت إبراهيم، ويشهد الاحتفاء بعدد من الرموز الإبداعية في مصر، إلى جانب تكريم خاص لمبدعي شمال سيناء، تأكيداً على دعم الثقافة في المناطق الحدودية وتعزيز حضورها في الوجدان الوطني.

ويقُام المؤتمر بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر الدكتور مسعود شومان، وينفذ من خلال الإدارة العامة للثقافة العامة، وإدارة المؤتمرات وأندية الأدب برئاسة الشاعر وليد فؤاد. وصدر كتاب «محمد جبريل.. مشروع حياة» ضمن مطبوعات المؤتمر من خلال الإدارة العامة للنشر الثقافي برئاسة الكاتب الحسيني عمران، وبمتابعة وتنفيذ مدحت العيسوي، والإخراج الفني لريهام خيري، وتصميم الغلاف للدكتورة إنجي عبد المنعم.

ويعد المؤتمر العام لأدباء مصر واحداً من أبرز الفعاليات الثقافية السنوية التي تنظمها وزارة الثقافة عبر الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث يهتم بمتابعة وتحليل المشهد الأدبي في مختلف محافظات الجمهورية، من خلال حوارات فكرية ونقدية يشارك فيها نخبة من الأدباء والباحثين. وتأتي دورته السابعة والثلاثون استكمالاً لمسيرة طويلة من الحراك الثقافي، تناقش قضايا الراهن الأدبي وتحولات الكتابة المصرية المعاصرة، مع تركيز خاص على دعم الأصوات الشابة وتعزيز العدالة الثقافية في المجتمعات المهمشة.