النهار
الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 06:41 مـ 13 جمادى أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
قرموطي وبحلق في مواجهة سعادة.. رصاص ودم في بهتيم والأمن يتدخل محافظ أسيوط يستقبل رئيس جهاز تنمية المشروعات ويبحثان ضخ تمويلات جديدة ودعم التجمعات الصناعية لتعزيز الاقتصاد المحلي غدًا .. المؤتمر الصحفي لمباراة الأهلي وسيراميكا في السوبر المصري رئيس جامعة المنصورة : تطوير شامل للبنية التحتية التعليمية والطبية لتحقيق التحول نحو جامعة ذكية تريزيجيه: بطولة الأهلي الدولية فرصة ذهبية لتطوير قطاع الناشئين «بن شرقي»: البديات القوية مهمة.. وهدفنا الصعود لمنصة التتويج إطلاق خدمة الدليل الصوتي بالمتحف المصري الكبير شنت مديرية التموين بمحافظة كفر الشيخ حملة تموينية موسعة بمركز دسوق نائب محافظ القليوبية تستجيب لشكاوى الأهالي وتطلق حزمة قرارات خدمية تركي آل شيخ يعلن اول فشل افتتاح المتحف المصري الكبير بتكلفة 11.8 مليون جنية.... محافظ البحر الأحمر يفتتح وحدة صحة سفاجا بعد تطويرها وكيل ”تعليم البحيرة”: تفعيل البرامج العلاجية للقراءة والكتابة ومتابعة التحصيل الدراسى للتلاميذ

عربي ودولي

“صفقة القرن الإفريقية”.. كيف يحاول الجيش السوداني شراء دعم واشنطن بالتطبيع مع إسرائيل؟

الجيش السوداني
الجيش السوداني

في تطور سياسي وأمني مفاجئ، برزت معلومات جديدة حول ما وُصف بـ"الصفقة الكبرى" التي يعرضها الجيش السوداني على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في محاولة لإعادة تموضع الخرطوم بالكامل ضمن المحور الأميركي الإسرائيلي مقابل ضمانات بالحماية والدعم الاقتصادي.

ووفقًا لتقارير متقاطعة من دوائر دبلوماسية وإعلامية، أرسل الجيش السوداني وفدًا رفيعًا إلى واشنطن يضم وزير الخارجية محيي الدين سالم، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الفريق ركن أحمد علي صبير، والعقيد عمرو أبو عبيدة، لعرض الصفقة على البيت الأبيض عبر مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط بولس.

صفقة بثلاثة أوجه

تتمحور المحادثات الجارية، وفق التسريبات، حول ثلاث ركائز رئيسية تمثل جوهر الصفقة التي يسعى الجيش السوداني إلى تمريرها في واشنطن.
الركيزة الأولى تتعلق بالتطبيع الكامل مع إسرائيل، إذ أبدت الخرطوم استعدادها لفتح سفارة إسرائيلية ومكتب أمني تابع للموساد في العاصمة السودانية، في خطوة يُنظر إليها على أنها تحول جذري في موقف السودان التاريخي من القضية الفلسطينية، ونقلة سياسية تعكس رغبة الجيش في كسب رضا واشنطن وتل أبيب على حد سواء.

أما الركيزة الثانية فتتمثل في تقديم تنازلات أمنية كبرى للولايات المتحدة، على رأسها إلغاء اتفاق إنشاء القاعدة البحرية الروسية في بورتسودان، مقابل السماح بإقامة قاعدة عسكرية أميركية أو تابعة لحلفائها في البحر الأحمر، بما يضمن حماية المصالح الغربية وتأمين واحد من أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم.

في حين تتمحور الركيزة الثالثة حول ملف قوات الدعم السريع، إذ يطالب الوفد السوداني الإدارة الأميركية بتصنيفها منظمة إرهابية، مع الضغط على الإمارات لوقف تمويلها وتسليحها، باعتبارها بحسب ما ورد في المقترح "الميليشيا الأخطر التي تهدد استقرار السودان ووحدة أراضيه".

مقايضات سياسية حساسة

وبحسب المعلومات، يسعى الجيش السوداني من خلال هذه المقايضات إلى تثبيت شرعيته السياسية أمام واشنطن، في وقت يواجه فيه ضغوطًا داخلية متزايدة وتدهورًا اقتصاديًا حادًا. كما يأمل الوفد في انتزاع التزامات أميركية بإعادة إدماج السودان في النظام المالي الدولي ورفع ما تبقى من العقوبات، إضافة إلى الحصول على دعم مباشر لإعادة هيكلة الجيش وتسليحه.

خرطوم جديدة تحت المظلة الأميركية

الوفد العسكري أبلغ الجانب الأميركي، وفق التسريبات، بأن الخرطوم مستعدة لإعادة صياغة توجهاتها الخارجية بالكامل وفق المصالح الأميركية، والتعاون في الملفات الإقليمية الحساسة، من البحر الأحمر والقرن الإفريقي إلى التنسيق الأمني مع تل أبيب.

وتشير تقديرات مراقبين إلى أن هذه التحركات قد تُحدث تحولًا جذريًا في خريطة التحالفات داخل إفريقيا والشرق الأوسط، إذ ستؤدي حال إتمامها إلى إضعاف النفوذ الروسي في البحر الأحمر وتوسيع دائرة الحضور الأميركي في واحدة من أكثر المناطق الاستراتيجية سخونة.

قلق داخلي وتساؤلات إقليمية

في المقابل، أثارت الأنباء عن الصفقة موجة من الجدل وانقسامًا واسعًا داخل الأوساط السودانية، حيث حذّر معارضون من أن الجيش يراهن على الخارج للبقاء في السلطة،و أن أي اتفاق سري مع واشنطن أو تل أبيب دون تفويض شعبي سيُشعل الشارع مجددًا ويقوّض فرص التسوية الوطنية كما أن الجيش يغامر بالسيادة الوطنية مقابل حماية سياسية، فيما يرى مراقبون أن الخطوة رغم حساسيتها قد تمنح الخرطوم فرصة نادرة لإعادة تموضعها دوليًا بعد سنوات من العزلة والتفكك الداخلي.

ويرى خبراء في الشؤون الإفريقية أن المقترح السوداني يُعد محاولة جريئة للعب بورقة التوازنات الدولية، لكنه قد يضع السودان في قلب صراع النفوذ بين واشنطن وموسكو وتل أبيب وأبوظبي، خاصة أن روسيا تعتبر بورتسودان ركيزة رئيسية لاستراتيجيتها البحرية في إفريقيا.

وفي تعليقٍ على التطورات، قال جوناس هورنر، الزميل الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR)، في تصريحات خاصة:"الجيش السوداني يوظّف الورقة الروسية لإثارة اهتمام واشنطن، في محاولة لتأمين دعم سياسي واقتصادي عاجل،"
محذرًا من أن "أي اصطفاف كامل مع الولايات المتحدة قد يدفع موسكو إلى تعزيز تحالفاتها العسكرية في شرق إفريقيا كردّ فعلٍ مباشر، ما يهدد بإعادة تشكيل موازين القوى في البحر الأحمر."

ومن جانبه، يري الخبير في الشؤون الإقليمية الدكتور سامي الدليمي، إن "ما يقوم به الجيش السوداني يمثل إعادة اصطفاف كاملة تحت المظلة الأميركية، في لحظة تُعاد فيها رسم خرائط النفوذ بين واشنطن وموسكو في البحر الأحمر".
وأضاف أن "الصفقة المقترحة لا تقتصر على التطبيع مع إسرائيل، بل تمتد لتأسيس نظام أمني جديد في القرن الإفريقي، تُصبح فيه واشنطن اللاعب الرئيسي بعد تراجع الحضور الروسي".
واعتبر الدليمي أن "الجيش السوداني يحاول تقديم نفسه كحائط صدّ ضد تمدد الدعم السريع من جهة، وضد النفوذ الروسي من جهة أخرى، طمعًا في شرعية سياسية ودعم اقتصادي غربي، لكن الثمن سيكون باهظًا داخليًا، لأنه سيضع السودان في مواجهة قوى داخلية وإقليمية غاضبة من هذا الانحياز".

وبين شدّ وجذب المصالح الدولية على أرض السودان، تبدو الخرطوم اليوم أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما أن تنجح في تحويل الصفقة إلى بابٍ جديد للشرعية والدعم الغربي، أو تجد نفسها في قلب صراع نفوذٍ دولي تتقاطع فيه واشنطن وموسكو وتل أبيب، بينما يبقى الشعب السوداني هو الطرف الأكثر انتظارًا لنتائج ما يدور خلف الكواليس.

موضوعات متعلقة