كيف نحمى أولادنا من العنف بالمدارس؟ استشاري نفسي تقدم ”روشتة”
زادت في الآوانة حوادث العنف داخل المدارس، ولم تقتصر على الطلبة بل وصلت إلى بعض المعلمين، تعددت الحالات ما بين تعدي الطلبة على بعضهم أو تعدي بعض المعلمين على الطلبة أو تجرؤ بعض الطلبة وأولياء أمورهم بالتضرب والسب على المعلمين، وآخرها، اعتداء طالب على معلم، ومزق ملابسه بإحدى مدارس القليوبية، ومعلم يعتدي على طالب بمدرسة بالفيوم، ومدير مدرسة يتحرش بطالبة في شبين القناطر، هل ستتوقف سلسلة حوادث العنف والتحرش في المدارس؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة.

الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري
وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن، استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري ، أن ظاهرة العنف المدرسي تُعد من أخطر الظواهر الاجتماعية التي أخذت تتفاقم مؤخرًا في مختلف المجتمعات العربية والدولية، وقد أدى تفاقم هذه الظاهرة لمزيد من التأثيرات السلبية على الصحة النفسية والعقلية للطالب.
وأضافت "عبدالرحمن" في تصريحات خاصة لـ "النهار" أن مشكلة العنف المدرسي تأخذ أشكالًا متنوعة كالعنف الجسدي، واللفظى، والنفسي مما يؤثر على نفسية الطالب ويعوق من تحصيله الأكاديمي، ويضعف من رغبته في الذهاب إلى المدرسة، فقد أثبتت الدراسات العلمية أن التعرض للعنف المدرسي يتسبب في الكثير من المشاكل النفسية والعقلية للطلاب ومن أبرزها: ضعف التحصيل الدراسي، تدني الاستحقاق الذاتي، الاكتئاب والقلق والتوتر، ضعف المهارات الاجتماعية، زيادة معدلات الغياب المدرسي، ضعف الشخصية.
وتابعت: "لعلاج هذه الظاهرة الاجتماعية يجب علينا معرفة الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى العنف المدرسي بين الطلاب، من أهمها: العنف الأسري، فالأطفال الذين يتعرضون للعنف في المنزل قد يقلدون هذا السلوك السلبي في المدرسية، ضعف الرقابة التعليمية، وعدم وجود حدود واضحة يتعامل من خلالها الطلاب داخل المدرسة، التفرقة بين الأبناء، والتي ينشأ عنها سلوك الغيرة والعدوانية تجاه الآخرين نتيجة لمشاعر النقص والدونية والرغبة في الانتقام، افتقار الطالب للقدرة على التعبير عن النفس وحل الخلافات وإدارة الغضب بالطرق المقبولة اجتماعيًا، تجعله يلجأ للعنف كوسيلة للتعبير عن الغضب، مشاهد العنف والبلطجة والقتل التي أصبحت محتوى إعلامي رائج على مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية أو ما يسمى بالتريند مما يزيد من رغبة الطالب على تقليد هذه السلوكيات الغير الأخلاقية".
وللتصدي لهذه الظاهرة، قدمت الدكتورة ريهام عبدالرحمن الـ "روشتة" التالية: الحرص على أن تكون هناك حملات توعية وتثقيف مستمرة للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور ضد ظاهرة العنف المدرسي، والعمل على غرس القيم الإيجابية واحترام الآخر بداخلهم، ضرورة أن تكون هناك بيئة تعليمية آمنة تقوم على الدعم النفسي المستمر للطلاب، وتتبنى قوانين صارمة في مكافحة العنف المدرسي، تدريب الطلاب من خلال تنظيم ورش عمل مستمرة لتعزيز الثقة بالنفس، والتواصل الفعال، والإنصات الجيد، وغرس قيم التعاون، ومهارات التفاوض والإقناع لتنشئة جيل قادر على حل النزاعات بطرق أخلاقية، تقديم الدعم النفسي والصحى لضحايا العنف والتنمر والاهتمام بهم، تدريب الطلاب على التنفيس الانفعالي للتعبير عن المشاعر السلبية بداخلهم من خلال الأنشطة الإيجابية داخل المدرسة مثل: المسرح المدرسي، الإذاعة المدرسية، المسابقات الثقافية والفنية بجانب خلق جسر من التواصل الفعال بين الأسرة والمعلم والمدرسة لمحاربة الآثار النفسية التي تحدث لضحايا التنمر، فضلًا عن التواصل الفعال مع الأخصائي النفسي ومساعدته في الوصول للسبب الرئيسي وراء عدوانية الطفل تجاه زملائه في المدرسة، فالطفل العنيف طفل جدير بالاهتمام لأن سلوكه يعبر عن طفل مثقل بالمشكلات يحتاج للفت الإنتباه أو طفل يعاني الخلافات الأسرية داخل المنزل.
وأكملت الخبيرة الأسرية والنفسية، مؤكدة على ضرورة إعادة النظر في شروط اختيار المعلمين، فالعملية التعليمية لا تقوم فقط على المؤهل الأكاديمي للمعلم، ولكنها عملية شاملة تشمل الجانب النفسي والعقلي والتربوي معًا، وبالتالي لابد من توفير معلمين يهتمون بالجانب النفسي للطالب ولديهم القدرة على احتوائه، ومعرفة الفروق الفردية لدى الطلاب، والقدرة على توصيل المعلومة بطريقة بسيطة وواضحة، فالمؤهل العلمي ليس المقياس الوحيد لنجاح المعلم، ولكن التجربة والتدريب خير وسيلة للنهوض بالعملية التعليمية وبقدرات المعلم الذي يحتاج إلى التطوير المستمر من أدواته وخلق بيئة تعليمية آمنة ومحفزة للطلاب.
واختتمت الدكتورة ريهام عبدالرحمن حديثها مؤكدة على دور الأسرة الذي يعد من أهم الأدوار في الحد من ظاهرة العنف المدرسي باعتبارها البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل، وبالتالي يجب على كل أسرة البعد عن مدمرات التربية وهي المقارنات الدائمة بين الأبناء وغيرهم من الأطفال، فهذه المقارنات ينشأ عنها طفل يشعر بالنقص والدونية وعدم الكفاية بالنسبة لأسرته، عدم تجاهل مشاعر الأبناء أو احتوائهم في أوقات الغضب والتي ينشأ عنها طفل عدواني لا يعبأ بمشاعر الآخرين، بجانب ضرورة حل المشاكل الزوجية والأسرية بعيدًا عن الأبناء وتجنب اتباع أسلوب التحكم والسيطرة، فالطفل بطبيعته يقلد الآخرين، غرس الوازع الديني في نفوس الأبناء وأهمية احترام الآخرين والشعور بهم، تدريب الطفل على أسلوب حل المشكلات وإدارة الغضب من خلال ممارسة الرياضة، والتنفس العميق، والوضوء، والصلاة في أوقاتها وممارسة الأنشطة الفنية التي تهذب الأخلاق وتسمو بالنفس.


.jpg)















.jpg)


.jpg)

.jpg)
