هل تكون اشتباكات رفح الشرارة التي تعيد الحرب إلى غزة مجددًا؟

أثارت الاشتباكات التي شهدتها مدينة رفح جنوبي قطاع غزة،اليوم الأحد، موجة قلق متزايدة من أن تتحول الحوادث الأخيرة إلى ذريعة جديدة لإسرائيل لاستئناف الحرب على القطاع، في وقت تسعى فيه عدة أطراف إقليمية ودولية إلى الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي أُبرم قبل أسابيع.
الاشتباكات أعادت إلى الواجهة الجدل حول دور حركة حماس ومسؤوليتها المحتملة عن التوتر الأمني، رغم نفي الحركة القاطع لأي صلة لها بالأحداث.
وقال إبراهيم المدهون، مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام (فيميد)، في مقابلة مع برنامج رادار على قناة "سكاي نيوز عربية"، إن :"الرواية الإسرائيلية غامضة ومضلّلة، وحماس أصدرت بيانات واضحة تؤكد أنها لا علاقة لها بما حدث في رفح".
وأضاف المدهون أن أولويات الحركة تتركز حاليًا على إغاثة الشعب الفلسطيني وإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، مشددًا على أن :"إسرائيل تحاول استغلال أي خرق أمني لتقويض المسار السياسي، ولذلك من الضروري عدم منحها أي ذريعة لإشعال جولة جديدة من التصعيد".
في المقابل، رأى إياد أبو زنيت، المتحدث باسم حركة فتح، أن تكرار مثل هذه الحوادث قد يمنح تل أبيب مبررات كافية للعودة إلى الحرب في أي لحظة، "خصوصًا في ظل حكومة إسرائيلية تعيش على الحرب وتستمد شرعيتها منها"، على حد قوله.
وأضاف: "بنيامين نتنياهو إذا امتلك ترف الوقت والتفكير سيعود مجددًا إلى الحرب... فهذه حكومة تتغذى على الصراع وتستثمر في الدم الفلسطيني".
وأشار أبو زنيت أيضًا إلى أن بعض ممارسات حماس الأخيرة، مثل الإعدامات الميدانية بحق متهمين بالتعاون، قد تضعها في دائرة الانتقادات الدولية وتوفر غطاءً سياسيًا إضافيًا لإسرائيل، قائلاً: "بهذا الشكل قد تقع حماس في الفخ الإسرائيلي، وتمنح تل أبيب مبررًا للعودة إلى العمليات العسكرية بذريعة حقوق الإنسان".
من جانبه، لفت المدهون إلى أن التصعيد الإسرائيلي الأخير ربما يأتي في إطار خطة أوسع لفرض وقائع جديدة على الأرض قبل زيارة وفد أميركي رفيع المستوى إلى المنطقة، قائلاً: "يبدو أن إسرائيل تحاول استباق الزيارة بإثارة الفوضى والجدل الداخلي، وربما تنفيذ اغتيالات لشخصيات فلسطينية لم تتمكن من استهدافها خلال الحرب السابقة".
كما أعاد حادث رفح فتح النقاش الفلسطيني الداخلي حول ملف سلاح حماس.فقد دعا أبو زنيت إلى التفكير جديًا في تسليم سلاح الحركة كوديعة لجهة فلسطينية أو بإشراف مصري، معتبراً أن "استمرار وجود السلاح خارج إطار السلطة قد يرسّخ الانقسام بين الضفة وغزة ويمنح إسرائيل ذريعة دائمة للهجوم".
لكن المدهون رفض هذا الطرح في هذه المرحلة، مؤكدًا أن التركيز الآن يجب أن ينصب على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وفتح معبر رفح، موضحًا أن "ملف السلاح يحتاج إلى حوار وطني شامل بين الفصائل الفلسطينية".
تحركات دولية لاحتواء التوتر
في خضم هذه التطورات، تكثّف القاهرة والدوحة اتصالاتهما مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لمنع انزلاق الأوضاع في قطاع غزة نحو مواجهة جديدة، فيما تتابع الولايات المتحدة عن كثب التصعيد في رفح عبر قنوات دبلوماسية مباشرة مع تل أبيب.
وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة إن مصر تسعى لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار عبر ترتيبات ميدانية جديدة تشمل مراقبة أمنية مشتركة لمعبر رفح وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستمر، بينما تعمل قطر على إقناع الأطراف الفلسطينية بتهدئة الخطاب الإعلامي وتخفيف التوتر الداخلي بين حركتي فتح وحماس.
وفي واشنطن، أعرب مسؤولون في الإدارة الأميركية عن قلقهم من أن تؤدي أي عمليات انتقامية إسرائيلية في رفح إلى نسف الجهود السياسية الجارية لعقد جولة تفاوض جديدة بين الطرفين.
وأكد أحد المسؤولين، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أميركية، أن "الإدارة تواصل الضغط على الحكومة الإسرائيلية لضبط النفس، مع التشديد على ضرورة التزام جميع الأطراف بالهدنة حفاظًا على مسار التسوية".
ويُجمع مراقبون على أن الهدوء في رفح سيشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الوسطاء الدوليين على منع تجدد الحرب، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على هشاشة الوضع الأمني والسياسي في القطاع.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الساحة الإسرائيلية خلافات داخلية حادة بشأن مستقبل العملية العسكرية في غزة، وسط تحذيرات دولية من أن أي تصعيد جديد قد ينسف ما تبقى من فرص للتهدئة، ويعيد الصراع إلى نقطة الصفر.