إغلاق المعرض الوطني للفنون في واشنطن.. الثقافة الأمريكية تواجه اختبارًا قاسيًا في ظل الإغلاق الحكومي

أُغلق المعرض الوطني للفنون في واشنطن العاصمة إلى أجل غير مسمى نتيجة الإغلاق الحكومي الفيدرالي الذي بدأ فجر الأربعاء، الأول من أكتوبر. أعلن المتحف عبر حسابه الرسمي على "إنستغرام" أنه سيُوقف استقبال الزوار ويُلغي جميع برامجه مؤقتًا، موجهًا الجمهور إلى روابط إلكترونية لمزيد من المعلومات، لم تكن متاحة حتى لحظة النشر.
يُعد المعرض الوطني أحد أهم المؤسسات الثقافية في الولايات المتحدة، وقد استقبل نحو 3.8 مليون زائر في عام 2023، بزيادة تقارب 18% عن العام السابق، متصدرًا بذلك قائمة المتاحف الأمريكية الأكثر زيارة للمرة الأولى منذ عام 2008، متفوقًا على متحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك.
لكن هذا الإغلاق يأتي في سياق سياسي أوسع يتّسم بتحولات جذرية في المشهد الثقافي الأمريكي مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير. فمنذ بداية ولايته الثانية، أصدر ترامب أكثر من 150 أمرًا تنفيذيًا – من بينها 26 في يومه الأول – كان لها أثر مباشر على القطاعين الثقافي والفني. فقد شملت إجراءاته تقليص مبادرات التنوع والمساواة (DEI)، وتخفيض ميزانيات وكالات فيدرالية أساسية، مما انعكس سلبًا على المتاحف والمؤسسات الفنية.
وفي صميم هذه التغييرات برزت وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) التي استُحدثت مؤخرًا بقيادة إيلون ماسك، والتي قامت بإعادة هيكلة وكالات مثل معهد خدمات المتاحف والمكتبات (IMLS) وفرضت رقابة متزايدة على مؤسسات كبرى مثل مؤسسة سميثسونيان.
وفي الوقت نفسه، تعاني الأسواق الفنية ودور المزادات من تأثيرات اقتصادية وتنظيمية غير مسبوقة تدفعها إلى إعادة تقييم سياساتها واستراتيجياتها داخل الولايات المتحدة وخارجها. ويقول المراقبون إن ما يجري يتجاوز مجرد خلافات سياسية، إذ يُحدث تغييرات بنيوية في البنية التحتية الثقافية للبلاد.
صرّحت مارلين جاكسون، رئيسة التحالف الأمريكي للمتاحف، قائلة: "نعيش لحظة لا سابقة لها في تاريخ الفن الأمريكي. ما يحدث اليوم يعيد رسم حدود الثقافة كما نعرفها."
حتى الآن، لا تزال مؤسسات سميثسونيان – التي تضم 21 متحفًا ومركزًا بحثيًا وحديقة الحيوانات الوطنية – مفتوحة للجمهور حتى 11 أكتوبر بفضل التمويل المتبقي من العام الماضي. لكنها حذّرت على موقعها الرسمي من أن استمرار الإغلاق الحكومي بعد هذا التاريخ سيجبرها على إغلاق أبوابها أيضًا.
وبينما تتوالى الأوامر التنفيذية وتتعثر المؤسسات الثقافية، يجد الفن الأمريكي نفسه أمام مرحلة جديدة من الصراع بين السياسة والإبداع، قد تحدد ملامح المشهد الثقافي للسنوات القادمة.