الجيش الإسرائيلي يبدأ إعادة الانتشار في غزة تنفيذًا للاتفاق.. وتحليلات تربط الخطوة بخطة ترامب القديمة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الخميس، بدء الاستعدادات الميدانية لإعادة الانتشار في قطاع غزة، تنفيذًا للاتفاق الجديد الذي جرى التوصل إليه خلال الأيام الماضية بوساطة مصرية وقطرية ودعم أمريكي، في خطوة وُصفت بأنها “تطبيق عملي لمرحلة جديدة” في إدارة الصراع داخل القطاع.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي إن القوات بدأت تنفيذ خطة إعادة التموضع وإعادة الانتشار في عدة مناطق داخل غزة، بهدف “تهيئة الأوضاع الأمنية الميدانية لتطبيق بنود الاتفاق”، مضيفًا أن العملية تشمل “انسحابًا تدريجيًا من بعض النقاط الحساسة، وإعادة تمركز الوحدات العسكرية في محيط المناطق الحدودية مع القطاع”.
وأكد البيان أن هذه التحركات تأتي في إطار “التفاهمات الأمنية” التي تم التوصل إليها مؤخرًا، مشيرًا إلى أن الجيش سيواصل “الاحتفاظ بحق الرد على أي خرق للاتفاق أو تهديد أمني محتمل”، في إشارة إلى استمرار حالة التأهب رغم إعلان وقف إطلاق النار.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام قليلة من دخول اتفاق الهدنة حيّز التنفيذ ظهر اليوم ذاته، وسط مراقبة دولية حثيثة للتطورات الميدانية. وتوقّع مراقبون أن تكون عملية إعادة الانتشار جزءًا من “خطة شاملة” تهدف إلى إعادة تنظيم الوجود الإسرائيلي حول القطاع، بما يضمن بقاء السيطرة الأمنية من الخارج دون التورط في عمليات ميدانية مباشرة داخل المدن المكتظة بالسكان.
في المقابل، اعتبرت مصادر سياسية فلسطينية أن الخطوة الإسرائيلية تأتي متسقة مع خطة ترامب للسلام التي طُرحت عام 2020، والمعروفة باسم “صفقة القرن”، والتي تضمنت حينها ترتيبات أمنية خاصة حول غزة والضفة الغربية، دون منح الفلسطينيين سيادة كاملة على أراضيهم. وتؤكد هذه المصادر أن التحركات العسكرية الأخيرة “تكرّس واقعًا جديدًا” يهدف إلى فرض أمر واقع سياسي وأمني يخدم الرؤية الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
كما حذرت فصائل المقاومة من أن إعادة الانتشار لا تعني “إنهاء الاحتلال أو التزامًا حقيقيًا بالسلام”، معتبرة أن ما يجري “مناورة ميدانية جديدة” لإعادة التموضع دون إنهاء الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 17 عامًا. وشددت الفصائل في بيان مشترك على أن “أي اتفاق لا يتضمن رفع الحصار وضمان حقوق الشعب الفلسطيني لن يكون سوى هدنة مؤقتة تخدم الاحتلال وحده”.
من جانبه، رحب البيت الأبيض بالخطوة باعتبارها “جزءًا من تنفيذ التفاهمات الأمنية الجديدة”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تتابع عن كثب تنفيذ الاتفاق على الأرض بالتنسيق مع مصر وقطر. وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إلى أن “إعادة الانتشار خطوة مهمة نحو تحقيق استقرار دائم في غزة، شريطة التزام جميع الأطراف بالاتفاقات الموقعة”.
ويرى محللون أن ما يحدث في غزة اليوم هو تحول استراتيجي في طريقة إدارة إسرائيل للملف الفلسطيني، إذ يبدو أن تل أبيب تسعى لتطبيق صيغة “التحكم عن بعد” التي تسمح لها بتقليص الخسائر البشرية والعسكرية مع الاحتفاظ بنفوذها الأمني والسياسي.
في الوقت نفسه، تتواصل الجهود المصرية والدولية لمنع انهيار التفاهمات، في ظل قلق متزايد من أن يؤدي أي تصعيد ميداني جديد إلى نسف الهدنة وإعادة المنطقة إلى دوامة العنف من جديد