اقتصاد يبني.. وعقار يتمدّد: 10 سنوات من التحول في الجمهورية الجديدة

في عام 2014، كانت مصر تمرّ بمرحلة دقيقة وصعبة، حيث لم تكن أركان الدولة قد اكتملت بعد، وكان المشهد السياسي والاقتصادي يتسم بعدم الاستقرار.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاستثمار بجامعة القاهرة، أن الدولة لم تكن حينها مؤهلة بعد للدخول في برامج إصلاح اقتصادي بالشراكة مع المؤسسات الدولية أو الدول الأخرى، إلا بعد تثبيت دعائم الدولة سياسيًا ومؤسسيًا.
وأضاف في تصريحات خاصة للنهار، أن تلك الفترة شهدت تحديات جمة على مستوى مؤسسات الدولة، الأمر الذي استدعى إعادة هيكلة شاملة، لم تقتصر على البنية التحتية من طرق وكباري فحسب، بل شملت كذلك الجوانب التشريعية والتنظيمية والمؤسسية، من أجل بناء جهاز إداري قادر على التفاعل مع مجتمع الأعمال المحلي والدولي.
مع اكتمال أركان الدولة، بدأت الحكومة في وضع استراتيجيات واضحة للتنمية، وتحركت على أكثر من محور في الوقت نفسه. ومن هنا، جاء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أُعلن عنه في نوفمبر 2016، والذي استهدف معالجة الاختلالات الكبرى في مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل عجز الموازنة، والدين العام، وتضخم أسعار السلع.
ووفقًا للدكتور هشام، فقد تم تنفيذ البرنامج بإرادة سياسية واضحة ورؤية دقيقة لتشخيص التحديات، وكان المواطن المصري هو الركيزة الأساسية في نجاح هذا البرنامج، رغم قسوته وتأثيراته الاجتماعية في البداية. وقد بدأت مصر في جني ثمار هذا الإصلاح منذ عام 2019، قبل أن تتوالى الأزمات العالمية مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، التي ألقت بظلالها على جميع الاقتصادات.
وبرغم تلك الأزمات، يوضح الدكتور هشام أن الاقتصاد المصري حافظ على قدر من التماسك، مشيرًا إلى وجود تطور ملموس على أرض الواقع، وتوقع أن يشهد الاقتصاد نموًا بنسبة 4.5% خلال العام المقبل، مع عودة معدلات النمو إلى أكثر من 7% في عامي 2027 و2028.
ومن جانب آخر، تحدث المهندس فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال ورئيس لجنة التطوير العقاري، عن التحولات الكبرى التي شهدها قطاع العقارات خلال الفترة من 2014 إلى 2025. وأكد أن نسبة العمران في مصر تضاعفت من 7% إلى 14% من إجمالي مساحة الدولة، وهو ما يعد إنجازًا غير مسبوق.
وأرجع فوزي هذا التطور إلى التوسع في إنشاء المدن الجديدة في مختلف أنحاء الجمهورية، مشيرًا إلى أن العاصمة الإدارية الجديدة وحدها تحتضن أكثر من 500 شركة تطوير عقاري. كما شهد الساحل الشمالي امتدادًا عمرانيًا هائلًا من العجمي إلى مرسى مطروح، وهناك خطط لإعادة تعمير المنطقة الممتدة من مطروح إلى السلوم.
وأوضح فوزي أن 95% من النشاط العمراني في مصر يتم حاليًا في المدن الجديدة، وليس في عواصم المحافظات، مدعومًا بشبكة طرق قومية تربط كل ربوع البلاد، مما ساعد على تسهيل الاستثمارات بعيدًا عن القاهرة الكبرى.
كما أشار إلى أن الدولة أصبحت أكثر كفاءة في تقديم التراخيص والموافقات للمستثمرين، حيث يتم الآن الانتهاء من الإجراءات خلال شهر فقط، مقارنة بعامين في السابق. واعتبر فوزي أن المنافسة بين أكثر من 1500 شركة تطوير عقاري تصب في مصلحة المستهلك، الذي بات يتمتع بحرية أكبر في المفاضلة بين العروض والأسعار في المدن الجديدة مثل العلمين، والتجمع الخامس، والشيخ زايد، والساحل الشمالي.