”السوق العقاري المصري 2025: تصفية اللاعبين وتغير قواعد اللعبة”

شهد السوق العقاري المصري خلال النصف الأول من عام 2025 تحولات جذرية فرضتها التغيرات الاقتصادية العالمية، وضغوط التضخم، وغياب فئة المضاربين، مما أدى إلى حالة من التباطؤ الحذر، وتغير في سلوك كل من المطورين والمشترين. وبينما تبرز مؤشرات إيجابية في التمويل العقاري، تواجه القطاعات المرتبطة مثل البناء والتشييد تحديات تهدد استمرارية بعض المشروعات، خاصة مع الارتفاع غير المبرر في أسعار مواد البناء وعلى رأسها الأسمنت.
تفاصيل المشهد العقاري
أكد الخبير العقاري أحمد زكي أن السوق المصري يشهد حالة عامة من التباطؤ، خاصة في الربع الأول من عام 2025، نتيجة حالة الترقب المرتبطة بالوضع الاقتصادي العالمي، مشيرا إلى أن استقرار سعر الدولار خلال الفترة الأخيرة تسبب في اختفاء فئة المضاربين من السوق، وهم الأفراد الذين اعتادوا شراء الوحدات بغرض إعادة البيع وتحقيق أرباح من فرق السعر.
كما لفت إلى وجود تباطؤ في قرارات الشراء من قبل المستثمرين طويلو الأجل، نتيجة تفضيلهم حالياً ضخ أموالهم في أدوات مالية بديلة مثل الذهب، الفضة، والبورصات العالمية. وأضاف أن هذا التوجه يعكس تغيرًا في استراتيجيات الاستثمار العقاري، حيث أصبح العديد من المستثمرين يفضلون الانتظار وتقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرارات كبيرة.
واقع المطورين العقاريين
زكي أوضح في تصريحات لـ «النهار»، أن هناك تباطؤًا ملحوظًا في السوق لم يحدث منذ أربع سنوات، رغم أن مبيعات الربع الأول من 2025 كانت أعلى من مثيلتها في 2024، والتي كانت الأعلى في تاريخ السوق المصري بمبيعات تجاوزت 295 مليار جنيه من قبل 10 مطورين كبار. ومع ذلك، فإن المطورين متوسطو الحجم يواجهون تحديات كبيرة، حيث اضطروا إلى تقديم خطط تقسيط طويلة تصل إلى 12 عامًا لمواكبة السوق، وكانوا يستهدفون مبيعات شهرية بقيمة 2 مليار جنيه، لكن الواقع أظهر تحقيق 10% فقط من هذا الرقم، أي نحو 200 مليون جنيه شهريًا.
وأشار إلى أن عام 2025 سيكون عامًا حاسمًا يشهد تصفية في صفوف المطورين، خاصة غير القادرين على إدارة التدفقات النقدية، في ظل غياب الخبرة أو الملاءة المالية الكافية لمواجهة موجة طويلة من الأقساط والتزامات المشروعات.
السياحة ودورها في تحريك القطاع
وأشار زكي إلى أن الدولة تخطط لزيادة عدد الغرف الفندقية من 220 ألف إلى 400 ألف، ضمن رؤية مصر 2030 التي تستهدف استقبال 30 مليون سائح سنويًا، بعد أن بلغ عدد السياح في 2024 نحو 16.6 مليون. ولفت إلى أن هذه الخطوة تتطلب استثمارات ضخمة وتعاون مع شركات فندقية عالمية، خاصة في ظل توجه السوق المصري لجذب مستثمرين أوروبيين، على غرار ما يحدث في الإمارات.
أسعار العقارات والتوقعات
أما عن الأسعار، فاستبعد زكي وجود ارتفاعات كبيرة خلال العام، مرجحًا زيادات محدودة لا تتجاوز 10%، ترتبط بسعر صرف الدولار وارتفاع أسعار الأراضي.
التمويل العقاري في صعود
أيمن عبد الحميد، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للتمويل العقاري، أشار إلى نمو واضح في قطاع التمويل، إذ بلغ حجم التمويلات في 2024 نحو 25 مليار جنيه، بينما تم ضخ 11 مليار جنيه خلال الربع الأول من 2025، ومن المتوقع أن تصل إلى 40 مليار جنيه بنهاية العام، مع زيادة عدد الشركات من 12 إلى 24 شركة خلال ثلاث سنوات.
وأشار عبد الحميد إلى أن الأفراد أصبحوا يشكلون الشريحة الأكثر استفادة من التمويل العقاري، سواء من خلال شراء وحدات مباشرة أو شراء محافظ مديونيات من المطورين، خصوصًا في ظل التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة إلى 8%.
أزمة الأسمنت تهدد المشروعات القومية
المهندس محمد عبد الرؤوف، أمين صندوق اتحاد مقاولي التشييد والبناء، تحدث عن أزمة ارتفاع أسعار الأسمنت، موضحًا أن السعر المحلي بلغ ضعف سعر التصدير، حيث يُباع الطن في السوق المحلي بـ 5000 جنيه مقابل 2500 جنيه للتصدير. وأشار إلى وجود اتفاقات غير رسمية بين 23 مصنعًا يقللون الإنتاج رغم وفرة الطاقة الإنتاجية، مما يهدد استمرار مشروعات الإسكان القومي ويضغط على شركات المقاولات، مطالبًا بتدخل حكومي عاجل.