”مؤامرة لتدمير كل حكومات العالم”.. كتيب لجيمس كار يكشف أسرار مخيفة

كتب عديدة تضمنت نظرية المؤامرة العالمية، ولكنها مع ذلك كتب خالية من المضمون، إنتمائها على الأكثر للجانب الخيالي، ففي ظل الصراعات العالمية ووقوف العديدين مكلي الايدي بدون إتخاذ اي إجراء من شأنه يمنع الصراعات، يطل علينا الجانب الخيالي ليصبح هو الغالب في الوعي الجمعي للعوام لما له تأثير أقوى من تصريحات السياسيين والاعلاميين.
لذا فكان لابد من تتبع مثل تلك الكتابات للوقوف على ماهيتها ومحاولة فهمها ربما تنطوي على جانب وحيد من الحقيقة، والتي لا ندركها بكل أبعادها.
ويليام جيمس كار، صاحب كتاب أحجار على رقعة الشطرنج، والذي لاقى قبول جماهيري كبير عى مستوى العالم العربي بعد ترجمته، حيث يتبنى المؤلف نظرية المؤامر في كافة اعماله والتي هي قليلة بالمناسبة.
ولكن مع هذا لفت انتباها لكتيب صغير كتبه كار لم يلتفت إليه الكثيرون، وهو كتيب " المؤمرة لتدمير جميع الحكومات والأديان الحالية"، على الرغم من صغر حجمه الا انه يحتوي على مجمل أفكار كار مجمعة، وفيما يلي عرض لاهم ما جاء فيه:
لسنا بصدد التعريف عن الكاتب، ولا عن الشخصيات المحورية في هذا الكتيب والتي تم عرضها مراراً وتكراراً في اعماله المنشورة من قبل، ولكننا سنحاول بقدر الإمكان توضيح نظرية المؤامرة – سواء كانت موجودة بالفعل ام لا – بالشكل المناسب، بعيداً عن إنتماءات الكاتب نفسه، او دوافعه لكتابة مثل تلك الأعمال والتي تتمحور كلها حول نظرية المؤامرة وسيطرة المتنورين على مقاليد الأمور في الشؤون الدولية والعالمية.
من خلال مناقشاتي مع بعض الزملاء في شأن جيمس كار كان هناك عدة أراء، منها ان جيمس كار كان يحاول التنبيه على وجود مركزية تسعى للسيطرة على الحكم في العالم من خلال فرض أيدولوجية خاصة بهم، ولكن نظرة المؤامرة الخاصة ب كار ربما كانت لها اسبابها الخاصة لديه والتي تحتاج إلى قراءة متعمقة في شخصية كار نفسه، إذ ربما يكون الهدف من ذلك دعوة للتبشير والرجوع للكنسية – بحسب عقيدة كار نفسه -، او ربما محاولة ليتلقى كار الأهتمام بعد تغيير مهنته، فبعد ان كان عسكري تحول للاهوتي!
وهناك رأي اخر يسترعى الاهتمام، كون كار يحاول فضح النظام العالمي الجديد، وفضح ألاعيب الماسونية او المتنورين الجدد في إعادة تشكيل العالم وفق أجندة سرية خاصة بهم. وسواء كان هذا الامر صحيح او ما سبق فأن الموضوعات التي تحدث عنها كار لها شواهد حقيقية حدثت بالفعل ومازالت تحدث، ولنا في قضية جيفري إبستين والمغني الامريكي من أصل افريقي ديدي مثال حي على ذلك.
لذا فكان لابد من الأهتمام بأعمال كار بشكل إجمالي، كسبيل لفهم العالم، بسياساته بتوجهاته بأيدولوجياته، فلا يسعنا فهم ما يدور حولنا دون التعرض لكافة الروايات وعرضها على العقل والتفكير فيها بمنطق وادلة لكي يتسنى لنا الحكم بناء على معلومات حقيقية، وليس مجرد اعتناق افكار لمجرد ملاقاتها لهوى في النفس.
اما عن هذا الكتيب الذي صدر باللغة الأنجليزية والذي لا تتعدى ورقاته ال60 صفحة فله اهمية، من حيث تكثيف المادة المحررة، وغزارة المعلومات والأستشهادات، وايضاً وجود منطق إلى حد ما يلاقى بالقبول نسبياً، اما عن الافكار الواردة بالكتيب فهي عديدة، منها؛ محاولة النظام العالمي لتدمير الاديان بكافة اشكالها، عن طريق إضعاف العقيدة، والمقصود بالأديان هي كافة المعتنقات في كافة دول العالم، وكان استشهاد كار بالكتاب المقدس وحده من خلال اعتقاده هو، والذي ربما قد يفسر بأنه اتجاه تبشيري كما سبق وأوضحنا، على الرغم من إدراجه الأديان كجمع وليس بالمفرد.
لذا فالأغلب انه يحاول التنبية ليس الا، ومعنى عدم ذكره لبقية الاديان والاعتقادات ربما يرجع لجهله بالأديان والمذاهب والفرق الأخرى، او ربما للأختصار، او ربما ايضاً لبيان مدى اختراق المتنورين للفاتيكان!
احتمالات عدة، يتجاوزها الكاتب في محاولة للخوض في سياق الموضوع بعيدأ عن ذكر اي قضايا فرعية ذاتية، وهذا وان كان يحسب في صالح الكاتب بشكل ما، الا انه يحسب ضده أيضاً.
الكتيب يوضح ايضاً كيف ان المتنورين كجماعة سرية يصعب إختراقها، على الرغم من معرفتنا ببعض اعضائها، ولكن مذهب السرية الذي يشملها فائق، وايضاً هيراركية التنظيم وتنوعه يجعل من محاولة فهم التنظيم من الداخل صعب المنال، حيث يحتوي التنظيم على فنانين وادباء وفلاسفة وعلماء وسياسيين وحقوقيين وغيرهم في كافة المجالات، ويوضح كار ايضاً ان الجماعة تعمل من خلال زرع اعضائها بداخل المؤسسات والحركات والحكومات والتنظيمات وصولاً للمراكز الدينية، ولكن دورهم يقتصر على اللعب من خلف الستار دون تصدر الوجهة.
اما اهداف هؤلاء المتنورين هو إستعباد الجنس البشري وفرض سلطتهم والوصاية عليهم والتحكم بهم أيضاً، من خلال زعزعة العقيدة – ايا كانت – وأجتذاب وغسل الادمغة عن طريق الملذات والشهوات، وايضاً من خلال تغذية الصراعات والحروب حتى يتم إضعاف القوى العالمية وإستنزافها في ظل وجود هؤلاء المتنورين في قصورهم غير عابئين بما يحدث للبشر في العالم. منتظرين اللحظةالمناسبة لطرح فكرة إقامة حكومة عالمية.
يرى الكاتب أيضاً ان هؤلاء المتنورين ما هم الا اصحاب عقيدة ثنائية تؤمن بالإله الحق والشيطان، الإيمان القائم على وجودهم، ولكن مع ذلك فهم طرحوا وجهه نظر مخالفة ومدلسة لما ذكر في الكتب المقدسة وبالأخص في العهد القديم بأن لوسيفر او الشيطان هو الأجدر بالعبادة كونه الاكثر إشباعاً لملذات الأنسان الدنيوية، والتي قيدها الإله بأحكام معينة صارمة لا ينبغي الفكاك عنها.
فالجماهير عند هؤلاء المتنورين ليسوا سوى جوييم، اي ماشية بشرية تساق للذبح وهذا هو مصيرها، والحل من وجهة نظر الكاتب هو بأعمال العقل واستخدام الإرادة الحرة في محاربة هؤلاء، الذين يكيدون للجنس البشري ويحيكون له الالاعيب في سبيل أخرجه عن مساره الذي كتبه له الإله في الأرض.
فتلك العبادة التنويرية ليست سوى عبادة للشيطان، وأتباعاً لطقوسه الخاصة والتي تحتوي على علاقات محرمة وإستباحة الدماء بل وأكل لحوم البشر أيضاً! لذا فالدعارة المشروعة واستباحة الدماء تعتبر أفعال عادية، بل أنها طقوس للتقرب من "أمير الأرض" الحقيقي!
يعتقد الكاتب أيضاً بأن المتنورين قد وصلوا لمرحلة متقدمة في السيطرة على صناعة القرار السياسي في العالم، حتى وصل الامر لوجود البابا كسجين في الفاتيكان، وملك بريطانيا كسجين في قصره، ورئيس الولايات المتحدة سجين في مكتبه. وما الصهوينية الا نبته من المنهج الماسوني العالمي، للقضاء على العالم الاسلامي، في سبيل اتاحة المكان لظهور الملحدين والعدميين، الامر الذي يمهد لكارثة إجتماعية وتهديد لتلك الدول من الداخل في سبيل إسقاطها من الداخل.
كل هذا ويستعرض الكاتب بعض من الأحداث الحقيقية التي حدثت ويوثقها في كتيبة، لكي يوضح الصورة العامة لجماعة تحاول فرض سيطرتها على العالم من خلال الملذات، وسحق الثقافات المغايرة، في سبيل وصولهم لسدة حكم العالم ونشر معتقداتهم المفاسدة، فكان لازاماً علينا قراءة الكتيب بتمعن، ومحاولة فهم وجهة نظر الكاتب، التي ان اتفقنا او اختلفنا معها الا انا تنذرنا بحوادث وشيكة، ونظام عالمي جديد يتم تجهيزه لأحكام السيرة على العالم وفرض أيدولوجيات مغايرة لما نعتنقه ونؤمن به.
وأخيراً نقول ان نظرية المؤامرة حاضرة وبشدة، لا أحد ينكر حقيقتها من زيفها، ولكنها مع ذلك محرك رئيسي في الاحداث كنتيجة طبيعية لأحتوائها على بعض الحقائق التي تعزز النظرية في الوجدان الجمعي بشكل أول بأخر، فليس لنا سبيل الا البحث والمعرفة، فربما نفهم ما ستؤول إليه الأحداث