الجمعة 26 أبريل 2024 11:53 مـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: بكاء محمد صلاح.. وتجميد عضوية إسرائيل

الكاتب الصحفي أسامة شرشر رئيس تحرير جريدة النهار
الكاتب الصحفي أسامة شرشر رئيس تحرير جريدة النهار

1) أخطر ما فى بطولة كأس الأمم الإفريقية أنها وحدت الشعب المصرى والعربى وأعادت الروح والهيبة والقوة المفقودة لدى منتخب مصر منذ عام 2010، من خلال أداء فدائى من اللاعبين، فضلًا عن إنكار الذات الذى يشكل مكسبًا كبيرًا للمنتخب يمكن البناء عليه فيما هو قادم.

وقد أصبح التوحد التلقائى فى الشارع المصرى والشارع العربى حدثًا جديدًا فى عالمنا العربى الذى كان قد صار جزرًا منعزلة لا يهتم فيه أحد بأمر أحد.

ولكن هزيمة منتخب مصر بضربات الترجيح أمام السنغال كشفت بعض النقاط التى لا بد أن نعترف بها حتى يتم تصحيح المنظومة الرياضية فى مصر، ومنها تصرف كارلوس كيروش، المدير الفنى للمنتخب، وإصراره على بعض اللاعبين الذين أثبتت المباريات عدم فاعليتهم، وأنهم ليسوا على مستوى هذا الحدث الكروى المهم، والنقطة الثانية عدم اختيار بعض اللاعبين الأكفاء بدلاء حتى فى المباريات السهلة وإرسال رسالة سلبية لهؤلاء اللاعبين أنهم ليسوا فى حسابات المدير الفنى، وثالثًا كان المنتخب مُصِرًّا طوال مباريات البطولة على أن يكون رد فعل فى الملعب وليس فعلًا من خلال جمل تكتيكية وخطة تجعل للمنتخب المصرى شخصية مميزة أمام منافسيه.

والملاحظة الرابعة هى طريقة تعامل المدير الفنى مع الحكام، وكأنه المدرب الوحيد فى البطولة، فباقى المدربين لم يحدث منهم هذه التصرفات الهستيرية التى من الممكن أن تكلف منتخب مصر الكثير.

خامسًا كان واضحًا للجميع أن كيروش لا يأخذ رأى الجهاز الفنى المعاون له وكأنهم ديكور أو أدوات لا وجود لها.

وسادسًا: التساؤل الذى يدور فى أذهان الجميع: هل سيستمر المدير الفنى فى منصبه أم سيتم تغييره؟ مع احترامى للآراء الرياضية التى تقول: يبقى حتى مباريات تصفيات كأس العالم، فإن هذا الرأى يجعلنا نعود للمربع صفر.

والنقطة المهمة هنا أن أمنيات الشعب المصرى اتفقت على الدعوات للاعب الاستثنائى محمد صلاح بالحصول على كأس إفريقيا هذه المرة، لأنه نضج وأصبح قائدًا حقيقيًا فى الملعب، وبكاؤه بعد نهاية مباراة السنغال هز وجدان الشارع المصرى والعربى بل العالم كله.

وأخيرًا: هل يفلت أحمد مجاهد من العقاب بخصوص عقد كيروش أم (سنكفى على الخبر ماجور) كما يقولون؟ أعتقد أنه من حق الرأى العام أن يعلم نتيجة التحقيق فى اتهامات فساد وإفساد لجنة اتحاد الكرة السابقة.. أم أن هذه اللجنة فوق المساءلة وفوق القانون؟!.

2) لعبت الجزائر دورًا عروبيًا وقوميًا مهمًا فى القمة الإفريقية المنعقدة فى أديس أبابا، فيما يتعلق بتجميد عضوية إسرائيل وصفتها كمراقب فى الاتحاد الإفريقى.

كان هذا القرار الإفريقى، فى هذا التوقيت الضبابى، إجراءً مهمًا عبَّر عن رغبة الشعوب الإفريقية التى تناصر القضية الفلسطينية بالأفعال وليس الأقوال، وشكَّل ضربة قاصمة لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فقى الذى منح إسرائيل صفة المراقب فى الاتحاد متحديًا مشاعر الدول العربية والإفريقية التى ترفض عنصرية إسرائيل وآلة القتل المستمرة ضد الشعب الفلسطينى والممارسات الإسرائيلية العنصرية التى لا تتوقف.

هذه الصحوة الإفريقية التى قادت إلى استبعاد إسرائيل من أهم منظمة دولية فى إفريقيا وهى الاتحاد الإفريقى الذى يتكون من 55 دولة إفريقية- تعطى دلالة قوية أنه ما زال هناك أمل فى تحجيم الدور الإسرائيلى فى القارة السمراء.. وهذه أيضًا رسالة لنا كعرب يجب أن ندركها ونستوعبها ونبنى عليها فيما هو قادم على الساحة الدولية والإقليمية!.

3) هناك هجوم منظم ومعلن وخفى فى نفس الوقت على الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، هذا العالم المستنير الذى حفظ مؤسسة الأزهر من السقوط فى براثن التطرف، بآرائه المنضبطة والمستنيرة.

ففى القضية التى أثيرت ضده فى الفترة الأخيرة، حول جواز ضرب الزوجات، جاء رأى الإمام والفقيه أحمد الطيب، إحدى العلامات المضيئة فى سماء العالم الإسلامى، واضحًا بقوله إن الإسلام أباح ضرب الزوجة الناشز، ولكنه أضاف أن من حق ولى الأمر أو الحاكم أن يقيد هذا المباح.. وجاء التطاول على شيخ الأزهر بادعاء أن هذا الكلام مخالف للدستور، ودخلنا فى دائرة الاتهامات والتشكيك والتطاول على أهم رمز دينى إسلامى فى مصر، رغم رفض شيخ الأزهر التام ضرب الزوجات واعتباره إهانة إنسانية.. وتأكيده أن القوانين الوضعية جرَّمت هذا السلوك الذى لا يمثل إهانة للمرأة وحدها ولكنه يهين أيضا مرتكبيه من الرجال الذين يهينون أيضًا أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم بهذا السلوك الحيوانى الشائن.

ارفعوا أيديكم عن شيخ الأزهر.. لأنه آخر الفقهاء المستنيرين والقامات والمنارات المهمة فى العالم الإسلامى بأكمله.

4) ريان يا وجع الطفولة، حينما يقتلها الإهمال والتقصير.

نجحت وسائل الإعلام، وخاصة الجزيرة، فى متابعة هذا الحدث الإنسانى الذى هز ودغدغ مشاعر العالم العربى والشارع العالمى، ونقلت قصة طفل سقط فى بئر الحياة وأصبح معلقًا بين السماء والأرض لمدة خمسة أيام.

سقط ريان فى ثقب مائى وبئر ظلامية، وسقطنا نحن فى بئر الإهمال.. والسؤال الآن: لماذا لم يتم الاستعانة بالخبراء والمتخصصين والمعدات الحديثة من دول العالم لسرعة إخراج ريان؟

إن عالمنا العربى يموج بآلاف القصص المشابهة لقصة ريان وأى ريان آخر.. وكل ما أرجوه أن تكون هذه القصة صرخة لإنقاذ أطفال العرب فى فلسطين واليمن والعراق وسوريا من القتل اليومى والدمار النفسى والبرد غير المحتمل فى مخيمات اللاجئين، إلا إذا أردنا أن تكون حكاية ريان هى حكاية كل أطفال العالم العربى.

5) تذكرت مقولة الرئيس الفرنسى شارل ديجول بعد الثورة الفرنسية عندما تساءل عن القضاء الفرنسى؛ فقالوا له (إن القضاء بخير)، فقال قولته المشهولة: (إذن فرنسا بخير).. وذلك عندما تابعت قرار الرئيس التونسى قيس سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء التونسى فجأة وبلا مقدمات.

فهذا القرار هو ضرب للعدالة فى عمق دارها.. فالمفروض أن القضاء فى كل دول العالم هيئة مستقلة، ولكن أن يصدر قانون أو مرسوم بحل المجلس الأعلى للقضاء؛ فهذه قضية خطيرة وشائكة وتحتاج وقفة؛ لأنه حتى لو كانت هناك بعض الآراء الفاسدة أو المسيسة أو التى تنتمى إلى جهة أو حزب فيجب التعامل معها منفردة، ولكن أن يتم وأد العدالة فى تونس فهذا مؤشر خطير ويفتح الباب لصدام خطير بين السلطات التى من المفترض أن بينها توازنًا يمنع توغل إحداها على الأخرى.

6) مليونية 7 فبراير فى الخرطوم، التى دعت إليها القوى السياسية السودانية للمطالبة بالحكم المدنى فى السودان الحبيب، تعطى إشارة قوية بأن الشعب السودانى مصمم على استكمال مسيرته وعدم القبول بالوضع الحالى.

وهذه هى المعادلة الصعبة التى تحاول السفارات والجهات الأجنبية حلها وعمل حوار بين المدنيين والعسكريين حولها، فى قضية باتت منتهية أو شبه مستحيلة أن يحدث توافق سوادنى- سودانى حولها، لأن الشعب السودانى بطهارته وشفافيته ومصداقيته وعناده استوعب درس عمر البشير، ولن يسمح بتكراره مرة أخرى؛ فيكفى عمر بشير واحد فى تاريخ السودان الذى يعانى من كوارثه وأفعاله حتى اليوم وفى المستقبل أيضًا.

7) مشهد حصار الأستاذة وداد حمدى، رئيس اللجنة بإحدى مدارس محافظة الدقهلية، لا يجب أن يمر مرور الكرام.. فهو إن دل على شىء فإنما يدل على غياب القيم والأخلاق التى تربينا عليها طويلًا وأهمها أن (الغش جريمة كبرى) مخالفة للدين وللمنطق وللعقل.

ولكن يبدو أن الغش فى ظل الفوضى الأخلاقية أصبح حقًا مستباحًا وعرفًا وتقليدًا، وأن القاعدة الآن هى أن (الغش أحد مكونات العملية التعليمية).. هذه الثقافة الجديدة الوافدة علينا والتى أصابت حتى أولياء الأمور تجعلنا نقول إن أى محاولات للتطوير والتحديث والتقييم بلا جدوى، فأن تخرج معلمة فاضلة فى حماية الشرطة خوفًا من اعتداءات الأهالى، هذا أمر يجب أن تُعقد حوله ندوات ولقاءات لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة على المجتمع المصرى.. والأغرب أننا كنا نسمع عن طلاب يغشون، ولكن أن نسمع عن أولياء أمور يساعدون على الغش فهذا أمر لم يحدث من قبل.

فلا تطوير لأى شىء، وخاصة التعليم، بلا قيم أو أخلاق، فصحيح أن طه حسين قال إن (التعليم مثل الماء والهواء) إلا أن الغش أيضًا جريمة كبرى فى حق المجتمعات لا يجب التهاون معها أو مع مرتكبيها أو من يسعون لفرضها على المجتمع كواقع سخيف لا يليق بمصر وحضاراتها ومستقبلها.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.