الأربعاء 24 أبريل 2024 07:50 مـ 15 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: رياح حرب أهلية فى إثيوبيا

الكاتب الصحفي - أسامة شرشر رئيس تحرير جريدة النهار
الكاتب الصحفي - أسامة شرشر رئيس تحرير جريدة النهار

لا شك أن سرعة الأحداث التى تجرى فى إثيوبيا ورياحها التى تهب من الداخل تعطى دلالة بأن هناك بدايات حرب أهلية داخل أديس أبابا يخوضها إقليم تيجراى الذى يعتبر دولة داخل الدولة، وأسقط الأقنعة عن أبى أحمد، الحاصل على جائزة نوبل للسلام.

فهل فاقد الشىء يعطيه داخل بلده الذى استطاع أن يؤجج هذه الحرب بمواجهة عسكرية صادمة محاولًا السيطرة على الأقاليم الإثيوبية والذى استخدم لأول مرة فى تاريخ الحروب الأهلية صواريخ دكت دولًا أخرى؟! وهو مطار إريتريا.

وطريقة معالجة أبى أحمد الذى أراد أن يسيطر على مقاليد الأمور بالطرق المشروعة وغير المشروعة؛ فكان الصدام والمواجهة مع قبائل تيجراى- كانت مفاجئة لهم نتيجة إقالته كل رموز هذا الإقليم السياسية والنيابية والعسكرية.

وهذا الأمر إن دل على شىء فإنما يدل على أن هذا الرجل لا بد أن يحصل على جائزة الهدم لإثيوبيا التى تعتبر من أكبر دول إفريقيا سكانًا وإعدادًا عسكريًّا، ويوجد بها مقر الاتحاد الإفريقى الذى يعيش ورطة حقيقية لعدم إدانته هذا الهجوم غير المبرر على إحدى محافظات الدولة.

فالرجل استطاع بنعومة ودهاء أن يتمسكن سياسيًّا حتى يصل إلى احتكار السلطة والتخلص من كل منافسيه ليس من خلال صناديق الانتخابات ولكن من خلال المواجهة العسكرية والإقالة السياسية، واستخدام الآلة القمعية لسحق كل معارضيه حتى ينفرد بالسلطة.

وكأن القدر يعطى رسالة أن من يجىء على مصر وشعبها، فى محاولة من أبى أحمد للتنصل من أى مفاوضات أو توقيعات أو التزامات فى ملف سد النهضة، حتى يلعب بهذه الورقة للتأثير على الوضع الداخلى وأن يكون بطلًا من مياه لا ورق، ليعطى رسالة للعالم ولكل الداعمين له وخاصة إسرائيل وتركيا، أنه استطاع أن يحاصر مصر لأول مرة فى التاريخ من خلال حرب المياه.. فكان رفضه للتوقيع على الاتفاق فى واشنطن خير دليل على الغباء السياسى للحاصل على جائزة نوبل، فهو يحتاج إلى درس حقيقى فى السلام سيلقنه الشعب الإثيوبى العريق لهذا الرجل الجامح فى شهواته السياسية، واللعب على كل الأوتار والأكمنة العالمية.

فهو على استعداد لأن يتحالف مع الشيطان نفسه للبقاء فى السلطة، وكسب قضية سد النهضة، ولكن تجىء الرياح بما لا يشتهى أبى أحمد من الداخل الإثيوبى، وكأن السماء ترسل رسالة لهذا الديكتاتور الجديد الحائز جائزة نوبل، أنك لن تستطيع أن تضحك على مصر، ومحاولة حصارها واستغلال حاجاتها من المياه، فهى فى رباط إلى يوم الدين، وادخلوها بسلام آمنين.

فلذلك، كانت قراءتى للمشهد أن هناك حربًا أهلية ستطول فى إثيوبيا، وستتحالف كل القبائل مع إقليم تيجراى الذى كشف أنه يمتلك صواريخ على مسافة كبيرة ودبابات وأسلحة ثقيلة لم تعرف الحكومة كيف جاءت ومتى وصلت! وإن دل ذلك على شىء فإنما يدل على ضعف الدولة الإثيوبية بكل مفرداتها ومؤسساتها، وأن يصل الحال لأول مرة فى تاريخ إثيوبيا التى بها أقدم الكنائس فى إفريقيا، أن تكون أعداد اللاجئين فى تزايد يومًا بعد يوم ووصلوا حتى الآن إلى 30 ألف لاجئ إثيوبى إلى السودان العظيم بشعبه وإحدى دول حوض النيل الذى عانى مع مصر فى ملف سد النهضة مع الجانب الإثيوبى.

فهل السودان فى هذا التوقيت قادر على استقبال لاجئين جدد رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة بعد ثورة التغيير؟ أم يتحمل هذه الهجرة الإثيوبية المتزايدة من الشعب الإثيوبى العظيم؟ من يدفع هذا الثمن؟ ومن وراء هذه الهجرة غير الشرعية إلى السودان الشقيق؟

استطاع أبى أحمد وهو ليس بأبى ولا أحمد (فهو أم فى تصرفاته وفى مناوراته) من خلال صلح ممنهج مع إريتريا كان الغرض منه أن تكون هى حائط الصد الأول لأى انشقاقات أو انقسامات داخل البيت الإثيوبى، ولكن المفاجأة أذهلت الإريتريين أنفسهم الذين كانوا يمثلون فى فترات تاريخية سابقة ربع سكان إثيوبيا، حتى دكت الصواريخ إقليم تيجراى بالداخل الإريترى بمطاراته ومؤسساته، فهل نرى دك المؤسسات داخل إثيوبيا وفى دول إفريقية مجاورة فى المرحلة القادمة لهذه الدولة التى كانت تدعى من خلال رئيس وزرائها أنها تمثل السلم والأمن الإفريقى؟

أعتقد أن المراقبين والمحللين سيتوقفون كثيرًا أمام ما يجرى فى إثيوبيا خلال تفاقم الأزمة وحدوث حرب أهلية لا يعرف أحد متى تنتهى، وكأن كل ما بناه أبى أحمد من سد النهضة وحصوله على جائزة نوبل كان وهمًا من زجاج انكسر أمام أول خلاف وانشقاق داخل البيت الإثيوبى الذى أصبح تحت مرمى الحرب الأهلية والانقسام والانفصال.

وهذا ما ستكشف عنه الأيام.. أمام الصمت الدولى والصمت الإفريقى غير المبرر لاتهام أبى أحمد بأنه سيكون هادم الدولة الإثيوبية وليس بانيها أو مجددها.

ولكن أطالب بسحب جائزة نوبل للسلام منه لأنه طوال الوقت يتآمر على مصر ويدعى المصلحة مع السودان، وهو بداخله يريد أن ينسف السودان ومصر من على خريطة المياه، فالمكان الطبيعى له أن يتم محاكمته كمجرم حرب ضد شعبه ووطنه أمام محكمة الشعب الإثيوبى ومحكمة لاهاى.