النهار
الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 02:29 صـ 22 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
“الصحفيين الأفارقة” يعرب عن صدمته إزاء القتل والانتهاكات المتواصلة للزملاء في غزة على يد القوات الإسرائيلية وفاة طفل متأثرا بإصابته في حادث سير على طريق المحلة – طنطا وفد برلماني تركي يزور معبر رفح البري برفقة نائب وزير الخارجية والسفير التركي في القاهرة قتلها وتركها غارقة في الدماء.. الأمن يطارد قاتل زوجته بالعبور نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي شكّلت موقفًا عربيًا قويًا في مواجهة التحديات نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي شكلت موقفًا عربيًا قويًا في مواجهة التحديات محافظ الغربية: منظومة شاملة لربط قواعد البيانات لتعزيز الجاهزية لمواجهة الأزمات والطواريء المؤتمر الدولي لسوق العمل والبنك الدولي يطلقان فعالية GLMC 365 في واشنطن جامعة طنطا تستضيف فعالية ”التحديات النفسية في الحياة الجامعية” لطلاب تحالف إقليم الدلتا جامعة طنطا الأهلية تعلن بدء إجراءات قبول طلاب المرحلة الثانية إطلاق الطبعة الدولية من كتاب ”حماية الشعوب في زمن الحروب” بمكتبة الإسكندرية هدى الاتربي .. كلهم بيحبوا مودي تحدي جديد والتعاون مع ياسر جلال نجاحه مؤكد

مقالات

الدكتور محمد المر يكتب: الحدود القانونية لحرية التعبير

الدكتور محمد المر
الدكتور محمد المر

تعتبر حرية الرأي والتعبير من أهم الحريات التي تحرص النظم القانونية المختلفة على كفالتها وتأكيد فعاليتها ؛وذلك لما تمثله هذه الحرية من قيمة كبيرة في الأنظمة الديمقراطية وارتباطها بتقدم المجتمع ورفاهيته . حتى إن أحد المفكرين قال : إن التقدم إذا أراد أن يدخل أي أمة يقف على الباب ويسأل : هل عندكم حرية رأي ؟ فإن أجابوه بنعم؟ دخل واستقر. وإن أجابوه بلا ؟ ولى هاربا بلا رجعة .

ويقصد بحرية الرأي أو حرية التعبير أن يستطيع كل إنسان التعبير عن آرائه وأفكاره للناس سواء كان ذلك بشخصه ،أو بوسائل النشر المختلفة ،أو بواسطة المسرح أو السينما أو الإذاعة أو التليفزيون ... فحرية الرأي تجيز للفرد أن يعبر عن فكره السياسي أو الفلسفي أو الديني بالكتابة أو الكلام بحرية كاملة، في حدود النظام العام، حسبما هو مقرر في القانون، أي في حدود عدم الإضرار بالآخرين.

ومن الناحية الدستورية والقانونية تعتبر حرية الرأي هى الحرية الأم التي يتفرع منها الكثير من الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية الأخرى؛ فيتفرع عنها الكثير من الحريات والحقوق الأخرى مثل حرية الصحافة والطباعة والنشر، حرية البحث العلمي والإبداع الفني والأدبي والثقافي وحقالاجتماع والتشاور وحق تكوين الجمعيات، وحق مخاطبة السلطات العامة .

وأكدت على هذا المعنى المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بتاريخ 7/5/1987 حيث قالت : "إن حرية الرأي تعتبر بمثابة الحرية الأصل التي يتفرع عنها الكثير من الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها وتعد المدخل الحقيقي لممارستها ممارسة جدية، لحق النقد، وحرية الصحافة والطباعة والنشر، وحرية البحث العلمي والإبداع الآدبي والفني والثقافي، وحق الاجتماع والتشاور وتبادل الآراء، وحق مخاطبة السلطات العامة..."

وقد أكدت على أهمية حرية الرأي الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور 1923 وحتى الدستور القائم ، كما أكدت عليها المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والتي صدقت عليها مصر .

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذه الظروف – في ظل أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم – والتي أعادت نشرها إحدى المجلات الفرنسية ، والتي دافع عن نشرها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بزعم حماية حرية التعبير ؟

بداية نؤكد على قاعدة هامة في مجال الحريات العامة ، وهى أن أي حرية – عند ممارستها من قبل الافراد- وتتعدى آثارها إلى الغير ، لا يمكن أن تكون مطلقة . وإلا انقلبت هذه الحرية إلى فوضى ، وهددت أمن واستقرار المجتمع .فحرية الانسان تقف دائما عند احترام حقوق وحريات الآخرين . وبالتالي أجازت الوثائق الدستورية ، والمواثيق الدولية تقييد الحريات العامة إذا تعارضت مع النظام العام أو الآداب أو مست حقوق الآخرين ومعتقداتهم .

فالفقرة الثالثة من المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أجازتإخضاع حق الإنسان في التعبير لبعض القيود مثل : احترام حقوق الآخرين وحرياتهم ،وحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .

وقد أكد القضاء في كل من مصر وفرنسا ضرورة إخضاع حرية التعبير لبعض القيود حماية لحقوق الآخرين وحرياتهم ، وحماية للنظام العام والآداب من الاضطراب والفوضى فقالت المحكمة الدستورية العليا :" وحيث إنه لما كانت حرية التعبير عن الرأي لا يقتصر أثرها على صاحب الرأي وحده بل يتعداه إلى غيره وإلى المجتمع ،ومن ثم لم يطلق الدستور هذه الحرية وإنما أباح للمشرع تنظيمها بوضع القواعد والضوابط التي تبين كيفية ممارسة هذه الحرية".

وفي 26/5/2018 قررت المحكمة الإدارية العليا :"ان الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور ومنها حرية الفكر والتعبير، ليست حريات مطلقة، وإنما هي مقيدة بالحفاظ على الطابع الأصيل لقيم المجتمع وثوابته وتقاليده والتراث التاريخي للشعب والآداب العامة ".

وفي فرنسا :أكد للمجلس الدستوري الفرنسي علىأن" حرية التعبير الجماعي أو الفردي للأفكار والآراء يمكن أن تقيد بضرورات الصالح العام " . وفي 11فبراير 2015 رفض المجلسمنح ترخيص لإحدى القنوات الفضائية وذلك لإخلالها بالنظام العام أو أمن وسلامة المجتمع . وأيدت قرار جهة الإدارة بالامتناع عن إصدار التراخيص للبث الفضائي لهذه القناة .

الخلاصة : أنه طبقا للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة ، وطبقا للمستقر عليه قضاءً في مصر وفرنسا ، لا ينبغي أبدا أن تكون حرية التعبير سلاحا للعدوان على حقوق وحريات الآخرين ، ومعتقداتهم .