النهار
الجمعة 14 نوفمبر 2025 12:08 صـ 22 جمادى أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
رصاصة طائشة تحوّل نية القتل إلى فاجعة.. حكم بالإعدام شنقاً لعامل والمؤبد لشقيقه بالخصوص مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين المعهد العالي للدراسات البحرية بالمغرب والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري انطلاق قافلة الأزهر الطبية إلى ميت سلسيل بالدقهلية دعمًا للمبادرة الرئاسية «بداية» | صور ”الجهرية النقشبندية في الصين”... تصوف يواجه الغلوّ بالمحبة والتسامح رئيس البرلمان العربي يثمن الدور الرائد لدول مجلس التعاون الخليجي في تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك والدفاع عن القضايا العربية مصرع شخص و إصابة 7 أجانب في حادث تصادم بطريق القصير مرسي علم الغردقة تشهد طفرة في المشروعات المرورية.. فتح محور جديد ورفع كفاءة الطرق لجنة محلية تُجري معاينات إنشائية لمواقع شركة أبو سومة للتنمية السياحية بسفاجا إيديكس 2025.. القوات المسلحة تكشف تفاصيل وموعد النسخة الرابعة لأهم معرض للسلاح في الشرق الأوسط وأفريقيا بعد الأستورى طلاق عالهوا...مسلم يطلق زوجته بأحد البرامج ويدلي بتصريحات مثيرة للجدل أسرة” المداح” تدخل بلاتوه التصوير لأستكمال رحلتها بالجزء السادس قدمت لوطني الأنتماء فمنحني الأحتواء.. رسالة محمد صبحي عقب ترشيحة لجائزة الدولة التقديرية 2025

مقالات

الدكتور محمد المر يكتب: الحدود القانونية لحرية التعبير

الدكتور محمد المر
الدكتور محمد المر

تعتبر حرية الرأي والتعبير من أهم الحريات التي تحرص النظم القانونية المختلفة على كفالتها وتأكيد فعاليتها ؛وذلك لما تمثله هذه الحرية من قيمة كبيرة في الأنظمة الديمقراطية وارتباطها بتقدم المجتمع ورفاهيته . حتى إن أحد المفكرين قال : إن التقدم إذا أراد أن يدخل أي أمة يقف على الباب ويسأل : هل عندكم حرية رأي ؟ فإن أجابوه بنعم؟ دخل واستقر. وإن أجابوه بلا ؟ ولى هاربا بلا رجعة .

ويقصد بحرية الرأي أو حرية التعبير أن يستطيع كل إنسان التعبير عن آرائه وأفكاره للناس سواء كان ذلك بشخصه ،أو بوسائل النشر المختلفة ،أو بواسطة المسرح أو السينما أو الإذاعة أو التليفزيون ... فحرية الرأي تجيز للفرد أن يعبر عن فكره السياسي أو الفلسفي أو الديني بالكتابة أو الكلام بحرية كاملة، في حدود النظام العام، حسبما هو مقرر في القانون، أي في حدود عدم الإضرار بالآخرين.

ومن الناحية الدستورية والقانونية تعتبر حرية الرأي هى الحرية الأم التي يتفرع منها الكثير من الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية الأخرى؛ فيتفرع عنها الكثير من الحريات والحقوق الأخرى مثل حرية الصحافة والطباعة والنشر، حرية البحث العلمي والإبداع الفني والأدبي والثقافي وحقالاجتماع والتشاور وحق تكوين الجمعيات، وحق مخاطبة السلطات العامة .

وأكدت على هذا المعنى المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بتاريخ 7/5/1987 حيث قالت : "إن حرية الرأي تعتبر بمثابة الحرية الأصل التي يتفرع عنها الكثير من الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها وتعد المدخل الحقيقي لممارستها ممارسة جدية، لحق النقد، وحرية الصحافة والطباعة والنشر، وحرية البحث العلمي والإبداع الآدبي والفني والثقافي، وحق الاجتماع والتشاور وتبادل الآراء، وحق مخاطبة السلطات العامة..."

وقد أكدت على أهمية حرية الرأي الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور 1923 وحتى الدستور القائم ، كما أكدت عليها المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والتي صدقت عليها مصر .

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذه الظروف – في ظل أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم – والتي أعادت نشرها إحدى المجلات الفرنسية ، والتي دافع عن نشرها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بزعم حماية حرية التعبير ؟

بداية نؤكد على قاعدة هامة في مجال الحريات العامة ، وهى أن أي حرية – عند ممارستها من قبل الافراد- وتتعدى آثارها إلى الغير ، لا يمكن أن تكون مطلقة . وإلا انقلبت هذه الحرية إلى فوضى ، وهددت أمن واستقرار المجتمع .فحرية الانسان تقف دائما عند احترام حقوق وحريات الآخرين . وبالتالي أجازت الوثائق الدستورية ، والمواثيق الدولية تقييد الحريات العامة إذا تعارضت مع النظام العام أو الآداب أو مست حقوق الآخرين ومعتقداتهم .

فالفقرة الثالثة من المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أجازتإخضاع حق الإنسان في التعبير لبعض القيود مثل : احترام حقوق الآخرين وحرياتهم ،وحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .

وقد أكد القضاء في كل من مصر وفرنسا ضرورة إخضاع حرية التعبير لبعض القيود حماية لحقوق الآخرين وحرياتهم ، وحماية للنظام العام والآداب من الاضطراب والفوضى فقالت المحكمة الدستورية العليا :" وحيث إنه لما كانت حرية التعبير عن الرأي لا يقتصر أثرها على صاحب الرأي وحده بل يتعداه إلى غيره وإلى المجتمع ،ومن ثم لم يطلق الدستور هذه الحرية وإنما أباح للمشرع تنظيمها بوضع القواعد والضوابط التي تبين كيفية ممارسة هذه الحرية".

وفي 26/5/2018 قررت المحكمة الإدارية العليا :"ان الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور ومنها حرية الفكر والتعبير، ليست حريات مطلقة، وإنما هي مقيدة بالحفاظ على الطابع الأصيل لقيم المجتمع وثوابته وتقاليده والتراث التاريخي للشعب والآداب العامة ".

وفي فرنسا :أكد للمجلس الدستوري الفرنسي علىأن" حرية التعبير الجماعي أو الفردي للأفكار والآراء يمكن أن تقيد بضرورات الصالح العام " . وفي 11فبراير 2015 رفض المجلسمنح ترخيص لإحدى القنوات الفضائية وذلك لإخلالها بالنظام العام أو أمن وسلامة المجتمع . وأيدت قرار جهة الإدارة بالامتناع عن إصدار التراخيص للبث الفضائي لهذه القناة .

الخلاصة : أنه طبقا للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة ، وطبقا للمستقر عليه قضاءً في مصر وفرنسا ، لا ينبغي أبدا أن تكون حرية التعبير سلاحا للعدوان على حقوق وحريات الآخرين ، ومعتقداتهم .