الخميس 28 مارس 2024 01:37 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مصرع طفل بالمنوفية غرقا في مياه النيل أحمد حجازي جاهز لمواجهة الفيحاء مع اتحاد جدة غداً محافظ المنوفية يكرم مستشفى الحميات بشبين الكوم ويقرر صرف مكافأة مالية لجميع العاملين محافظ القاهرة بشكل مجموعة عمل لدراسة الاشتراطات العامة للهوية البصرية الصحة: فحص 795 ألف مواطن ضمن المبادرات الرئاسية لتحسين الصحة العامة للمواطنين خلال شهر رمضان المبارك تكريم الفائزين بمسابقة حزب مستقبل وطن لأوائل الطلبة في موسمها الثالث على مستوى محافظة أسيوط موعد مباراة مانشستر سيتي وآرسنال في قمة الدوري الإنجليزي الممتاز رئيس الدلتا التكنولوجية يشهد فعاليات نهائى دورى كرة القدم الخماسي الهلال ينفرد بصدرة ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات الجولة 25 العم فتح النار على أسرة شقيقه.. ضبط المتهم بقتل فتاة وإصابة أسرتها في قنا غيابات بالجملة للأهلي في مواجهة سيمبا التنزاني بدوري أبطال إفريقيا الأهلي يختتم تدريباته اليوم لمواجهة سيمبا في تنزانيا بدوري أبطال إفريقيا

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: مئوية حكيم العرب

وسط الأحداث الجسام التى تعيشها الأمة العربية والعالم، تستدعى الذاكرة ذلك الحكيم.. حكيم العرب الشيخ زايد آل نهيان، رحمه الله، الذى أشاد العالم بحكمته وأكد التاريخ مصداقيته وحسن وصدق رؤيته المستقبلية للأمور والأحداث.. وما أحوجنا اليوم إلى عمق وخصوصية رؤية حكيم العرب الذى استطاع قبل الثورة التكنولوجية التى أحدثت تغييرات فى مفردات العلاقات بين الأفراد والدول، أن يسبق الجميع برؤيته الواقعية ويقيم نوعاً من الفيدرالية الإماراتية متجاوزاً اختلاف التوجهات سواء القبلية أو الاجتماعية أو السياسية وقتها.. وأقام بعمق رؤيته كياناً واحداً موحداً قوياً اسمه «الإمارات العربية المتحدة» التى أصبحت نموذجاً للرأى والرأى الآخر، يشعر الجميع فيه من أبناء الإمارات أنهم يمتلكون كل حبة تراب من هذا الوطن العزيز.

ومن المفارقات التاريخية أن حكيم العرب رفض وقتها أن يضم قطر إلى الإمارات العربية المتحدة وكأنه كان يرى بعمق نظرته وفكره الثاقب أنها ستكون سرطاناً فى الجسد العربى وأداة للعالم الخارجى وأعداء الأمة  لتصدير الأزمات لمصر والإمارات والسعودية.

ولو فطن العرب لرؤية الشيخ زايد المستقبلية التى نفتقدها الآن، لما حدث هذا الدمار فى العراق، وما تم تنفيذ الأجندة الصهيونية لإسقاط بغداد الحزينة، ولو استمع العقلاء فى العراق لحكيم العرب فى قمة شرم الشيخ، لتم إفساد المخطط الأمريكى الصهيونى لضرب البوابة الشرقية ممثلة فى العراق وسوريا، وما كان تم القضاء على أكبر قوة عسكرية عربية فى ذلك الوقت، فقد كانت خطورة العراق فى ذلك الوقت ممثلة فى علمائه الذين كانوا أكبر خطر على إسرائيل وإيران وكان لا بد من القضاء عليهم.

فدعونا نقل إن حكيم العرب كان يحلم بالدولة الأفلاطونية المثالية فى التعاملات بين الدول، وما كان يتخيل أن يحدث فى عالمنا العربى، ما يجرى الآن.

لقد كان الشيخ زايد– رحمه الله- يعتبر أن مصر يجب تقويتها ودعمها لأنها العمود الفقرى ورأس الخيمة الحقيقى لإحداث التوازن فى العالم العربى، وكان مؤمناً وداعماً حقيقيا للقضية الفلسطينية.

وأعتقد أن ما قام به الشيخ زايد، رحمة الله عليه، فى حرب 1973 من تقديم دعم لوجيستى لمصر وسوريا، وزياراته المكوكية للعديد من الدول العربية والإسلامية، ودعواته لدعم الجيشين العربيين المصرى والسورى، ولقاءاته مع الحكام العرب فى ذلك الوقت، التى نتج عنها استخدام سلاح البترول لأول مرة، كل ذلك  أثر على متخذى القرار فى الولايات المتحدة وفى الدول الغربية، خصوصا الداعمة لإسرائيل.

وحكاية عشق الشيخ زايد– رحمه الله- لمصر وللمصريين هى من حكايات ألف ليلة وليلة، فعروقه يجرى فيها كل الدم العربى من المحيط للخليج، وجيناته عاشقة لمصر الحضارة والتاريخ والتراث.

ومن حكمته ورؤيته الثاقبة أنه أوصى أولاده بها خيراً وأورث فيهم جينات حب مصر، فاتخذوها نبراساً، وقدموا لها كل دعم ممكن فى الشدائد، وقدموا  كل غالٍ ونفيس، حتى تشعر أن الشعب الإماراتى هو امتداد للشعب المصرى فى أفراحه وأحزانه.. وما زال أثر الشيخ الحكيم  فى مصر باقياً، ومدينة الشيخ زايد وغيرها من مئات المشروعات، خير شاهد على ذلك.

فمرور مائة عام على ميلاد حكيم العرب الشيخ زايد، رحمه الله، يجعلنا نتأمل هذا الرمز الإنسانى الذى كان يؤمن بأحقية الشعب العربى فى أن يعيش حياة كريمة وفاضلة، وكان أهم ما يميزه الاستماع والإنصات للرأى الآخر، وكان يشعر بالسعادة والفرح عندما يحقق حلماً من أحلام أبناء الإمارات، بل إنه تجاوز الأحلام إلى حيث أصبحت الحقائق والثوابت على الأرض أحلاماً لبقية الشعوب.

وصنع الشيخ زايد من الإمارات السبع دولة تحكمها مقاييس ومعايير المواطنة وحقوق الإنسان والحريات المسئولة، التى تدعم وتحافظ على مسيرة الوطن، وأحدث نقلة نوعية فى التنمية الاقتصادية، وأصبحت أبوظبى ودبى والشارقة، مزارا وقبلة للعالم كله فى كل المجالات، وامتد الأمر إلى حيث أصبحت الثقافة والعلوم والفنون والمتاحف جزءاً لا يتجزأ من مفردات دولة الإمارات، وحتى أصبحت الشارقة منارة لمعارض الكتاب والعلوم والفنون، ورأس الخيمة تحولت إلى ميناء عالمى لتكرير البترول، وكأنك ترى بعينيك سيمفونية تنفيذية فى هذا البلد الجميل، وخرج علينا أبناء الشيخ زايد بمفردات جديدة وأشياء رأيناها على أرض الواقع لأول مرة فى العالم، حيث رأينا تعيين وزير للسعادة وحقوق الإنسان.

فهنيئاً لشعب الإمارات بهذا الفارس الخالد العاشق لتراب الإمارات وصاحب الآثار التى لا تنسى، وهذه الأيقونة التى نجحت فيما فشل فيه كثيرون، من توحيد الشعوب وغرس الانتماء فى قلوبها وإعلاء حب الوطن على ما سواه.

وإذا كنا نحتفل ونحتفى بنيلسون مانديلا كرمز لإفريقيا، فأعتقد أنه حقيق بنا أن نحتفى ونحتفل بالشيخ زايد كأيقونة للعالم العربى، لن تنساها الأجيال القادمة، وسيتوقف أمامها التاريخ طويلاً.

رحم الله الشيخ زايد الذى كان عاشقاً للإنسانية ومحباً للوطن العربى الكبير، وصاحب رؤية مستقبلية سابقة للجميع ستظل الأجيال تذكرها بكل الخير وتستقى منها الحكمة والعبرة.. وحفظ الله الإمارات وقياداتها وشعبها من كل سوء.