ربيع عبد الحميد يكتب: براعم الإعلام

تبارت الأقلام وتنوعت الوجبات الإعلامية وشحنت بطاريات الحناجر الفضائية لإطلاق القذائف المطاطة للتعبير عن الحدث الجلل الذى يشغل الناس، وأصبح سابقا للعمل الدءوب والاقتصاد والبناء والتعمير والمشاريع العملاقة التى فرحنا بها جميعا وسابقا للفوز بالحقائب البرلمانية للنواب الجدد والذين لم يتناولوا فى أحاديثهم كيفية حل المشاكل المزمنة التى استعصت على المجالس السابقة قتركوها عن عمد ليعانى الشعب ونرث مشاكل لا حصر لها.
وقد مرت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتنياهو المسمومة التى أعلن فيها أن مقتل اسرائيلى ليس كمقتل فلسطينى؛ لأن الدم الإسرائيلى مميز وأنه لا يجوز قتل الإسرائيلى، أما الدم العربى فهو مباح لو قتله يهودى، وسرت العبارات وإعلامنا رافع شعار «لا أسمع لا أرى لا أتكلم »، وتعالت أصوات زعماء الغرب ودول الناتو والحلفاء يتزعمهم أوباما بأن حال الدول العربية والإسلامية لا ينصلح إلا بتصويب الخطاب الدينى، ناسين أنهم شر البلية وأن علبة الدواعش مكتوب عليها «صناعة الناتو والحلفاء .»
تعجبت كثيرا من اعتراض البعض من محررى المقالات وأبواق الفضائيات على حكم حبس إسلام بحيرى والفرحة لبراءة أحد المحررين بعد تناوله مقالات إباحية وجنسية، وتدخل الكثير فى الأمر بين مؤيد ومعارض، وكل يبكى على ليلاه، ولا يخلو الأمر من الهوى والغرض وأصحاب المصالح ولله فى خلقه شئون.
نحن جميعا مع تجديد وتصويب الخطاب الدينى ليتماشى مع الواقع الذى نعيشه وإبعاد المتشددين الداعين إلى العنف والفرقة؛ فنحن بلد الأمن والأمان والسلام والمحبة والتسامح، وجميعنا إخوة فى الوطن نعمل لمصرنا، وأنا مع عودة دراسة الدين فى مدارسنا وجامعاتنا لعودة القيم والأخلاق والاتزان والوسطية، خاصة لشبابنا لنحصنهم ضد التيارات المتطرفة ونحولهم لدفع عجلة الإنتاج لرفعة البلاد.
لكن العقل والمنطق يقول إن من يتحدث عن التجديد ومحاوره هم علماء الدين وأفاضل الأزهر الشريف، لكن أن يخرج علينا نبت صغير بمقال فى صحيفة قومية ويكيل لأزهرنا وشيخه الجليل السب والشتائم لأنهم تسببوا فى سجن «بحيرى »- فهذا لا نرضاه أو نقبله، لكن يحتاج البرعم إلى من يصوبه ويلومه على تطاوله ويطالبه بالاعتذار عن سقطته وعيبه فى العلماء دون علم أو دليل.
لا نريد لبلدنا ان يختلط الحابل بالنابل فيه ونتركه «سداح مداح » لتهتز المعايير وتفسد الأذواق ونبتعد عن الأديان، والمفروض ان نترك الأمر لأصحابه وننتظر الحل من علمائنا الأجلاء المعروفين بالاتزان والحرص على مصالح البلاد، وهم كثر، وهذا هو عين العقل؛ فالمريض لا يطببه إلا الطبيب والتلميذ لا يلقنه دروسه إلا المعلم المتخصص، والبناية لا يقيمها إلا المهندس، وعلم الدين أيضا يجب أن نتركه لرجاله؛ حتى لا نكون كالذين إذا قيل لهم لا تفسدوا قالوا إنما نحن مصلحون.