شكراً العم غوغل!

عندما أجلس وأتأمل ما يحدث من تغيرات اجتماعية وثقافية ونفسية وأخلاقية، ومدى تأثيرها على طرق التواصل بين البشر، أكتشف أن الزمان الحالي كله تغير عن الزمان السابق.. وهكذا هي الحياة دائما، ومن يقرأ كتب التاريخ سيفاجأ بأنه لا جديد تحت الشمس فعلا.. ومع هذا، علينا أن نبحث دائما عما وراء هذه التغيرات وأسبابها، لعلنا نكتشف ما يفيدنا على فهم معطياتها.
الكثير من عاداتنا الاجتماعية أصابها التغير في خضم ثورة التغيرات، كما نلاحظ أن الكثير من النفسيات قد تغيَّرت حولنا، نتيجة لتغير العادات.
لم يعد الطفل هو الطفل الذي نعرفه ونتعامل معه في السابق.. لقد سبق هذا الطفل طفل الماضي بمراحل كثيرة، كما أن الطالب على سبيل المثال تغير في تعاملاته مع أبويه وأسرته ومدرسيه، ومع كيفية تعاطيه مع العملية التربوية والتعليمية، وهذا أيضا ينطبق على الزوج، مثلا، الذي أصبح "أصلب" مع زوجته، كما أن الزوجة نفسها أصبحت امرأة مختلفة عن صورتها في الأجيال السابقة. بل حتى الأكل أصبحت له أشكال وألوان ونكهات مختلفة، وكلها تجتمع في مطبخ واحد وعلى طاولة طعام واحدة.
وحدّث ولا حرج عن اللغة، التي اختلفت ولم تعد لغتنا هي نفسها المتعارف عليها في السابق، فقد دخلت عليها مفردات جديدة وتعبيرات مبتكرة من قبل هذا الجيل. وهذا ينسحب على مناحٍ أخرى من مناحي العيش، مثل النكتة التي أصبحت الآن جزءا من ثقافة المجتمع ومعبرة عن كل تغيراته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، بالإضافة إلى تغيرها بتغير نفسية المتلقي.
وهكذا.. عندما تلتفت في كل الاتجاهات تجد الاختلافات عن كل ما هو سابق وماض. حتى إنني أشعر أحياننا وكأننا نعيش في ماراثون لعالم متغير، وهذا التغير مشروع، بل ومطلوب، ولسنا ضده، ولكننا نحتاج أحيانا لبعض الوقت في استيعابه والتأقلم معه ومحاولة اللحاق به. إن الكثير من الثورات العلمية والمعلوماتية تصلنا في ثوان قليلة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال المواقع العملية الخاصة لبعض المؤسسات العلمية والأكاديمية.
ولعلنا نتذكر كيف كنا في السابق نعاني كثيرا في البحث عن معلومة تهمنا.. أما في الوقت الحالي، فالمعلومة تصل إلينا من دون أي عناء بكبسة زر. فالعم غوغل يقوم بالمهمة دائما على أكمل وجه، حيث تضع السؤال في نافذة العم غوغل ببساطة، وبلحظات يأتيك الجواب.
آخر كلمة: لقد تعاظم دور العم غوغل في حياتنا لدرجة تندر الكثيرين على الاعتماد عليه في كل شيء، ربما حتى في البحث عن أفراد العائلة الذين نفتقدهم.. نعم هي نكتة، ولكن من يدري؟ ربما تتحقق فعلا قريبا، كأن نضع اسم الشخص في نافذة موقع غوغل إيرث، فيظهر لنا مكانه فورا!