ناصر والسيسي للأمريكان والإخوان: من قال لا فى وجه من قالوا نعم

رحل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، فقال نزار قبانى "قتلناك يا آخر الأنبياء"، واليوم بعد سنوات طويلة من رحيله، عادت ذكرى "ناصر" العطرة أكثر زهوا من سنوات مضت فيها كـ"سحابة صيف"، الفريق أول عبدالفتاح السيسي، نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، جاء ليؤكد أن مصر، ومن بعدها المؤسسة العسكرية يحملان فى رحمهما "مليون ناصر"، يخرجون فى "الليلة الظلماء"، ليمنحوا البسطاء "دفء البدر" وروعة "الليالي الصيفية".
صورة "ناصر" ظلت حاضرة فى المشهد السياسي المصري طوال السنوات التى تلت رحيله، عدد من الساسة لم يكن غرورهم يقبل وجود "صورة زعيم" فى صدارة المشهد، فبدءوا ضد "الصورة" حربهم الباردة، التى يعلم "القاصي والداني" أنهم كسبوا جولات عدة، لكن جاءت الأيام القليلة الماضية لتؤكد أن راية "الشعب" ارتفعت في النهاية ، وأن صورة "ناصر" المرتفعة فوق الرؤوس لم تكن سوى تعبيرا عن رغبة البسطاء في إيجاد "رجلهم" الأول، المتحدث الرسمي باسم أحلامهم، المنفذ الأول لأوامرهم – دون أن يكل أو يمل-، وجاءت صور الفريق "السيسي" لتعانق "ضحكة ناصر"، و"تأملات الزعيم"، فى مشهد راهن على وجوده بسطاء "المحروسة" فقط، وكان لهم ما أرادوا، فتعانقت صورة "ناصر" مع "السيسي" والعامل المشترك الوحيد كان " مصر. البسطاء.. والأمل فى الغد الأجمل"
بعد مرور 43 عاما على رحيل "ناصر" يأتي الفريق أول عبد الفتاح السيسي ليصبح "ناصر الجديد".
الكاتب الصحفي عبد الله السناوي قال: إعادة إنتاج شخصية الزعيم الخالد عبدالناصر من خلال الفريق أول السيسى تعود إلى عدة أمور، لعل أهمها هو صدق "السيسى" الذي وصل إلى الشعب المصرى الذي لم ير حتى الآن مسئولا في الدولة يخبره بما يحدث بصدق سوى الفريق السيسي، وهو ما ظهر في كلماته للشعب عندما أخبره بما حدث مع مرسي وبالتفصيل، وكيف تم اتخاذ القرار.
وأكمل "السناوي" بقوله: من يلاحظ الكلمات التي يوجهها الفريق السيسي للشعب يراها متجردة تماما من الكلفة ومن الديباجة التي تجعل بينه وبين الشعب حاجزا، وهذا كان أسلوب الزعيم عبدالناصر، فقد شاهد المصريون أول مسئول يقول لهم "أقسم بالله العظيم "، ونحن أمام شعب حُرم كثيرا من ذلك الحديث، ومن تقرب للشعب وضعه المصريون في مكانة لا تضاهيها مكانة، كما أن ما ميز الفريق السيسى أنه يمثل الوطنية المصرية الخالصة، ويتعامل بمقتضى المصلحة العامة لمصر، وكان السيسي واضحا، خاصة أن العدو لم يكن سهلا، فهم الإخوان ومن ورائهم الولايات المتحدة الأمريكية.
الدكتور عماد جاد - أـستاذ العلوم السياسة- أكد أن الفريق السيسى هو القائد الوحيد بعد "عبد الناصر " الذي قال للأمريكان "لا " وقضى على أهم حليف إستراتيجي لهم في المنطقة، والأمر لم يكن سهلا، والفريق السيسى نفسه يعرف كم التغيرات الإستراتيجية التي تحدث بسبب سقوط الإخوان، ولكنه فضل أن يتحداهم من أجل مصلحة الشعب، وقد التف المصريون حوله، تماما كما التفوا حول عبد الناصر وهو يواجه دول العدوان الثلاثي.
وأضاف "جاد" إن "الفريق السيسى بعد موقفه البطولى لو أراد من المصريين فعل أي شيء سيفعلونه، وهو ما فشل فيه كل من جاءوا بعد عبد الناصر، لأنهم لم يتقربوا من الشعب ولم يفهموه، لذلك رأينا رؤساء قتلوا وخلعوا وعزلوا ولم يحزن عليهم أحد، لأنهم صنعوا فجوة كبرى بينهم وبين المجتمع المصرى، والأمر الآخر هو سياسة الاقتراب من روسيا التي ظهرت في الآونة الأخيرة، واشتعال الأزمة السورية، وعدم تأييد مصر لأى ضربة عسكرية لسوريا، وهو أمر يعيدنا إلى زمن عبد الناصر، فالصراع العالمى الحالي يحتم الاقتراب من روسيا، لإحداث توازن بين القوى العالمية، لأن روسيا لها مكانة خاصة بين المصريين، فكل تلك العوامل جعلت من الفريق السيسى "عبد الناصر الجديد" عند كثير من المصريين.
الدكتور محمود العلايلى - القيادى بحزب المصريين الأحرار- أكد أن السبب الأساسى في محاولة البحث عن العوامل المشتركة بين الفريق السيسى والرئيس الراحل جمال عبد الناصر الجديد وقوف "السيسي" أمام الإخوان ،وتحديهم من أجل مصلحة الشعب المصرى، وهو أمر قد يكلفه حياته، ولكنه لا يخافهم، وهذه الجماعة –على مدي تاريخها- تتخذ من الاغتيال وسيلة للتخلص من معارضيها، وقد وصلت إلى حالة من القوة قبل عزل مرسي تمكنها من اغتيال خصومها، ومن وقف أمام هذا كله هو الفريق السيسى، وبالتالى استحق أن يكون لدى الجميع عبد الناصر الجديد.
وأكمل قائلا: هناك أمرا آخر يتمثل فى وطنية الفريق السيسى، فهو لا يتحدث إلا عن مصر، ومن شاهده يدرك جيدا أن الرجل مخلص لوطنه ولدينه، ويكره أن يتاجر أحد بالدين، ولم يتصرف سوى من أجل المصلحة العامة، وكل تلك صفات كانت في عبد الناصر، بالإضافة إلى الصراع العالمى الذي يقوده السيسي، وهو ما يؤكد أن السيسى فعلا تلميذ عبد الناصر النجيب.