النهار
الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 10:08 مـ 10 رجب 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
7 لاعبين في كأس الأمم الإفريقية 2025.. من سيقود بلاده للذهب؟ المستشار حسين مدكور.. قيادة قضائية تُعيد تعريف الإدارة الحديثة وتحصد لقب “أفضل رئيس هيئة قضائية في مصر والدول العربية 2025” حديثى الولادة .. العثور على طفلين متوفيين بجوار المقابر بصدفا أسيوط خدروه وخنقوه.. تفاصيل مقتل صاحب عربة كبدة على يد زوجته وعشيقها وابن عمه بأكتوبر عقب تكريمها بمهرجان وجده الدولي..هاجر الشرنوبي تشارك جمهورها بلقطات من علي السجادة الحمراء صحة الإسكندرية توقع الكشف الطبى على 1041 مريضا وصرف العلاج المجاني بعد تطويرها.. انتقادات بسبب وجود اسم رجل أعمال على ميدان المسلة أمام محطة قنا هيدي كرم تكشف موعد انتهاء تصوير فيلم «عيلة دياب عالباب» عادل زيدان: مستشفى الجيزة الجديد خطوة جديدة تعكس جدية الدولة في دعم قطاع الصحة بالصور.. رامي عياش يشعل ليل الزمالك في سهرة استثنائية لاستقبال 2026 العملة بين تثبيت الهوية وسلخ التاريخ.. سوريا نموذجًا بالفيديو..الحسن عادل يطرح كليب ”كل سنة” بمشاركة طفلة من متلازمة داون

ثقافة

العملة بين تثبيت الهوية وسلخ التاريخ.. سوريا نموذجًا

العملة السورية
العملة السورية

ما شهدته سوريا مؤخرًا من تغيير في شكل العملة الوطنية يستحق وقفة جادة لقراءة دلالاته العميقة، ليس فقط من زاوية اقتصادية أو نقدية، بل من منظور ثقافي وهوياتي أشمل. فبينما صرّح السيد الرئيس أحمد الشرع بأن «تبديل العملة عنوان لأفول مرحلة سابقة غير مأسوف عليها»، يظل السؤال مطروحًا: هل يعالج تغيير شكل العملة أزمات الاقتصاد، أم يفتح بابًا لطمس تاريخ دولة ذات حضارة ضاربة في عمق الزمن؟

العملة السورية الجديدة

العملة ليست مجرد وسيلة للتبادل، بل وثيقة ثقافية وسيادية تختصر ملامح الدولة، وتُعرّف الآخر بتاريخها وشخصيتها وذاكرتها الجمعية. وفي الحالة السورية، بدت العملة الجديدة أقرب إلى رموز بيئية وزراعية سطحية، منفصلة عن العمق الحضاري لسوريا، حتى خُيّل للبعض أنها تشبه “عملات ألعاب الأطفال” التي تفتقر إلى أي بعد تاريخي أو رمزي جامع.

لقد كانت العملات السورية السابقة، رغم ارتباطها بفترات سياسية مثار جدل، تحمل في طياتها إشارات واضحة إلى هوية الدولة وتاريخها الممتد، من آثار وحضارات شكّلت الوعي السوري عبر آلاف السنين. أما العملة الجديدة، فجاءت خالية من أي إحالة حضارية أو ثقافية، في تغييب لافت لإرث آشوري وبابلي وسرياني وبيزنطي، واستبدال رموز حضارة تدمر بعناصر أقرب إلى مشاهد أسواق الخضار والفاكهة.

سورية

والمفارقة أن هذا التجاهل لم يقتصر على الهوية التاريخية، بل امتد ليشمل حتى المرجعيات الفكرية للحكومة الحالية، المحسوبة على تيار الإسلام السياسي، إذ خلت العملة من أي رموز دينية أو إشارات لما يُسمّى بـ«الدولة الإسلامية». وهو ما يشي بمحاولة إمساك العصا من المنتصف: لا إغضاب الداخل الأيديولوجي، ولا تنفير المجتمع الدولي، في خطاب بصري مرتبك يفتقد الوضوح والاتساق.

كان الأمل معقودًا على أن تمثل العملة الجديدة فرصة لإعادة إحياء الهوية السورية الجامعة، واستعادة ما دُمّر أو نُهب من الذاكرة الأثرية والحضارية، لا أن تتحول إلى أداة لمحو الرموز واستبدالها بعناصر محايدة بلا روح. فطمس التاريخ، أيا كانت المبررات، لا يصنع دولة جديدة، بل يخلق فراغًا هوياتيًا يصعب ملؤه، ويُعمّق القطيعة بين الماضي والحاضر، في لحظة كانت سوريا أحوج ما تكون فيها إلى التماسك لا التجرّد.

موضوعات متعلقة