النهار
الإثنين 8 ديسمبر 2025 06:26 مـ 17 جمادى آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

القصة الكاملة لأزمة محمد صلاح مع ليفربول.. كواليس المفاوضات

محمد صلاح
محمد صلاح

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» القصة الكاملة لأزمة محمد صلاح مع ليفربول، موضحة أنه عاد إلى مركز تدريب ليفربول في كيربي بعد ظهر الأحد، وشارك المهاجم المصري في مران خفيف داخل القاعة مع بقية لاعبي فريق آرنه سلوت الذين لم يشاركوا في التعادل 3-3 أمام ليدز يونايتد يوم السبت.

وذكرت بحسب ترجمة عزت إبراهيم، المحلل السياسي، أنه بالنسبة لليفربول، كان هناك شعور بضرورة ترك الغبار يهدأ بعد المقابلة المشتعلة التي أجراها صلاح عقب اللقاء، لكن قرارات كبيرة تنتظر النادي، وأقربها يتعلق بما إذا كان سيتم ضم صلاح، ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي، إلى قائمة الفريق المسافرة لمواجهة إنتر في دوري الأبطال يوم الثلاثاء.

وأوضحت أنه من المقرر أن يتدرب الفريق في كيربي الساعة 11:45 صباحًا بتوقيت المملكة المتحدة يوم الاثنين قبل السفر من مطار جون لينون إلى إيطاليا. وسيعقد سلوت مؤتمره الصحفي في سان سيرو الساعة 6:45 مساءً. من المتوقع أن يكون الحدث ساحة إعلامية صاخبة، والموضوع الأبرز لن يتغير سواء حضر صلاح أم لا.

وأكدت أن صلاح قضى جزءًا من يوم الأحد في نقاشات مطولة مع وكيله المقيم في دبي، رامي عباس، بعد أن رد على استبعاده من التشكيل الأساسي لثلاث مباريات متتالية باتهام ليفربول بـ«إلقائه تحت الحافلة» وتحويله إلى كبش فداء لأزمة الفريق. وكشف أن علاقته مع سلوت انهارت، وزعم أن «شخصًا ما لا يريدني في النادي»، تاركًا الباب مفتوحًا أمام رحيل محتمل في يناير.

وتحدثت «ذا أثلتيك» مع مصادر مطلعة على الوضع، طلبت عدم ذكر أسمائها، وكشفت أنه لم يكن خروج صلاح للعلن مفاجأة تامة للقيادات العليا، لكن هجومه على النادي وعلى سلوت كان أبعد مما توقعه أي أحد، وبعض زملائه كانوا يتوقعون ذلك بعد أن لاحظوا تغيرًا في مزاجه يوم الجمعة عقب إبلاغه بأنه سيكون على مقاعد البدلاء ضد ليدز، وملاك النادي، «فينواي سبورتس غروب»، لا يزالون يثقون تمامًا في سلوت رغم الأزمة والنتائج السيئة، كما أن ليفربول كان يعتبر استبعاد صلاح إجراءً مؤقتًا وليس نهاية دوره الأساسي، وهناك اهتمام قوي من أندية الدوري السعودي للمحترفين والدوري الأمريكي إذا قرر صلاح الرحيل بعد تمثيل مصر في كأس الأمم الأفريقية الشهر المقبل.

وأكدت أن هذه هي قصة 48 ساعة استثنائية داخل ليفربول، ما الذي أشعلها، وماذا سيحدث لاحقًا، وبعد يومين من واحدة من أكثر المقابلات انفجارًا من لاعب بارز في تاريخ الدوري الإنجليزي، يسود ليفربول شعور بالصدمة، ففي أبريل الماضي، كان صلاح يحتفل بتتويج الدوري في آنفيلد، ويشكر سلوت على مساعدته في الوصول لهذه المستويات. قبلها بشهرين، كتب عباس على وسائل التواصل أن سلوت ممتاز في عمله.

قال صلاح آنذاك: «قلت له: طالما توفر لي الراحة دفاعيًا، سأقدم الهجوم. وقد استمع كثيرًا، ورأينا الأرقام»، ولم يحصل صلاح فقط على الحذاء الذهبي بـ29 هدفًا، بل انتزع أيضًا جائزة صانع الألعاب بـ18 تمريرة. وحطم الرقم القياسي لأكثر مساهمات تهديفية في موسم من 38 مباراة، لكن هذا الموسم كان أكثر قسوة على الجميع. وفاة ديوغو جوتا أثرت عليه بشدة، والتغييرات الكبيرة في الفريق بعد إنفاق 450 مليون جنيه غيرت ديناميات الفريق.

في سبتمبر، رد صلاح على منشور عبر منصة X يروج لفكرة أن الفريق أصبح أفضل بوجود فلوريان فيرتس وألكسندر إيساك بدلاً من لويس دياز وداروين نونيز قائلاً: «لماذا لا نحتفل بالصفقات الجديدة دون التقليل من أبطال الدوري الإنجليزي؟». كان ذلك مؤشرًا دقيقًا على حالته الذهنية.

وشعر صلاح أن الفريق الموسم الماضي بُني ليخدم قدراته، وكان يحب اللعب إلى جانب دياز ونونيز وألكسندر-أرنولد، الذين رحلوا جميعًا. أما مع الوافدين الجدد، فصار من الصعب عليه الوصول إلى مناطق التسجيل، وسجل فقط أربعة أهداف في الدوري حتى الآن، وبحسب الصحيفة، على الرغم من ذلك، لم تظهر علامات واضحة على توتر علاقته مع سلوت، حتى تم استبعاده أمام وست هام قبل ثمانية أيام. ثم لم يعد ضد سندرلاند، وأخيرًا ظل على الدكة أمام ليدز، وهو ما فجر المشهد، ولو فاز ليفربول 3-2، ربما كان صلاح تجنب تفجير أزمة في ليلة من المفترض أن تكون إيجابية. لكن التعادل المتأخر أشعل غضبه.

وذكرت أنه كان القادة في النادي يعرفون أنه كلما طال غيابه عن التشكيل، ارتفعت احتمالات انفجاره. جزء من قوة صلاح قائم على غروره وثقته، ولم يكن من النوع الذي يصمت أمام ما يراه ظلمًا، ومن وجهة نظر ليفربول، كان قرارًا تكتيكيًا مؤقتًا لإعادة توازن الفريق، وليس محاولة لإخراجه من الصورة، وقرر سلوت جعل الفريق أكثر تماسكًا دفاعيًا، ودفع بدومينيك سوبوسلاي في الجهة اليمنى بدلًا من صلاح بسبب عمله الدفاعي. داخليًا، هناك قناعة أن الفريق صار أقل عرضة للفرص مع هذا التغيير.

كما كان سلوت بحاجة لتجربة الخطة قبل رحيل صلاح إلى كأس الأمم الأفريقية، لكن إذا كان صلاح يسعى لإسقاط سلوت وجعل منصبه غير قابل للاستمرار – وهو ما وصفه أحد المصادر بأنه هجوم “محسوب” – فمن المستبعد أن ينجح. فإقالة مدرب بسبب نزاع مع لاعب، مهما كان نجوميته، أمر غير وارد، بل إن هناك تعاطفًا مع سلوت، الذي دافع عن صلاح مرارًا في المؤتمرات الصحفية.

قال قبل مباراة سندرلاند: «لقد كان محمد مذهلاً لسنوات وسيظل كذلك. بالطبع هو غير سعيد بعدم اللعب، لكن سلوكه احترافي وداعم لزملائه»، ويحظى صلاح بالاحترام والإعجاب في غرفة الملابس، لكنه ليس قريبًا من اللاعبين اجتماعيًا. وقد شعروا بتغير في مزاجه فور علمه بعدم المشاركة، وكانوا ينتظرون خروجه للعلن، وربما ساهم ذلك في صرف الانتباه عن كارثة التفريط في تقدمي 2-0 و3-2، قال وكيل أحد اللاعبين: «لن يحدث تأثير كبير. بعد كل ما فعله، لا أحد يمكنه محاسبته»، وفي 10 أبريل، جلس صلاح على عرش ذهبي في وسط الملعب لتصوير فيديو إعلان التجديد.

وبعد يوم، أعلن عن عقد جديد لعامين حتى صيف 2027. قال إن ابنته مكة كانت «أسعد واحدة» لأنها لا تريد مغادرة المدرسة، وقال صلاح: «عشت أفضل سنواتي هنا. لعبت ثماني سنوات، وآمل أن تصبح عشرًا. وقعت لأنني أؤمن أننا سنفوز بألقاب كبيرة»، لكنه اعترف لاحقًا أن احتمال بقائه كان 10% فقط في بداية الموسم، وقال: «أنا لا أهاجم النادي، لكنني أعرف سياسته مع اللاعبين فوق 30. لم أتوقع البقاء. ربما كانوا يختبرون ما إذا كنت قادرًا على العطاء أم لا».

وذكرت أن المفاوضات لم تكن سهلة بين ريتشارد هيوز ورامي عباس. الأخير يفضل المفاوضة وجهًا لوجه. وبروفايله على واتساب يكتب: «المقاطع الصوتية يتم تجاهلها. وإذا تأخرت، سأرحل»، وكان عباس قلقًا من أن النادي لن يقبل الإبقاء على صلاح كأحد الأعلى أجرًا بـ400 ألف جنيه أسبوعيًا. وكانت هناك توترات مماثلة عام 2022، وخلال الموسم الماضي، كان سلوت واضحًا في رغبته بالاحتفاظ بصلاح. ورفع الجمهور لافتة: «هو يطلق سهمًا، أعطوه المال»، ولكن بالنسبة لفينواي، كان يجب أن يكون الأمر منطقيًا ماليًا. وفي النهاية، أرقام صلاح المذهلة أقنعتهم، ففي تلك الفترة، بدا التجديد قرارًا بديهيًا. أما اليوم، فالأمر أقل وضوحًا.

وأوضحت أن الخلافات الإعلامية كانت جزءًا من المشهد. وصفه جيمي كاراغر بـ«الأناني»، وصلاح رد بأن كاراغر «مهووس» به، ووفي هجومه الأخير، قال: «غدًا سيهاجمني كاراغر، لا مشكلة، وكاراغر تجنب التعليق مؤقتًا، لكن من المتوقع أن يتحدث الليلة في برنامج «مانداي نايت فوتبول».

السؤال الآن: ما الذي سيحدث؟

يعتمد الأمر على قدرة هيوز وإدواردز على إبرام صلح، أو أن نقطة اللاعودة قد وصلت، وإذا كان صلاح يريد الرحيل، فسيكون الهدف الحصول على أفضل سعر في يناير واستثمار الأموال في بديل مثل أنطوان سيمينيو من بورنموث، وفي 2023، رفض ليفربول عرضًا بـ150 مليون جنيه من الاتحاد السعودي. واليوم، ترى مصادر في السعودية أن الهلال قادر على حسم الصفقة، بحسب الصحيفة.

وذكرت أن الانتقال للسعودية مفيد ماليًا، لكنه خطوة للخلف رياضيًا. وصلاح كان دائمًا مترددًا في مغادرة الدوري الإنجليزي، وهو يعيش حياة مستقرة في تشيشاير مع زوجته وبناته، وفي الولايات المتحدة، هناك خيارات. نادي سان دييغو الجديد، المملوك للملياردير المصري-البريطاني محمد منصور، قد يحاول ضمّه، قال منصور مؤخرًا: «سنفعل كل ما يلزم لدعم النادي».

في المقابل، يمتلك إنتر ميامي مكانًا شاغرًا للاعب مميز، لكن مصدرًا يقول إنهم استقروا على هدف آخر، والخيار الآخر هو شيكاغو فاير، الذي حاول ضم نيمار ودي بروين سابقًا، ويملك القدرة المالية. وتشير مصادر إلى أنه حاول بالفعل ضم صلاح قبل تجديد عقده، وعلى المدى القصير، كأس الأمم الأفريقية تقترب، وقد يبتعد صلاح عن ليفربول حتى نهاية يناير إذا وصلت مصر للنهائي، وهذا يمنح الأطراف فترة تهدئة، لكن ما إذا كان ذلك سيكون كافيًا لرتق الجراح، فهذا موضوع آخر.