خطوة تعزز الدور الإقليمي لمصر في حماية البحار ودعم الاقتصاد الأزرق
شهدت القاهرة انطلاق أعمال الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية حماية بيئة البحر المتوسط من التلوث (اتفاقية برشلونة) COP24، حيث تسلمت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، رئاسة المؤتمر لمدة عامين من السيد ميتيا بريسيلي رئيس الدورة الثالثة والعشرين وممثل دولة سلوفينيا، في حدث يعكس الثقة الكبيرة التي يوليها المجتمع المتوسطي لدور مصر الفاعل في حماية البيئة البحرية ودعم الاستدامة في المنطقة.
وحضر افتتاح المؤتمر وزراء وممثلو 21 دولة من دول المتوسط، إضافة إلى مسؤولي برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمات دولية وإقليمية وممثلي المجتمع المدني. وافتتحت د. منال عوض أعمال الدورة الجديدة تحت شعار "الاقتصاد الأزرق المستدام من أجل بحر متوسطي مرن وصحي"، مؤكدة أن انعقاد المؤتمر في القاهرة يحمل رسائل واضحة حول مكانة مصر في قيادة الجهود الإقليمية لمواجهة التحديات البيئية المعقدة التي يواجهها البحر المتوسط.
وأكدت الوزيرة في كلمتها أن البيئة البحرية تمثل شريانًا للحياة وموردًا أساسيًا لملايين البشر في مصر ودول المتوسط، حيث تمتد السواحل المصرية لأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر على البحرين الأحمر والمتوسط، وتشكل مصدرًا للغذاء والطاقة والسياحة والتجارة والنقل البحري. وأشارت إلى أن المناطق الساحلية في مصر تمثل نقطة التقاء بين نظم بيئية حساسة وأنشطة اقتصادية مكثفة، مما يجعل الإدارة المتكاملة للموارد البحرية ضرورة استراتيجية وليست خيارًا.
ولفتت د. منال عوض إلى أن مصر أولت اهتمامًا كبيرًا بحماية بيئتها البحرية ضمن الاستراتيجية الوطنية للمناخ 2050 والاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي 2030، وفي إطار التزاماتها الدولية تجاه اتفاقية برشلونة وبروتوكولاتها. وكشفت عن أن الدولة تعمل حاليًا على إعداد أول استراتيجية وطنية متكاملة للاقتصاد الأزرق بالتعاون مع البنك الدولي وعدد من الشركاء الدوليين، لتكون إطارًا شاملًا يحدد سبل الاستخدام المستدام للموارد البحرية، وتطوير سلاسل القيمة في قطاعات المصايد المستدامة والسياحة البيئية والطاقة المتجددة البحرية والنقل منخفض الكربون، وتحفيز الاستثمار في الحلول القائمة على الطبيعة والتكنولوجيا الزرقاء.
وأوضحت الوزيرة أن مصر تنظر إلى الاقتصاد الأزرق كنموذج اقتصادي جديد قادر على تحقيق النمو وخلق فرص عمل لائقة وتعزيز الأمن الغذائي، إلى جانب حماية التنوع البيولوجي البحري. وأعربت عن تطلعها لأن تسفر أيام المؤتمر عن مجموعة من القرارات المهمة التي سترسم المسار المتوسطي خلال العقد القادم، وفى مقدمتها اعتماد استراتيجية البحر المتوسط للتنمية المستدامة 2026–2035، والإطار الإقليمي للتكيف مع تغير المناخ، وخطة العمل المتوسطية المحدثة للرصد البيئي، بالإضافة إلى "إعلان القاهرة" الذي تقوده مصر ليشكل وثيقة جامعة للتسريع نحو اقتصاد أزرق مستدام وشامل.
من جانبه، أعرب السيد ميتيا بريسيلي عن تقديره لمصر لاستضافتها المؤتمر، مشيرًا إلى أن اتفاقية برشلونة استطاعت على مدار أكثر من نصف قرن أن تؤسس منصة فعالة للتعاون بين دول المتوسط من ثلاث قارات، وأن المؤتمر الحالي يمثل فرصة لتعميق هذا التعاون لتحقيق مستقبل أفضل للبحر المتوسط الذي يواجه تحديات بيئية كبيرة. وأشاد بريسيلي بحسن تنظيم مصر للمؤتمر، مؤكدًا أن الحفاظ على النظم الإيكولوجية البحرية ضرورة لضمان حياة أفضل للأجيال القادمة.
كما أكدت السيدة تاتيانا هيما، منسقة برنامج الأمم المتحدة للبيئة وخطة عمل البحر المتوسط، أن الإقليم يعاني من تدهور كبير في النظم البيئية البحرية والتنوع البيولوجي، مما يستلزم حلولًا عاجلة وقرارات جريئة تضمن الانتقال إلى اقتصاد متوسطي مستدام، مشيدة بتكاتف الدول الأطراف وقدرتها على تحقيق إنجازات مهمة خلال العقود الماضية. وأشادت بدور مصر في تعزيز التعاون الإقليمي، وقدمت التهنئة على افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يعكس عراقة الحضارة المصرية.
كما أشار السيد ألبيرتو باتشيكو كابيلا، رئيس وحدة البحار الإقليمية بالأمم المتحدة، إلى أن المؤتمر ينعقد في لحظة حاسمة تتطلب البناء على ما تحقق من خلال الربط بين العلم والسياسات العامة، مؤكدًا أن تعزيز التمويل الأخضر والشراكات الدولية يمثل مفتاحًا لدعم الدول الأعضاء في التكيف مع التحديات البيئية المتزايدة.
وخلال الافتتاح، تم عرض فيلم وثائقي يستعرض أهمية البحر المتوسط وضرورة حماية نظمِه البيئية، إلى جانب الجهود الجارية في دول الإقليم لتقليل التلوث وتعزيز الاستدامة. ويأتي هذا المؤتمر كفرصة مهمة لمصر لتعزيز دورها القيادي على الساحة البيئية الدولية، وإبراز التزامها بحماية الموارد البحرية وقيادة التحول نحو اقتصاد أزرق مستدام يعزز التنمية ويوفر مستقبلًا أفضل لسكان البحر المتوسط.


.jpg)

.png)














.jpg)


.jpg)
.jpg)
