النهار
الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 02:39 صـ 20 جمادى أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الشموع الليبي يدخل في مفاوضات مع الأهلي لضم حسين الشحات مبادرة ”يوم بلا شاشات” في ندوة بمكتبة الإسكندرية إصابة 12 عاملًا في انهيار سقف مصنع قيد الإنشاء بالمحلة الكبرى وزير التعليم العالي يعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جديدة بجامعة الزقازيق قرار جمهوري بتعيين الدكتور عادل محمد محمود عميدًا لكلية الزراعة بجامعة أسيوط وزير البترول يصدر توجيهات عاجلة لضمان حقوق عمال المقاولين وتطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع ”تم إبلاغي بالطلاق على ستورى بعد 14 سنة زواج بدون ورقه أو إخطار مأذون” آن رفاعي تفجر مفاجأة بأنفصالها عن... المغامر الفرنسي ميكائيل سيركيرا دا سيلفا يبدأ رحلته من جدة إلى الرياض تحت شعار ”لا شيء مستحيل” الهضبة يضفي أجواء من البهجة بالعرض الخاص لفيلم السلم والثعبان ”لعب عيال ” نقيب موسيقيين المنيا يكشف اللحظات الأخيرة من حياة المطرب الراحل إسماعيل الليثي «تهتك في الرئة وكسر في الجمجمة».. تفاصيل التقرير الطبي للراحل إسماعيل الليثي السفير علي المالكي : نقدر جهود مصر وقطر في وقف نزيف الدم في غزة …ونتطلع لمواكبة التكنولوجيا الحديثة للنهوض بقطاع النقل العربي

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: مهزلة الانتخابات البرلمانية.. شعب يقظ وحكومة نائمة

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

ما بين شعب يقظ وحكومة نائمة لا تستوعب رد فعل الشعب.
نعيش أيامًا عجيبة؛ فما حدث من سقطة أحد النواب الجدد من المعينين فى مجلس الشيوخ عندما قال إن الكوماندوز الجزائرى حمى مصر بعد النكسة فى ميدان التحرير وشارع عماد الدين، كشف عن يقظة الشعب؛ فكانت الهبّة والوقفة من أبناء الشعب المصرى أمام هذه السقطة، لأن هذه الواقعة لم تحدث على الإطلاق.

وهذا الحدث مع أحداث أخرى فى نفس الفترة أعطى مؤشرًا مهمًا وخطيرًا على أن المصريين ما زالوا متمسكين مثل أجدادهم الفراعنة بالأرض والحدود وعدم النيل من كرامة الدولة المصرية، وهذا كان واضحًا وجليًا وتناقلته وسائل الإعلام العالمية قبل المحلية فى افتتاح المتحف المصرى الكبير، ووجدنا الشعب يفتخر بتاريخ أجداده الفراعنة فى مشهد شهد به الأعداء قبل الأصدقاء وأصبح حديث العالم.

كما هبّ الشعب المصرى مرة أخرى، بعدما سخرت ابنة فرج فودة من أحد المصريين العظماء الذى كان يرتدى جلبابًا ومعه زوجته قادمين من محافظة قنا بصعيد مصر ليشاهدا الآثار المصرية بالمتحف، فكان تعليقها الساخر: من سمح لهذا المصرى بالدخول بالجلباب؟ وطالبت بمنع من يرتدى الجلباب من دخول المتحف، بينما هذا الرجل هو أكثر تعبيرًا عن ثقافة شعب لم تره ولم تسمع عنه ابنة الدكتور فودة من قبل، فالجلباب والطربوش كانا فى وقت من الأوقات زى المصريين الذين فجّروا الثورات ضد الاحتلال الإنجليزى.

وقد رأينا الهبة من المصريين التى أجبرتها على حذف البوست بعدما أدركت أنها لا تعرف تاريخ هذا الوطن.
وقد حظيت كل هذه الأحداث باهتمام غير عادى تابعته فى الصحافة العالمية، فى مقابل أننى لم أجد خبرًا بارزًا عن الانتخابات البرلمانية المصرية!
وهذا ما يؤكد رأيى الذى قلته فى البداية بأن هذا الشعب فى قمة اليقظة فى مقابل حكومة فى قمة النوم.

واستعجبت وتعجبت عندما قام رئيس الوزراء مصطفى مدبولى بمطالبة المصريين بالخروج للإدلاء بأصواتهم فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية فى 14 محافظة.
وكانت المفاجأة والزلزال السياسى أن قامت المرشحة الانتخابية والزميلة الصحفية (نشوى الديب) وبعد بدء الانتخابات بدقائق قليلة وفى الساعة الـ10 صباحًا بتوقيت إمبابة بإعلان انسحابها من الانتخابات نتيجة التدخل الفاضح من الحكومة لتزوير إرادة الجماهير.
وقد حذرنا مرات عديدة من أن الإصلاح السياسى الذى نادى به رئيس الجمهورية لا يسير فى الاتجاه الصحيح، بل يمضى فى الاتجاه المعاكس، فهل تواجَه امرأة تدخل انتخابات مجلس النواب مستقلة بهذه الحملة الشعواء وعدم دخول مندوبيها للجان الانتخابية؟ وكأن الانتخابات تجرى فى بلد آخر.
هناك فرق بين الإصلاح السياسى وترك مساحات من حرية التعبير للجماهير، والانغلاق السياسى الذى تمارسه الحكومة باستخدام أدواتها من التزوير والتعبئة لصالح ما يسمى بحزب مستقبل وطن على حساب سمعة هذا الوطن.
ومن المفارقات الغريبة أن يأتى هذا وسط زلزال سياسى حدث فى نيويورك، بعدما تحدى زهران ممدانى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وفاز وهو شاب لا يتجاوز عمره 34 عامًا، وأصبح الآن عمدة نيويورك. وزهران مسلم وُلد فى أوغندا وعاش فى أمريكا وتزوج من امرأة سورية مسلمة.
ولأن هناك مساحة من الحريات والرأى والرأى الآخر استطاع ممدانى أن يصل إلى قلوب الشباب، بل إنه تحدى المنظومة السياسية الأمريكية كلها، وقال إنه إذا جاء نتنياهو إلى نيويورك سيقوم بالقبض عليه وتسليمه للعدالة الدولية، ولعب على وتر معيشة المواطنين ومعاناتهم موضحًا أنه يمثل العدالة الوظيفية لأبناء نيويورك قبلة المال والاقتصاد ومركز اللوبى اليهودى وموطن الرئيس ترامب نفسه، ورغم هذا اكتسح هذا الشاب المسلم انتخابات مدينة نيويورك أكبر عاصمة اقتصادية فى العالم، ولم يتم تزوير الانتخابات أو استخدام المال السياسى فى تغيير إرادتهم واختياراتهم ولم يتم استخدام البلطجة أو الكراتين التى يمارسها، للأسف الشديد، حزب مستقبل وطن، الوجه الآخر للحزب الوطنى المنحل.
وهذا فى حد ذاته يعطى رسالة قوية حذرنا منها من قبل أن هناك خوفًا شعبيًا من تكرار سيناريو 2010، وهذا ما نتمنى ألا يتحقق.
والنقطة التى لا أجد لها إجابة: لماذا يتم منع مندوبى مرشحة من دخول المقرات الانتخابية لمتابعة سير العملية الانتخابية؟
هذه إدانة واضحة واتهام صريح للحكومة التى فشلت فشلًا ذريعًا فى أن تكون محايدة وعلى مسافة واحدة من كل المرشحين، وأنها تدعم فريقًا أو اتجاهًا أو حزبًا لا وجود له فى الشارع السياسى فى مصر، وإذا تم عمل استبيان عليه سيفشل فى الحصول حتى على الأقلية.
المشكلة الأخطر أنهم لم يكتفوا بما يسمى ببدعة القائمة الوطنية الموحدة التى لم يحدث مثلها فى أى انتخابات من قبل سواء قبل الثورة أو بعدها، بل يحاولون الاستيلاء على المقاعد الفردية أيضًا، لتكون النتيجة الفوز بأغلبية ساحقة لا تحدث حتى فى برلمان (الواق واق).
هذه لطمة وردة عن الديمقراطية، ففى الوقت الذى يحترمنا فيه العالم بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير، وبعد فوز خالد العنانى بمنصب مدير منظمة اليونسكو، نجد على الضفة الأخرى حكومة تحاول وتتفنن فى تهييج وتعبئة الرأى العام المصرى ضدها، وتفشل فى ملف الإصلاح السياسى كما فشلت فى ملف الإصلاح الاقتصادى، هذه حكومة لا تعرف قدر مصر وشعبها، وتتعامل معه بنوع من الاستعلاء وعدم المسئولية.
وحقيقة ما كنت أنتوى أن أتحدث عن هذه الانتخابات بعد أن تم استبعادنا منها، ولكن كان عزاؤنا الوحيد هو الطوفان الشعبى الذى رفض الموقف وهذا يكفينا، فالحصانات لا تبنى الأوطان، ولكنها تبنى ذممًا خربة تأكل وتتربح وتتوحش على حساب هذا الشعب العظيم.
هل يُعقل ونحن فى الألفية الجديدة أن يمثل المنوفية ودائرة منوف مرشح حاصل على دبلوم زراعة فى بلد يعج بالباحثين وأساتذة الجامعات والمؤهلات العليا فى كل التخصصات ؟!
مع احترامنا الشديد لحملة المؤهلات المتوسطة، فهم أهلنا وإخوتنا، ولكننا نتحدث عن تشريع قوانين لبلد بحجم مصر، فهل مثل هذا الشخص قادر على التشريع والرقابة؟ ولكل مقام مقال، ونتحدث أيضًا عن مبالغ ضخمة سمعنا عنها لشراء المقاعد، فمن أين لك هذا يا هذا؟ أتحدى أن يقوم بتقديم إقرار ذمة مالية.
وهل يُعقل أن يتم اتهام أشقاء أحد المرشحين وأبناء من عائلته بالاتجار فى المخدرات ويتم ترشيحه؟
أفيقوا يرحمكم الله.
فإذا أردنا دولة قانون فعلينا أن نعتمد على الأكفاء والمستقلين، أما إذا أردنا برلمانًا ضعيفًا كسابقه فلنأت بفاشلين جاءوا من المجهول السياسى ويمتلكون أموالًا لا نعرف مصدرها.
وهل يُعقل أن يكون أمين هذا الحزب غير مؤهل سياسيًّا بحسب تاريخه ومهنته فى المعسل؟!
هل يمكن بناء دولة قوية بدون برلمان قوى وشخصيات وطنية؟

وكما قال الأديب الألمانى جوته (من يجهل مصر يجهل فجر الإنسانية).
أو كما قال ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق (إن مصر هى جوهرة الشرق ومفتاح إفريقيا وجسر العالم القديم إلى الجديد).
فلماذا يا حكومة نهين مصر وشعبها من خلال انتخابات برلمانية عبثية مشكوك فى مصداقيتها ونزاهتها قبل إعلان النتائج؟ كان الأولى أن تقوموا بتعيين الأعضاء بدلًا من أن تشغلوا الناس بمهزلة برلمانية، كنا فى غنى عن هذا إذا كانت هناك مساحة أو طاقة من الحرية والديمقراطية أو فتح شبابيك ونوافذ تُدخل أكسجينًا جديدًا للحياة البرلمانية والسياسية واختيار نواب من الشعب يدافعون عن الوطن فى المحافل البرلمانية والدولية ويكونون صوت الشعب تحت قبة البرلمان وليسوا موالين للحكومة التى جاءت بهم.
ارحموا من فى الأرض
يرحمكم من فى السماء.