زيادة أسعار الوقود تضع الاقتصاد والمواطن في اختبار جديد

في خطوة جديدة ضمن مسار الإصلاح الاقتصادي، أعلنت الحكومة المصرية رفع أسعار الوقود بجميع أنواعه، في ثاني زيادة خلال هذا العام، ضمن برنامجها لمراجعة أسعار الطاقة كل ثلاثة أشهر وبحسب القرار، ارتفع سعر بنزين 95 إلى 21 جنيهًا للتر بدلًا من 19 جنيهًا وبنزين 92 إلى 19.25 جنيهًا بدلًا من 17.25 جنيهًا، بينما ارتفع بنزين 80 إلى 17.75 جنيهًا، كما تم رفع سعر لتر السولار إلى 17.50 جنيهًا بعد أن كان 15.50 جنيهًا وتعد هذه الزيادة الثانية خلال عام 2025، بعد زيادة مماثلة في أبريل الماضي تراوحت بين 14% و15%، وأكدت لجنة التسعير التلقائي أن الأسعار الجديدة سيتم تثبيتها لمدة عام كامل، ما لم تشهد الأسواق العالمية تغيرات حادة.
رفع أسعار الوقود
وفي التقرير التالي، يستعرض لكم «موقع النهار»، خلفيات القرار والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية له، بالإضافة إلى ردود الفعل الرسمية والشعبية على هذا القرار من جانب الخبراء الاقتصاديين و المواطنيين.
خلفيات القرار
تؤكد الحكومة أن الزيادة تأتي في إطار الإصلاح المالي والاقتصادي، الذي يستهدف ترشيد دعم الطاقة وتوجيه الموارد نحو قطاعات أكثر احتياجًا مثل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية.
كما أشارت وزارة البترول، إلى أن أسعار الوقود المحلية أصبحت تتأثر مباشرة بتغيرات أسعار النفط العالمية وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار وهو ما يجعل مراجعة الأسعار أمرًا ضروريًا لتحقيق التوازن بين التكلفة وسعر البيع المحلي.
ويرى خبراء أن هذه الخطوة تأتي أيضًا لتقليل الضغط على الموازنة العامة التي تتحمل مليارات الجنيهات سنويًا نتيجة دعم الوقود.
التأثيرات الاقتصادية
لكن في الحقيقة، ينعكس رفع أسعار الوقود بشكل مباشرعلى تكاليف النقل والشحن، مما يؤدي إلى زيادة في أسعار السلع الأساسية والخدمات ويتوقع اقتصاديون أن يضيف القرار ما بين 0.8% إلى 1% إلى معدلات التضخم الشهرية، خاصة في قطاعات الأغذية والنقل والمواصلات العامة، كما يُتوقع أن ترتفع تكلفة تشغيل المصانع والشركات، خصوصًا تلك التي تعتمد على النقل البري، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في أسعار المنتجات المحلية.
التأثيرات الاجتماعية
بالنسبة للمواطنين، يشعر كثيرون بأن الزيادة الجديدة تمثل عبئًا إضافيًا على ميزانياتهم اليومية، خاصة في ظل الزيادات السابقة في الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، حيث تأثر محدودو الدخل وذوو المهن اليومية سيكون الأشد، إذ ترتفع أجور النقل والمواصلات العامة وتزداد أسعار السلع الغذائية بسبب ارتفاع تكلفة نقلها ورغم تأكيد الحكومة على استمرار برامج الدعم النقدي مثل "تكافل وكرامة" وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، يرى مواطنون أن تلك الإجراءات لا تكفي لتعويض الزيادة المباشرة في تكاليف المعيشة.
ردود الفعل الرسمية والشعبية
رحب بعض الخبراء الاقتصاديين بالقرار باعتباره "خطوة ضرورية لتصحيح الأسعار وتشجيع الترشيد"، فيما أبدى آخرون تخوفهم من تداعياته على الفئات المتوسطة والفقيرة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، سادت حالة من الجدل بين مؤيدين يرون أن الإصلاح مطلوب لمواجهة عجز الموازنة ومعارضين يعتبرون أن المواطن هو من يدفع ثمن الإصلاح.
يرى مراقبون أن نجاح الحكومة في إدارة آثار القرار يعتمد على مدى قدرتها على ضبط الأسواق ومنع التجار من استغلال الزيادة في الوقود لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، كما أن تعزيز برامج الدعم المباشر للفئات المتضررة سيكون العامل الحاسم في امتصاص الصدمة الاقتصادية الناتجة عن الرفع وفي المقابل، تشير التوقعات إلى أن استمرار إصلاح منظومة الطاقة سيسهم على المدى الطويل في تحقيق توازن اقتصادي وتقليل عجز الموازنة، لكنه يتطلب نهجًا متدرجًا ومراعاة للأبعاد الاجتماعية.