ترامب يحقق حلمه القديم: قاعة رقص فاخرة في قلب البيت الأبيض

بدأت في العاصمة الأميركية واشنطن، صباح الإثنين، أعمال هدم أجزاء من الجناح الشرقي للبيت الأبيض، تمهيدًا لبناء قاعة رقص فاخرة كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وعد بها منذ أكثر من عقد ونصف، في خطوة تُعد من أكثر مشاريع التجديد طموحًا وإثارة للجدل في تاريخ المقر الرئاسي.
وأكدت إدارة البيت الأبيض أن المشروع يُموَّل بالكامل من الرئيس ترامب ومجموعة من المتبرعين من القطاع الخاص، في إطار رؤية لتحديث مرافق البيت الأبيض "دون تحميل دافعي الضرائب أي أعباء مالية"، على حد تعبيرها.
وأظهرت صور حديثة نُشرت عبر الموقع الرسمي للبيت الأبيض معدات بناء وجرافات تعمل في الساحة الشرقية، وهي المنطقة التي كانت تُعرف بأنها مكاتب للسيدات الأوائل على مدى عقود. ووفق تصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، فإن القاعة الجديدة ستُقام على هذا الموقع تحديدًا، لتكون "رمزًا جديدًا للحيوية والضيافة الرئاسية الأميركية".
مشروع مؤجل منذ 150 عامًا
قال ترامب في منشور عبر منصته الاجتماعية الخاصة: "يسرّني أن أعلن بدء العمل في بناء قاعة الرقص الجديدة والكبيرة والجميلة في البيت الأبيض... هذا المشروع جزء من عملية تحديث شاملة للجناح الشرقي، الذي سيكون أجمل من أي وقت مضى عند اكتماله."
وخلال فعالية احتفالية بحديقة البيت الأبيض تكريمًا لفريق البيسبول بجامعة ولاية لويزيانا، أضاف ترامب مازحًا:"لقد أرادوا قاعة رقص في هذا المكان منذ أكثر من 150 عامًا، والآن نحن نبنيها أخيرًا. البيت الأبيض يستحق هذا القدر من الفخامة."
وتشير التصاميم الرسمية التي نشرها البيت الأبيض إلى أن القاعة ستتسع لنحو 650 شخصًا، أي ما يزيد بثلاثة أضعاف عن سعة القاعة الكبرى الحالية. وستتزين القاعة بسقف مرتفع مذهب، وثريات كريستالية ضخمة، وأعمدة مزخرفة بالذهب، وأرضيات رخامية فاخرة، في مشهد يذكّر بفن العمارة الكلاسيكية الأوروبية مع لمسات ترامب الفاخرة المعهودة.
رمزية سياسية ومعمارية
يرى مراقبون أن المشروع الجديد يحمل بُعدًا رمزيًا واضحًا، إذ يعكس شخصية ترامب التي تمزج بين البراغماتية السياسية والنزعة الاستعراضية. فقاعة الرقص ليست مجرد مساحة للاحتفالات، بل تعبير عن رغبة الرئيس في ترك بصمة دائمة داخل البيت الأبيض، على غرار ما فعله رؤساء سابقون تركوا آثارهم في تصميم المكتب البيضاوي أو الحدائق الرئاسية.
ويقول أستاذ التاريخ السياسي في جامعة جورجتاون، البروفيسور جوناثان ميلر، إن "قاعة الرقص الجديدة ليست مشروعًا معماريًا بحتًا، بل هي انعكاس لطريقة ترامب في ممارسة السلطة مزيج من الفخامة، الرمزية، والرغبة في فرض الحضور الشخصي داخل مؤسسات الدولة".
انتقادات ووجهات نظر متباينة
ورغم الحماس الرسمي للمشروع، لم يخلُ من انتقادات من بعض الأوساط الإعلامية والحقوقية في واشنطن، إذ يرى منتقدون أن بناء قاعة فاخرة في مقر السلطة التنفيذية وسط تحديات اقتصادية تواجه الطبقة الوسطى يرسل رسالة غير مناسبة، في وقت يتحدث فيه ترامب عن التقشف وترشيد الإنفاق العام.
لكن أنصاره يرون العكس، معتبرين أن المشروع يُعيد للبيت الأبيض بريقه التاريخي ويعزز من صورته كمقر احتفالات وطني ورمز ثقافي، خصوصًا في ظل نية الإدارة الأميركية الجديدة توسيع الأنشطة الدبلوماسية والاجتماعية التي تُقام فيه.
إرث ترامب في العمارة الرئاسية
يأتي بناء قاعة الرقص ضمن سلسلة من التحديثات التي أجراها ترامب على مباني ومرافق البيت الأبيض منذ عودته للرئاسة، منها إضافة أعمدة ضخمة تحمل الأعلام الأميركية في الحديقة الجنوبية، وتحديث حديقة الورود، وإدخال لمسات ذهبية على المكتب البيضاوي، في محاولة واضحة لإضفاء هوية خاصة على الفضاء الرئاسي.
ويرى خبراء في التصميم المعماري أن ترامب يسعى إلى خلق "لغة بصرية جديدة" للبيت الأبيض، تجمع بين القوة والجمال والترف، وهو ما يتماشى مع نهجه في مشاريع سابقة بقطاع العقارات الفاخرة.