النهار
الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 08:08 مـ 14 ربيع آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
محافظ المنوفية يحيل مسؤولين بالزراعة للنيابة لتقاعسهم عن مواجهة التعديات على الأراضي الزراعية عقب خروجها من المدرسة.. مصرع معلمة صدمتها سيارة بعد انتهاء اليوم الدراسي في قنا رئيس جامعة بنها يفتتح برنامج تدريب المقيمين لجائزة التميز الحكومي لكليات الجامعة الأمن يتحرك بعد فيديو التهديد والإشارات الخادشة.. ضبط قائدي تروسيكل بالقليوبية أنهى حياته حزنًا على وفاة خطيبته.. تفاصيل مصرع شاب ألقى بنفسه أسفل عجلات القطار في قنا محافظ كفرالشيخ يتفقد سوق «اليوم الواحد» للسلع الغذائية والاستهلاكية بسيدي سالم ويؤكد استمرار توفير السلع بتخفيضات تصل إلى 30% جامعة أسيوط تحتفل بتخريج الدفعة الأولى من الدبلومة المهنية في تقنيات الإخصاب المساعد بكلية الطب القبض على مزارع بحوزته 533 قطعة أثرية ببني سويف بقصد الإتجار الداخلية تضبط شابًا تعدى على فتاتين بالسب والضرب لاعتراضهما على معاكسته لشقيقتهما بالقاهرة خناقة عصام صاصا في ملهى المعادي.. ليله سخنه انتهت بتحطيم عربيته وتسليمه نفسه للأمن برعاية وزارة السياحة.. اتحاد المستثمرات العرب يشارك بمعرض هيس هوتيل إكسبو 2025 مفتي الجمهورية يؤكد: الإدمان هو البوابة لكل طريق منحرف وهو الأداة التي يتسلح بها أعداء الوطن للإجهاز عليه

عربي ودولي

انقلاب سياسي في بريطانيا: الخضر يتحدّون حكومة سوناك ويصنّفون الجيش الإسرائيلي منظمةً إرهابية

أعضاء حزب الخضر
أعضاء حزب الخضر

في خطوة غير مسبوقة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية البريطانية، صوّت أعضاء حزب الخضر خلال مؤتمرهم السنوي في مدينة بورنموث، لصالح مقترح يقضي بتصنيف الجيش الإسرائيلي كمنظمة إرهابية، ومطالبة الحكومة البريطانية بتقديم اعتذار رسمي للشعب الفلسطيني عن "وعد بلفور" الصادر عام 1917. ويُعدّ هذا القرار من أكثر المواقف الجذرية التي يتبناها حزب بريطاني تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ما يعكس تحوّلًا لافتًا في المزاج السياسي داخل اليسار البريطاني، وتزايد الضغط الشعبي على حكومة لندن لتغيير سياساتها التقليدية المنحازة لتل أبيب.

تفاصيل المقترح:حظر الأسلحة و إجراءات صارمة ضد الجيش الإسرائيلي

ينص المقترح الذي تبنّاه الحزب على اعتبار الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي أو تمجيده جريمة إرهابية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب البريطانية. كما يدعو إلى فرض حظر شامل على بيع الأسلحة لإسرائيل، ووقف تدريب الجنود الإسرائيليين من قبل القوات البريطانية، وإنهاء رحلات طائرات التجسس التابعة لسلاح الجو البريطاني فوق قطاع غزة انطلاقًا من القاعدة العسكرية في قبرص. ويتضمن المقترح أيضًا مطالبة بإرسال قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين، ودعم القضية الدولية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.

زعيم حزب الخضر: الحكومة البريطانية شريكة في قتل الفلسطينيين

وأكد زعيم حزب الخضر، زاك بولانسكي، دعمه الكامل للمقترح، واصفًا تبنيه بأنه "واجب أخلاقي"، وقال في كلمته خلال المؤتمر :"إن الحكومة البريطانية شريك فاعل في قتل الفلسطينيين"، مشددًا على ضرورة وقف بيع السلاح لتل أبيب ووقف تبادل المعلومات الاستخباراتية معها، مضيفًا: "سنفعل كل ما بوسعنا لوقف الإبادة الجماعية". كما هاجم بولانسكي قرار الحكومة بحظر جماعة "فلسطين أكشن" وتصنيفها منظمة إرهابية، معتبرًا أن هذا القرار يقمع أساليب العمل المباشر الداعمة للقضية الفلسطينية. وفي اليوم التالي للتصويت، تصدّر ملف غزة جدول أعمال المؤتمر، حيث شارك زعيم الحزب وعدد من قياداته في مسيرة رمزية انطلقت من مركز المؤتمر إلى الشاطئ للمطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل.

تزامن هذا الموقف الحاد مع نمو لافت في عضوية الحزب، إذ أعلن بولانسكي أن نحو عشرين ألف عضو جديد انضموا منذ انتخابه زعيمًا الشهر الماضي، ما رفع عدد أعضاء الحزب إلى أكثر من أعضاء حزب الديمقراطيين الأحرار. ويرى مراقبون أن هذا التوسع في العضوية يعكس جاذبية الخطاب الأخلاقي والسياسي للحزب في ظل تصاعد الغضب الشعبي من استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وما خلفته من مآسٍ إنسانية مروّعة منذ السابع من أكتوبر 2023.

جدل قانوني وضغط سياسي متصاعد على حكومة سوناك

ويرى محللون أن هذا القرار يمثل نقلة نوعية في الخطاب السياسي داخل بريطانيا، إذ ينتقل من حدود الانتقاد الدبلوماسي لإسرائيل إلى تبنّي توصيفات قانونية شديدة القسوة. ومع ذلك، يؤكد خبراء القانون الدولي أن هذا المقترح يظل ذا طابع رمزي أكثر من كونه إجراءً قابلاً للتنفيذ، لأن تصنيف أي كيان كمنظمة إرهابية في بريطانيا يخضع لقوانين صارمة، أبرزها قانون الإرهاب لعام 2000 (Terrorism Act 2000)، الذي يشترط وجود أدلة ملموسة على ممارسة الإرهاب أو الترويج له. وبما أن الجيش الإسرائيلي هو قوة نظامية تابعة لدولة معترف بها، فإن عملية تصنيفه ككيان إرهابي تُعد شبه مستحيلة من الناحية القانونية والسياسية.

ويشير مراقبون إلى أن القرار رغم رمزيته يمثل ضغطًا سياسيًا متزايدًا على الحكومة البريطانية التي تواجه انتقادات متصاعدة بسبب استمرار تصدير الأسلحة لإسرائيل في ظل اتهاماتها بارتكاب جرائم حرب في غزة. كما يمكن أن يُسهم موقف حزب الخضر في تحريك النقاش داخل البرلمان البريطاني، ويدفع الأحزاب الأخرى إلى مراجعة مواقفها، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي تجاه سياسات رئيس الوزراء ريشي سوناك وحكومته.

الخبراء: تصويت حزب الخضر قد يغيّر معادلة السياسة البريطانية تجاه إسرائيل

قال أستاذ القانون الدولي والأمن في جامعة ريدنغ البريطانية الدكتور ألكسندر غيلدر :"ينص القانون على ضرورة وقف صادرات الأسلحة إذا كان هناك احتمال بأن تُستخدم هذه الأسلحة في ارتكاب أو تسهيل انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني أو لحقوق الإنسان. ولا يتطلب القانون وجود أدلة قاطعة على وقوع هذه الانتهاكات، فمجرد وجود خطر محتمل يكفي لإلزام الحكومة باتخاذ إجراء".

ويضيف محللون أن مثل هذه التصريحات الأكاديمية تضع الحكومة البريطانية في موقف حرج، إذ تعزز المطالب بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل وتكشف التناقض بين الموقف الرسمي والمبادئ القانونية الدولية التي تلتزم بها لندن. كما يمكن أن يُسهم موقف حزب الخضر في تحريك النقاش داخل البرلمان البريطاني، ويدفع الأحزاب الأوروبية الأخري، خصوصاً في فرنسا وإيرلندا وألمانيا إلى مراجعة مواقفها من الحرب علي غزة، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي تجاه سياسات رئيس الوزراء ريشي سوناك وحكومته، تصاعد الأصوات الحقوقية التي تصف ما يجري بأنه "إبادة جماعية" و"تطهير عرقي".

على الصعيد الدولي، قد يؤثر هذا التوجه على العلاقات البريطانية الإسرائيلية إذا ما اكتسب زخمًا سياسيًا واسعًا. فتبنّي الحكومة البريطانية لأي خطوة مماثلة من شأنه أن يخلق توترًا دبلوماسيًا حادًا مع تل أبيب، ويُثير استياء واشنطن التي تُعد الحليف الاستراتيجي الأبرز لإسرائيل.

وفي تعليق تحليلي نشره موقع Bright Green البريطاني المتخصص في شؤون الحركات الخضرية، اعتبر الباحث آدم رامزي أن المؤتمر الأخير لحزب الخضر كشف عن “تحوّل جذري في مزاج الحزب نحو مواقف أكثر حزمًا حيال سياسات إسرائيل”، مشيرًا إلى أن بولانسكي “منح الحزب روحًا جديدة عبر خطاب أخلاقي صريح، كونه أول زعيم بريطاني يصف ما يجري في غزة بأنه إبادة جماعية بشكل علني”. وأضاف رامزي أن هذا الموقف سيعيد رسم العلاقة بين اليسار الأخضر وباقي الطيف السياسي البريطاني، خصوصًا في ظل إحجام حزب العمال عن اتخاذ مواقف حادة مماثلة.

في المجمل، يعكس تصويت حزب الخضر هذا حجم التحول الذي يشهده المشهد السياسي البريطاني إزاء الصراع في الشرق الأوسط. فبينما كانت مواقف الأحزاب التقليدية تكتفي بإدانة “الاستخدام المفرط للقوة”، جاء موقف الخضر ليتبنى خطابًا أخلاقيًا حادًا يصف ما يجري في غزة بأنه “إبادة جماعية” ويدعو إلى محاسبة إسرائيل على مستوى القانون الدولي. لكن تبقى التحديات القانونية والسياسية كبيرة أمام تحويل هذه المواقف إلى سياسات رسمية، في ظل ارتباط بريطانيا الوثيق بالتحالفات الغربية التقليدية وبالعلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل والولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن ما حدث في مؤتمر بورنموث لا يمكن اعتباره مجرد حدث حزبي عابر، بل مؤشر على تغيّر المزاج العام في الشارع البريطاني الذي بات أكثر حساسية تجاه الجرائم المرتكبة في غزة، وأكثر جرأة في مساءلة الإرث الاستعماري البريطاني الممتد منذ وعد بلفور وحتى اليوم. وربما يكون هذا القرار، مهما بدت رمزيته، بداية لتحوّل أعمق في الوعي السياسي الغربي تجاه فلسطين، ومرحلة جديدة من الضغط الشعبي قد تدفع لندن في نهاية المطاف إلى إعادة التفكير في سياساتها الشرق أوسطية.

موضوعات متعلقة