كارثة زراعية تقترب.. نصف مليون مزارع مهددون بسبب تأخر المستحقات

في ظل التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي في البلاد، تتصاعد معاناة مزارعي بنجر السكر بعد تأخر صرف مستحقاتهم المالية للعام الحالي لمدة تجاوزت ثلاثة أشهر متتالية، الأمر الذي ألقى بظلاله الثقيلة على أوضاعهم المعيشية وأثار موجة من الغضب والاستياء في أوساطهم، ويؤكد عدد من المزارعين أن هذا التأخير غير المبرر يهدد استقرارهم الاقتصادي، ويضعهم في مواجهة مباشرة مع أعباء الديون وتكاليف الزراعة المرتفعة، في وقت يعتمدون فيه بشكل رئيسي على هذه المستحقات لتغطية نفقات الموسم الزراعي الحالي والتحضير للموسم المقبل.
نفقات الموسم الزراعي
وفي سياق ذلك، كشف الدكتور أحمد سمير، الخبير الاقتصادي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، في تصريح خاص لـ"النهار"، عن الأسباب الكامنة وراء تأخر صرف مستحقات مزارعي قصب السكر، مشيرًا إلى أن تعثر الإجراءات لدى الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة الزراعة وبعض مصانع السكر، يُعد من أبرز العوامل المؤدية إلى هذا التأخير المتكرر، حيث أن تلك الجهات تواجه تحديات تمويلية قد تكون سببًا مباشرًا في تعطيل الصرف، إلى جانب التعقيدات الإدارية والبيروقراطية التي تزيد من تأزم الوضع.
صرف المستحقات
وأكد "سمير"، أهمية وجود آليات رقابية فعالة لضمان التزام الجهات المختصة بسداد مستحقات المزارعين في الوقت المحدد، مشددًا على أن تفعيل الدور الرقابي أصبح ضرورة ملحة لحماية حقوق المزارعين وضمان استمرارية واستقرار القطاع الزراعي.
أوضح أن استمرار تأخر صرف مستحقات مزارعي قصب السكر يُنذر بعواقب وخيمة، أبرزها عزوف عدد متزايد من المزارعين عن زراعة هذا المحصول الاستراتيجي، الذي يُزرع في خمس محافظات رئيسية، " قنا، أسوان، سوهاج، المنيا، والأقصر، مشيرًا إلى أن تضرر زراعة القصب ينعكس سلبًا على صناعة السكر المحلية، مما قد يؤدي إلى توقف عمل 8 مصانع رئيسية تعتمد على المحصول، وتخدم ما يزيد عن 30 ألف مهندس وعامل وموظف، إلى جانب أكثر من 500 ألف مزارع.
فجوة الاكتفاء الذاتي
وحذّر الخبير الاقتصادي، من أن تفاقم الأزمة قد يرفع فجوة الاكتفاء الذاتي من السكر إلى نحو 50%، مقارنة بـ25% حاليًا، إلى جانب تقلص إنتاج 21 منتجًا مشتقًا من قصب السكر، موضحًا أن الإنتاج المحلي من السكر يبلغ حاليًا نحو 2.4 مليون طن، في حين يتجاوز الاستهلاك 3 ملايين طن، رغم زراعة ما يقرب من 300 ألف فدان.
وأختتم حديثه لـ "النهار"، بأن تأخير صرف المستحقات يشكل ضغطًا ماليًا كبيرًا على المزارعين، خاصة ممن يعتمدون عليها في تمويل أنشطتهم الزراعية، ما يؤثر سلبًا على استمرارية إنتاج محصولي قصب السكر والبنجر وتبرز الحاجة الملحة إلى تحسين إجراءات الصرف وتوفير التمويل اللازم لضمان انتظام المستحقات، إلى جانب تعزيز الرقابة لضمان الشفافية وتفادي أي تعقيدات إدارية تؤدي إلى مزيد من التأخير.