اقتصاد اليمن يعاني من آثار العدوان الإسرائيلي على إيران

تحت وطأة العدوان الإسرائيلي على إيران، والذي استمر 12 يومًا خلال الشهر الجاري، إضافة إلى القصف الأمريكي على المفاعلات النووية الإيرانية، وارتباك حالة التجارة وسلاسل الإمداد في خليجي هرمز وباب المندب، وجد الاقتصاد اليمني المنهك نفسه في قلب عاصفة إقليمية قاسية انهارت معها قيمة العملة المحلية، وارتفعت أسعار الوقود، وتحولت الأسعار والإنهيارات المتسارعة في الخدمات الأساسية خاصة الكهرباء إلى كابوس يومي يؤرق معيشة المواطن.
ويرى اقتصاديون يمنيون أن هذا الصراع، رغم بعد ساحاته عن أراضيهم، إلا أنه خلف وراءه أزمات اقتصادية واجتماعية مباشرة وغير مباشرة تعد الأشد منذ سنوات، تمثلت في؛ انهيار الريال، وانقطاع الكهرباء لعشرين ساعة يوميًا، وتضخم في أسعار السلع الأساسية، وحتى توقف مشاريع التنمية، ومساعي السلام.
ويؤكد الخبراء أن اليمن الذي يعتمد على الأسواق الدولية لتلبية 94% إلى 95% من احتياجاته الأساسية من الغذاء والوقود والدواء، عرضة بشكل كبير لأي اضطرابات في سلاسل الإمداد البحرية، مما يجعله يدفع ثمنًا باهظًا لأي صراعات دولة أو إقليمية تؤثر على الممرات المائية الحيوية وموانئه التي يعتمد عليها في استيراد كافة احتياجاته من ناحية، وتلقي الدعم والمساعدات الدولية من ناحية أخرى.
ارتفاع جنوني في أسعار النفط وتكاليف الإنتاج
وفي نظرة على جذور أزمة الاقتصاد اليمني، يشير الخبير الاقتصادي اليمني، الأستاذ الدكتور علي السقاف، إلى أن التحالفات الإقليمية "غير المباشرة" غذت الأزمة اليمنية منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014، عبر دعم عسكري ولوجستي إيراني بالغ السخاء، ما حول الحوثيين إلى "وكلاء نفوذ" في المنطقة، حيث تصاعد هذا الدعم مع التصعيد الإسرائيلي– الإيراني، وشنت جماعة "الحوثيين" هجمات متتالية على سفن في البحر الأحمر، وهو ما أثر بدوره بشكل مباشر على استقرار البلاد السياسي والاقتصادي.
وأكد "السقاف"، في تصريحاته لـ "النهار"، أن الصراع الإيراني - الإسرائيلي في مراحله المختلفة أثر بشكل جلي على أسعار النفط العالمية، وبما أن اليمن دولة مستوردة للنفط، فقد شهدت أسعار النفط والمشتقات النفطية ارتفاعًا غير مسبوق في عام 2025 مقارنة بعام 2015.
وتابع: "لم يقتصر الأثر على النفط، فقد ارتفعت تكاليف النقل والإنتاج المحلي في الزراعة والصناعة هي الأخرى نتيجة لارتفاع أسعار وقود التشغيل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع للمنتجات الزراعية والصناعية بنسب فاقت 500%".
الكهرباء تنقطع 20 ساعة يوميًا وجهود السلام تتوقف
وأضاف الخبير الاقتصادي اليمني، أن نتيجة للصراع تفاقمت أزمة الكهرباء في ما يسمى بـ "المناطق المحررة" التابعة لسلطة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، حيث تصل انقطاعات الكهرباء إلى 20 ساعة يوميًا.
وفيما يخص تأثير تطور الصراع إلى حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل والتي استمرت 12 يومًا، يرى الأستاذ الدكتور على السقاف أن هذا التطور أثر بشكر كبير على جهود السلام والتنمية المستدامة في اليمن، حيث توقفت مبادرات السلام وإنهاء حالة الحرب، كما تعثرت كل مشاريع البناء والتنمية في كل مناطق اليمن، وتوقف الدعم من المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
تراجع المساعدات النفطية وتدهور العملة
من جانبه، أكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي "اليمني"، مصطفى نصر، أن الصراع الإسرائيلي الإيراني أثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد اليمني، وتمثل التأثير المباشر في تراجع كميات النفط والغاز التي كانت تأتي كمساعدات غير رسمية من إيران للحوثيين.
وأضاف "نصر" في تصريحاته لـ "النهار"، توقفت العديد من هذه الشحنات، حتى قبل الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، حيث أثرت الحرب الأمريكية على الحوثيين بشكل واضح على وصول كميات النفط والمشتقات النفطية القادمة من إيران عبر موانئ وطرق متعددة.
وتابع: "أما التأثير غير المباشر، فيتمثل في التداعيات التي خلقتها هذه الحرب على سلاسل الإمداد، فيما يتعلق بارتفاع كلفة التأمين والعديد من التكاليف الإضافية التي فرضت على السلع، وحالة عدم اليقين والتضخم التي شهدتها المنطقة".
ورأى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي "اليمني"، أن كل هذه العوامل أدت إلى المزيد من التدهور، ومن علاماتها تدهور العملة في مناطق الحكومة الشرعية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار 2730 ريالًا يمنيًا، وهو أدنى مستوى في تاريخ البلاد، ومن أهم أسباب ذلك تقلص الواردات غير الرسمية للمشتقات النفطية إلى مناطق سيطرة الحوثيين من قبل إيران أو الشبكات التي تعمل في إطارها، حيث دفع هذا الأمر الكثير من المستوردين في مجالات مختلفة إلى الضغط للحصول على عملة صعبة للاستيراد، مما أدى إلى ضغوط على الريال اليمني وتراجعه.