النهار
الأحد 20 يوليو 2025 11:12 مـ 24 محرّم 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

المحافظات

الزلزال المتكررة.. هل تحمل مشهد اندثار أجزاء من الإسكندرية للمرة الثالثة

مشهد متكرر في الأيام الأخيرة الهزات الارضية بعد الثانية صباحا حيث وقوع زلزال قوي بلغت قوته 6.2 درجة على مقياس ريختر. وضرب الزلزال المنطقة الحدودية الواقعة بين جزر دوديكانيز اليونانية وتركيا،وحدثت هزة أرضية شعر بها مواطني الإسكندرية

فهل تتعرض أجزاء من الإسكندرية للاندثار للمرة الثالثة ، فقد عانت المدينة كثيراً طوال تاريخها من الزالزل والاعاصير، ولكن ستظل مدينة الإسكندرية فى ذاكرة وكتابات الرحالة بدا الاغريق والرومان وحتي العرب ،فريدة في آثارها الغارقة بالميناء الشرقي، خاصة عثور الباحثون عن آثار الإسكندرية القديمة وأبو قير تحت الماء على أطلال غارقة عمرها 2500 سنة لمدن فرعونية ،ثم أطلق عليه ميناء البطالمة والمقر الملكي الساحلي في العصر البطلمي، لتمثل الاسكندرية بانوراما حضارية جعلت منها مدينة متحفية تاريخية وأثرية ولغزاً مدفون في أعماق البحر.

يقول المؤرخ الدكتور محمد عبد السلام استاذ التاريخ بكلية الاداب جامعة الإسكندرية ،أنه يوجد مدينتان الإسكندرية كما ذكر المؤرخون الإغريق والرومان والعرب من خلال القصص والمعلومات وتصنف المدينتان بأنهما من المدن المتحفية التي كانت تضم آثار الغابرين الذين عمروا بها، غير أن هذه الآثار لم تصمد في وجه الزمن، فأبو قير القديمة طمرت وغاصت تحت مياه خليج أبو قير، والإسكندرية بقصورها الملكية ومعابدها مالت لتغوص تحت مياه الميناء الشرقي ما بين قلعة قايتباي ولسان السلسلة في آواخر القرن الثامن، والغريب أنّها مالت في اتجاه واحد وكأن المدينتين كانتا مائلتين فوق جرف أرضي إنهار بهما فجأة، فاختفت المدينتان منذ ألف عام، ويعتقد بأن سبب غرقهما هو الزلازل أو الفيضانات في العصر الإسلامي، إذ وجدت فرق التنقيب تحت المياه عملات وآثار إسلامية وكذلك أعمدة وبقايا معابد فرعونية وإغريقية ورومانية، وفي أبو قير تم العثور علي مخلفات أسطول نابليون الذي أغرقه الأسطول الإنجليزي وهو قابع في الخليج عام 1798. فعندما نتطلع إلي الميناء الشرقي أمام تمثال الجندي المجهول حالياً بالمنشية نجد أن تحت المياه ترقد أطلال مدينة الإسكندرية التاريخية.

-وقد تعرض الاسكندرية في المرة الأولي عام 365 ميلادية، لتسونامي مدمر نتيجة زلزال قوته ب 8 درجات على مقياس ريختر، في دمار واسع في جزيرة كريت، ووصلت موجات التسونامي الناتجة إلى الإسكندرية ودلتا النيل، مما أدى إلى مقتل الآلاف.

وفي المرة الثانية، فى سنة 702هـ – 1303م، فى عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون وقعت كارثة فى مصر، فى فجر يوم 24 ذى الحجة 702هـ/ 8 أغسطس 1303م، وقع زلزال كبير أفزع المصريين الذين كانوا نياما، ما كان سببا فى هلاك العديد من البشر الذين لم يتمكنوا من الهرب وقضوا تحت الأنقاض.
أطلق المؤرخون على هذا الزلزال (الزلزلة العظمى) كما صاحب وقوع الزلزال هبوب رياح شديدة الحرارة أطلقت عليها المصادر المعاصرة "سموم تلفح فتشوى الوجوه حين تنفح"، وكان الوقت صيفا فى شهر أغسطس.
وهذه الهزة الأرضية ظلت مستمرة قرابة بضع ساعات،ولم يقتصر الزلزال على مصر والشام بل تعدى حتى وصل قبرص، أما الإسكندرية فكانت من أكثر المدن تضررا به، حيث ذهب تحت الردم بها خلق كثير وطلع البحر إلى نصف المدينة وأخذ الجمال والرجال وغرقت المراكب.


ومن حديث المؤرخين أن الزلزال تسببت فى حدوث تسونامى على شواطئ الإسكندرية وحتى وصل الموج إلى باب البحر وصعد بالمراكب إلى البر، وهو ما دفع سكان الإسكندرية للخروج من باب السدرة هاربين، ولما سكنت حركة الزالزل عادوا إلى مساكنهم.


ولكن الزلزال تسببت في هدم أكثر الأبراج والأسوار بالمدينة، وسقط جانبا كبيرا من منارة الإسكندرية ، كما سقطت أجزاء كبيرة من السور الشمالى للإسكندرية، كما تفطرت صهاريج المياه التى تغذى مدينة الإسكندرية بالمياه العذبة، وتسبب فى عرقلة التجارة وأتلفت أموالا وبضائع عظيمة للتجار، غمرت المياه الميناءَ العظيم الذي ضمّ مكتبة الإسكندرية الأسطورية، مما أدى إلى غمر أجزاء كبيرة من المدينة.

أسس الإسكندر الأكبر المدينة التى تحمل اسمه على ساحل البحر المتوسط فى 7 أبريل 331 ق.م، على أطلال مدينة مصرية قديمة كانت تسمى رع قدت أو راقودة، وبعد وفاة الإسكندر فى بابل عام 323 ق.م تصارع قادة جيشه فيما بينهم من أجل السيطرة على أجزاء إمبراطورتيه الكبيرة.

وكانت مصر من نصيب القائد بطلميوس الأول سوتير "305-285 ق.م" والذى أسس دولة تحمل اسمه عرفت باسم دولة البطالمة "332-30 ق.م"، وأصبحت الاسكندرية عاصمة لحكم البطالمة وباتت أهم وأكبر مدينة فى شرقى البحر المتوسط حتى نهوض القسطنطينية بالقرن الخامس الميلادى.

من أهم المعالم الأثرية التى يمكن رؤيتها فى الإسكندرية اليوم هو عمود دقلديانوس الضخم أو عمود السوارى "أواخر عام 290 م"، والذى يعرف خطأ باسم عمود بومبى، حيث يقع مباشرة بجوار موقع السيرابيوم وهو المعبد الرئيسى للمعبود سارابيس الرب القومى لمصر القديمة خلال هذه الفترة، وقد تم تدمير هذا المعبد عندما حظر الإمبراطور البيزنطى ثيودوسيوس الوثنية فى عام 391 م.
لم تنج العديد من المعالم الأثرية للإسكندرية من الهلاك مثل فنار الاسكندرية العظيم ومكتبة الإسكندرية ومقبر الإسكندر الأكبر.

من أكثر آثار الاسكندرية الباقية هى الجبانات، ومن أكثرها أهمية وأبداعاً هى جبانة او كتاكومب كوم الشقافة من العصر الرومانى بالقرب من السيرابيوم، ويحتوى الكتاكومب على سراديب الموتى على الطراز اليونانى والدفنات الثلاثية ومزار ومنطقة مأدبة كان يتم استخدامها خلال الجنازات، تجمع المناظر والنقوش ما بين المعتقدات والتقاليد الفنية المصرية واليونانية القديمة.

ومن أجمل المواقع الاثرية الغير جنائزية الباقية منطقة كوم الدكة، والتى ترجع آثارها لأواخر العصر الرومانى وحتى العصر البيزنطى والتى تتضمن المسرح الرومانى وحمام وقاعة محاضرات ومنازل للصفوة التي تميزت بزخارف الفسيفساء .