النهار
الأحد 14 ديسمبر 2025 01:00 صـ 22 جمادى آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
أبعاد الدور الأمريكي في أزمة السودان.. سيناريوهات متوقعة رئيس الأركان يعود إلى مصر بعد انتهاء زيارته لإيطاليا بحث خلالها التعاون العسكري فاروق فلوكس: حاربت مع الفدائيين.. وجلست على مائدة الملك فاروق بروتوكول تعاون بين ”وزير الاتصالات والنائب العام ” لتحديث منظومة التحول الرقمى بالنيابة العامة مجهول يشعل النيران في مخزن لتجميع الخردة بقرية الرملة بكفر الشيخ وفاة طفل وإصابة اثنين بتسمم غذائي بعد تناول وجبة سمك فاسد بالمحلة الكبرى القصة الكاملة لهجوم العشاء الأخير بغزة.. صحيفة «يديعوت أحرونوت» تكشف التفاصيل الأحد.. صندوق التنمية الثقافية يطلق أمسية «بين القاهرة وفلسطين» ببيت الشعر العربي بيت السحيمي يناقش دور الحرف اليدوية في الحياة المعاصرة قبة الغوري تناقش ”أولاد الناس” في ندوة عن ثلاثيات ريم بسيوني والعمارة فلامنجو يهزم بيراميدز ويتأهل لنهائي كأس القارات للأندية بمشاركة ست دولٍ عربية وآسيوية وأفريقية.. أكاديمية الأزهر تختتم برنامج “إعداد الداعية المعاصر”

عربي ودولي

أبعاد الدور الأمريكي في أزمة السودان.. سيناريوهات متوقعة

ترامب
ترامب

كشفت الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة في الشئون الأفريقية، شروط التأثير الأمريكي، موضحة أن البيئة الإقليمية أصبحت أكثر تعقيداً، فقد كشفت الأزمة السودانية حدود قدرة الولايات المتحدة على استيعاب ديناميات البحر الأحمر، الذي يشهد في السنوات الأخيرة تنافساً عسكرياً واقتصادياً متصاعداً، فالسودان يشكل نقطة ارتكاز في المعادلة البحرية الممتدة من قناة السويس إلى باب المندب، ويمكن لأي اضطراب فيه أن يؤثر على مسارات التجارة العالمية.

وقالت «الطويل» في تحليل لها، إن هذه الحقيقة تمثل أحد الأسباب التي تجعل من السودان ملفاً استراتيجياً للولايات المتحدة، التي طرحته مع الفريق عبد الفتاح البرهان منذ اللقاءات المبكرة للفريق البرهان مع مسعد بولس في سويسرا، وربما الموقف السلبي من الجانب السوداني إزاء مقاربة مسعد بولس الأخيرة وطبيعة ردود الفعل عليها تكشف أن فاعلية الدور الأمريكي تتطلب إعادة بناء مقاربة شاملة باتجاه الأزمة السودانية، بحيث تتجاوز الأدوات التقليدية للضغط التي لم تعد مناسبة للسياق الراهن.

وأضافت الدكتورة أماني الطويل، أنه يبدو واضحاً أن أي مقاربة جديدة يجب أن تستند إلى إعادة هندسة البيئة الإقليمية المحيطة بالصراع، خصوصاً عبر وضع ترتيبات صارمة لوقف تدفق السلاح، فاستمرار الدعم العسكري لبعض الأطراف، سواء كان مباشراً أو غير مباشر، يمنح الحرب قدرة ذاتية على الاستمرار. ولذلك تحتاج واشنطن إلى إطلاق آلية دولية للتحقق الميداني، تضم مراقبين بصلاحيات واضحة وتقدم تقارير دورية إلى مجلس الأمن، مع ربط أي انتهاك بإجراءات قابلة للتنفيذ. إذ لا يمكن لأي عملية سياسية أن تبدأ دون تقليص نفوذ اقتصاد الحرب الذي أصبح ركيزة أساسية لتمويل الأطراف السودانية.

وأكدت أنه في هذا السياق، يشكل البحر الأحمر محوراً لتجفيف مصادر التمويل، عبر مراقبة تهريب الذهب والنفط، وفرض عقوبات على الشبكات الوسيطة، وبناء شراكات مع الدول الساحلية لضبط الحدود البحرية، إضافة إلى دعم برامج اقتصادية بديلة للمجتمعات التي تعتمد على اقتصاد التهريب. فالبنية الاقتصادية للحرب، وليس فقط موازين القوة العسكرية، هي التي تعيد إنتاج الصراع، وطبقاً للتفاعلات الراهنة، فإن أحد التحديات الراهنة يتمثل في ضرورة إدارة العلاقة مع الحلفاء. فالتعاون مع هؤلاء الحلفاء أصبح جزءاً من هندسة الأمن الإقليمي الأمريكي، غير أنه يحتاج إلى ضوابط واضحة تمنع أي انخراط في الصراع السوداني يؤثر على الاستقرار أو يساهم في إطالة أمد الحرب.

ونوهت إلى أنه في رؤية اتجاهات أمريكية، يبدو من الضروري دمج السودان في الاستراتيجية الأمريكية للبحر الأحمر والمحيطين الهندي والهادي، باعتباره نقطة اتصال في شبكة أمن الملاحة العالمية، وليس مجرد ملفاً إنسانياً أو سياسياً. ويتطلب هذا المسار وجوداً استثمارياً أمريكياً أكبر في الموانئ والبنية التحتية، وتعاوناً مستمراً مع الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر. ووفقاً لذلك، فإنه بهذه الطريقة فقط يمكن للولايات المتحدة أن تستعيد قدراً من التأثير الاستراتيجي في المنطقة.

وذكرت أن الأزمة السودانية، في جانب منها، اختبار لقدرة الولايات المتحدة على صياغة دور جديد في جنوب العالم، في ظل تناقص فاعلية القوة الأمريكية وصعود قوى إقليمية تمتلك إرادة مستقلة. فالفشل الأمريكي في التعامل مع السودان قد يفتح الباب أمام مزيد من التمدد الصيني–الروسي، الأمر الذي يتعارض مع مصالح واشنطن في الأمن البحري والموارد الطبيعية والممرات الاستراتيجية. ولذلك، فإن نجاح السياسة الأمريكية يتوقف على قدرتها على تطوير مقاربة تتجاوز ردود الفعل، وتستند إلى فهم أكثر عمقاً لتوازنات الداخل السوداني وديناميات الإقليم.

وأشارت إلى أن مستقبل الدور الأمريكي في السودان سيكون مرهوناً بمدى قدرة واشنطن على التعامل مع أربعة تحديات: ضبط تدفق السلاح، تجفيف اقتصاد الحرب، إدارة التحالفات الإقليمية بصورة رشيدة، وبناء مسار سياسي سوداني يستند إلى دور مدني حقيقي. فإذا استطاعت أن تحقق توازناً بين هذه العناصر، فإن ذلك سيعيد صياغة حضورها في البحر الأحمر وشرق أفريقيا. أما إذا بقيت المقاربة مجزأة وغير قادرة على استيعاب التحولات الكبرى، فسيظل السودان ساحة مفتوحة للتنافس الدولي، وربما تتحول الحرب إلى صراع ممتد يعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة.

واختتمت تحليلها، بأنه تظل حقيقة مركزية هي أن السودان، بما يحمله من موقع ورهانات وموارد بشرية وجغرافية، ليس اختباراً لاتجاه السياسة الأمريكية فحسب، بل نقطة قياس لتحولات النظام الدولي نفسه. فالقدرة الأمريكية على استيعاب هذه اللحظة المعقدة محلياً وإقليمياً ودولياً ستحدد ليس فقط مستقبل الصراع في السودان، وإنما شكل حضور واشنطن في الجنوب العالمي خلال العقد القادم