أمل خليفة تكتب: زيارة المفتي للمسجد الأقصي

صدم أنظارنا منذ عدة أيام ، خبر زيارة مفتي بلادنا ، الشيخ علي جمعة ، للمسجد الأقصي .وتعالت الأصوات الغاضبة ، مستنكرة أن يذهب مفتي مصر بثقله إلي الأقصي ، بإذن من الصهاينة ، وفي حمايتهم . وكلنا يعلم أن مؤسسات مصر كلها ، وعلي رأسها المؤسسة الدينية ، الإسلامية والمسيحية علي حد سواء ، سبق أن أعلنوا رفضهم لدخول القدس ، تحت الاحتلال ، باعتباره تطبيعاً مرفوضاً للعلاقات مع الكيان الصهيوني ، وإضفاءً لشرعية الاحتلال ، بل وتجميلاً لصورة المحتل ، الذي سيظهر أمام الإعلام العالمي ، كأنما هو حامي حمي المقدسات الدينية ، وأن الأبواب - وتحت مظلته وحمايته -مفتوحة لكل علماء الدين ، بما لهم من ثقل ، ليدخلوا إليها آمنين وقتما شاءوا .كلنا يعلم مقولة بابا الأرثوذكس الراحل ، البابا شنودة ، أن المسيحيين لن يدخلوا إلي القدس ، إلا وأيديهم في أيدي إخوانهم المسلمين ، يوم أن تتحرر من غاصبيها ، بالإضافة إلي تصريحات جميع مسئولي النقابات المهنية في مصر ، علي اختلافهم ، برفض التطبيع ، وتبادل الزيارات ، التي تدخل في إطار العلاقات الودية ، التي ما كان لها ان تكون بيننا وبين الصهاينة ، بينما نحن نراهم بصورة شبه يومية ، يقتلون ، ويشردون ، وينكلون بإخواننا في فلسطين ، بل ويقتحمون حرمة المسجد الأقصي ، ويهددون أهل القدس خاصة.الغريب أن هذه الزيارة جاءت ، في نفس اليوم الذي تسلم فيه الشيخ عكرمة صبري ، خطيب المسجد الأقصي ، خطاباً من السلطات الإسرائيلية ، يخبرونه فيه بأنه ممنوع من دخول المسجد الأقصي - الذي هو خطيب فيه لمدة شهرين ! كما اننا في اليوم التالي لزيارة المفتي ، علمنا أن الشيخ رائد صلاح ، أسد الأقصي العنيد ، الذي عاد إلي فلسطين من المملكة المتحدة ، ممنوع بدوره من زيارة القدس !أما الأسبوع الماضي ، فقد شهد سلسلة من الاعتقالات والترحيلات ، طالت عدداً من الناشطين الأجانب ، في مطار بن جوريون ، بتهمة أنهم جاءوا للتحريض ضد أمن البلاد ، رغم أنهم قد أتوا في زيارة سلمية للأراضي الفلسطينية ، والتضامن إنسانيا ، مع الفلسطينيين .تُري لماذا تمنع السلطات الإسرائيلية شيوخ الأقصي ، وأهله ، من دخول القدس ، وتقوم بالقبض علي الناشطين من كل بلاد العالم ، ممن جاءوا لمناصرة أهل فلسطين ، في الوقت الذي تفتح فيه ذراعيها مرحبةً بزيارة مفتي مصر ، ومن قبله الحبيب الجفري اليمني ليدخلوا المسجد الأقصي، بإذنهم ، وتحت حمايتهم ؟المفتي من جهته أراد أن يدفع عنه تهمة حصوله علي التأشيرة الإسرائيلية ، والدخول تحت حمايتهم ، فصرح أنه إنما دخل بإذن من السلطات الأردنية ، وحراسة الجنود الأردنيين ، وانه لم ير أياً من جنود الاحتلال ، لكن علماء القدس وأهلها للأسف كذبوه ، وذكروا أن جنود الأمن الإسرائيلي، كانوا منتشرين في كل أرجاء المسجد الأقصي ، لتأمين زيارته مع المسئول الأردني ، بينما أكدوا أنهم ، وهم أهل البلاد ، لا يستطيعون دخول القدس إلا بعد سماح سلطات المحتل الغاصب لهم بالدخول ، فكيف بضيف مصر الكريم ؟ألم يتساءل مفتي بلادنا لماذا أدخلوه إلي المسجد الأقصي من باب المغاربة ، وهو الباب الوحيد في المسجد ، الذي استولي الصهاينة علي مفتاحه عشية احتلالهم للمدينة المقدسة ، وهو ذاته الباب الذي سبق أن دخل منه المجرم شارون في حراسة الجنود، حين اقتحم المسجد الأقصي منذ أكثر من عشرة أعوام مضت !ما إن علت الأصوات ، مستنكرة ما فعله المفتي ، ومنها أصوات من الأزهر ذاته ، حتي بادر المفتي بالتصريح بأنه لم يذهب إلي المسجد الأقصي بصفته الرسمية ، وإنما ذهب بصفة شخصية !!والآن نري الوقفات الاحتجاجية ، ممثلاً بها مختلف الجهات ، ومنها جهات دينية ، بل وأزهرية ، تقف أمام دار الإفتاء المصرية ، تستنكر ما فعله المفتي ، وتتعالي المطالبات بعزله من منصبه ، وساعتها سيصبح حراً طليقاً ، يمكنه أن يذهب بصفته الشخصية إلي حيث يشاء .