وزير التعليم .. والتجربة الدنماركية

بقلم : محمد طلبة** كلما سمعت عن جولة مفاجئة لوزير التربية والتعليم الدكتور أحمد زكى بدر أتذكر عادل إمام وفيلم التجربة الدنماركية.. وتحديداً مشهد زيارة وزير الشباب والرياضة عادل إمام لأحد مراكز الشباب.. قعدة جوزة وغرزة حشيش ودستة مساطيل لينتهي المشهد بالوزير يطارد الموظفين بالجزمة ..لا أتذكر تفاصيل المشاهد المضحكة حد البكاء..والبكاء بعد الضحك عادة مصرية قديمة لا اعرف أن كانت قد انقرضت بوفاة أمي يرحمها الله التى كانت تختتم وصلة الضحك والسخسخة بمسح دموعها وهى تقول: اللهم اجعله خير** المهم عندما قام وزير التربية بأول جولة مفاجئة كنت أصفق له وأشفق عليه فى آن واحد .. لأننى لم أكن أتصور انه سيخرج من ( حرق الدم) فى الجولة إلا وهو يطارد المدير أو أحد المعلمين بالجزمة .. نعم كنت متأكداًَ أن الوزير سيصدم بتكرار مشهد مركز شباب فيلم التجربة الدنماركية فى كل مدرسة ( وأنا لا أبالغ) ولا أنسج سيناريوهات من خيال فقد تابعنا قعدة حشيش حقيقية فى إحدى المدارس ( لا أتذكر إن كانت حشيش أم بانجو)** ما علينا .. فى كل جولة سمحت ظروفي بمتابعتها كان الوزير ( يفش غله) فى عقوبات رادعة ( البعض اعتبرها قاسية) وتمنيت أن يستمر ولا تردعه مناكفات حقوق الإنسان و لا نفاق بعض أعضاء مجلس الشعب الذين لا يترددون في التوسط للمتورطين.. ولذلك (زعلت منه جداً) عندما استجاب لأحد النواب وتراجع عن قرارات اتخذها بحق بعض المقصرين .. وقلت لنفسي هذه بداية نهاية الحلم وستبدأ تنازلات الوزير التي لن تنتهي ..** نعم كنت أتمنى من الوزير أن يستمر بل تمنيت أن يقلده الوزراء الآخرون ولو فعلوا لاستعاد الضمير المصرى صحوته والنظام المصرى انضباطه والقضاء المصرى هيبته وقطعنا عيش المسترزقين بحقوق الإنسان.. وكنت أبالغ فى تمنياتي أحياناً واعتقد أن ( السيستم حيظبط) و لن نجد رشاوى وصلت حد التسعيرة لدخول كليات الشرطة.. والكليات العسكرية وحتى وظائف ( الغفر) ولن نرى الواسطة تصل حد تعيين الوعاظ والأئمة والخطباء فى المساجد ولن نصدم بتجاوزات فى اقسام الشرطة ولن نسمع عن مافيا المحامين التى تشترى الاحكام من قضاة فقدوا ضميرهم واحترامهم لميزان العدل.** أنا لا اعرف الوزير أحمد بدر شخصياً ولا أستطيع الحكم بحيادية على تجربة والده زكى بدر فى وزارة الداخلية إذ أن كل وزير داخلية مصرى ارتبط فى ذاكرة المصريين بالقمع والبطش إلا من رحم ربى مثل شيخ العرب محمد عبد الحليم موسى أو ضحية أحداث الأمن المركزي أحمد رشدي.** كما قلت أنا لا أعرف الوزير لكننى لا زلت معجباً به مستعداً لتناسى هفواته والتسامح حتى مع هذه الروح البوليسية التى يتعامل بها مع زملاء مهنتى الصحفيين وأرجوه أن يتوقف عنها من أجله وإلا ستصبح الحبة قبة فأنا أعرف الصحفيين حين يغضبون .** ويبدو أنه لم يسمع كلامى هذا الذى قلته ( فى سرى) لكننى واثق من أنه سمعه من بعض المخلصين من مستشاريه ان وجدوا.. لكنه لم يعمل به ..وهذه هي النتيجة** لقد أصبحت الحبة قبة .. وها هى الأخبار تتناقل ضحايا الوزير من مراقبى الثانوية العامة الذين يتساقطون موتى تحت ضربات الشمس والظروف غير المهيأة للمراقبة والتصحيح.** ( وخلونا) نرجع للحكاية من البداية بعيداً عن غضب الصحفيين .. بصراحة أنا سعدت جداً لأنني لأول مرة هذا العام أسمع عن أزمة المراقبين والمصححين .. وسبب فرحتى ( التى أعرف أنها ستجلب علىُ غضب كل مدرس يقرأ مقالى ) إننى أعتقد أن سبب الأزمة هو أن الوزير أراد أن يطبق النظام و لذلك لم يسمح باعتذار أى مراقب أو مصحح إلا عبر القومسيون الطبى الذى يحدد ما إذا كانت ظروفه الصحية تحول دون ممارسة واجبه أم لا .. وبدأ الصراخ والشكوى للصحف والاتصال بالصحفيين الذين تجاوبوا مع العويل ليس من اجل عيون المصححين والمراقبين ولكن لأنهم ناقمون على الوزير وبدأت ( الحسابة تحسب) : مات المراقب الأول .. والثانى.. وأربعة فى المحافظة الفلانية .. ووصل عدد القتلى إلى كذا .. وعندما لم يوجد قتلى لا مانع من إبراز خبر إصابة رئيس لجنة الثانوية العامة فى الفيوم بجلطة .** أنا أتفهم أن حزم الوزير فى التعامل مع ظاهرة اعتذار المراقبين والمصححين كان يجب أن يواكبه توفير الظروف المناسبة لمعيشة المدرسين خصوصا أنهم يراقبون فى غير محافظاتهم ويصححون فى القاهرة لكن هذه الظروف لم تتوفر يومًا فى السنوات الماضية فلماذا كل هذه ( الجرسة) هذه السنة ؟** الأمرلم يتوقف عند (الجرسة) بل وصل إلى أن أصبحت هناك نقابة معلمين مستقلين ( النقابات المستقلة أصبحت موضة ولا اعتراض على ذلك بل أنى أشجعها ) ونقابة المعلمين المستقلين سوف تعقد محاكمة شعبية للوزير .. واللجنة التحضيرية بدأت الأسبوع الماضي إعداد لائحة الاتهام , ليس هذا فحسب بل إنها بدأت إعداد ملف خاص عن الوزير يضم سيرته الذاتية قبل تقلده منصبه وقراراته منذ توليه الوزارة .. ثم ما يثبت مسئوليته الإدارية والجنائية عن وفاة أربعة مراقبين فى اللجان لأنه ضغط جدول الامتحانات وعقدها فى 15 يوم فقط دون توفير ظروف معيشية وصحية وقبل ذلك تشدده فى قبول الاعتذارات عن أعمال الامتحان.** ربما كل هذه الاتهامات أو بعضها صحيحاً وتحتاج إلى قرارات من الوزير لتلافيها فى الأعوام القادمة لكن : هل كان المراقبون يعيشون فى رغد من العيش الاعوام الماضية أم كانوا ( حسبما سمعت) يستضيفهم كبار القوم فى القرى والنجوع والفطير المشلتت والحمام مقابل تسهيلات تمنح داخل لجان الامتحان لأبناء من أطعموا الفم لتستحى العين ؟! هل التشدد فى قبول الاعتذارات خطيئة تستحق ( الجرسة) والفضيحة والمحاكمة الشعبية أم ان انهيار منظومة القيم فى بر مصر جعل الميزة عيباً فى ظل وجود صحفيين ( عاوزين جنازة يشبعوا فيها لطم).** يا وزير التربية والتعليم .. رغم تعاطفى معك أنا شخصياً لم أر منك حتى الآن سوى القشور.. فمعظم المدارس ليست سوى مراكز شباب التجربة الدنماركية .. والمناهج لاتخرج سوى ببغاوات .. والفصول تعج بالمطاوى وفلاشا المشاهد الجنسية ...والمدرسون ( إلا من رحم ربى ) ربما يقبلون العمل حتى بدون مرتب لأنهم يعتمدون على الدروس الخصوصية .. وبوابات المدارس تشهد معارك الطلاب بالسنج والسيوف .. وتجار البانجو والحشيش يمارسون نشاطهم داخل المدارس الحكومية والخاصة بلا استثناء .. والفصول تشهد حالات زواج عرفى وزواج بالدم .. وهناك طالبات حوامل من مدرس ( حيوان ) وطالب ( حليوة).** يا عم الدكتور .. أنا متفائل بأنك ستستمر فى الوزارة لكن المهم ألا تخاف من عش الدبابير ( وتخبيط الحلل) .. شوف المنهج والمدرس والمدرسة علشان مصر تشوف النور ويطلع لنا زويل جديد ومحفوظ جديد ويعقوب جديد ولا يعود أطباءنا من السعودية لأنهم رسبوا فى اختبار ترخيص مزاولة المهنة .. ونصدر للكويت سنهورى آخر وبهاء الدين آخر وطليمات آخربعد أن صدرنا لهم العام الماضى عاملات نظافة يعنى بصراحة ( خدامات )