ربيع عبد الحميد يكتب: ما ليس يضمنه أحد

بعد أن غنى العالم كله وفى وقت واحد «اسلمى يا مصر إننى الفدا» وبعد أن أثبتا لهم قدرتنا على التحدى والبناء فقد كتبت عنا الصحف وتناقلت إنجازاتنا الوكالات العالمية، فلسنا أقل من غيرنا، لأننا نستطيع أن نبهر الدنيا إذا حان وقت العمل؛ فقد فرغنا من الفرحة وسمعنا دوى صافرة البداية الجبارة، وعلينا ألا ننظر إلى الوراء مهما كانت المكدرات والمنغصات لأن نيل المطالب لم يكن أبدا بالتمنى.
لماذا يعترض البعض على قانون العمل الجديد الذى يربط الأجر بالعمل؟ ما العيب أو النقيصة فى ذلك؟ كفانا فهلوة والاكتفاء بالتوقيع والانصراف وعلى قدر فلوسهم أشتغل والمحصلة صفر.. لم تعد الأصفار تجدى فنحن فى عالم أصبحت الثانية فى الحياة لها ثمن ونحن أضعنا الساعات والشهور والسنين، وما جنينا سوى التخلف عن ركب الحضارة والمدنية. فلماذا لا نحاول اللحاق بهم حينما واتتنا الفرصة؟
عندما تحطمت هيروشيما ونجازاكى فى اليابان وتساوت بالأرض لم تولول النساء أو يملأن الأرض صراخا بل حملن على عاتقهن العودة من جديد وجمعن حطام المنازل وأعدن ترتيبها وذهب الرجال إلى المصانع يعملون 18 ساعة بنصف أجر، وتحملت اليابان مسئولية تعليم الأولاد.. هكذا تبنى الدول.. وعندما تولى مهاتير محمد مقاليد الحكم فى ماليزيا كانت دولة نامية فقيرة معدمة إلا أنه وضع شعبه فى امتحان شاق عدة سنوات يعملون ليل نهار بأجور ضئيلة إلى أن عادت ماليزيا من جديد، وعندما سألوه عن سر نجاحه، قال: عندما كنت أعمل أنظر إلى اليابان، وعندما كنت أصلى أنظر إلى الكعبة.. الأمثلة كثيرة أمامنا لدول كانت نامية أقصد كانت نايمة والآن يشار إليها بالبنان كدول عظمى مثل البرازيل وتايوان وسنغافورة.
دعونا نرسم معا ملامح الوطن لنبنى الصرح ونشد أوصاله ونفتح نوافذ الأمل لننظر من خلالها إلى الغد المشرق الذى نتمناه جميعا ومعنا الأولاد والأحفاد نسرع الخطى لنصعد الدرجة الثانية من سلم التقدم والمدنية.. لكن هذا لا يأتى إلا بالعمل الجاد الشاق مهما كانت العوائق والتحديات. سنوجه مؤشر البوصلة الى الأمام.. وبعد أن فرحنا كثيرا.. الآن دقت ساعة العمل.